سلط النيهوم ضوء مصابيحه على مشاكل المجتمع الليبي وقضاياه وشخص لنا أمراضه بأسلوب ساخر مليء بالغضب والثورة على الجهل والمرض والتخلف، ونبذ بعض العادات السلبية القديمة البائسة، كالجهل، ونظرة الرجل إلى المرأة، والمعرفة، فتكاد تجزم بوجود شخصية حية نابضة مثل “الحاج الزروق” تجده ينتظرك في مفترق أحد الطرق غير المعبدة في شوارع “بنغازي” القديمة ذات ليلة صيفية مقمرة من عام 1966 م لو شاء القدر وامتلكت آلة للسفر عبر الزمن.
(يقال أن الحاج الزروق الذي يحب العيال الذكور حبا جما ويكره البنات، كان يملك في حوزته كلبة وامرأة. فأنجبت كلبته ذات مرة سبعة ذكور، وأنجبت امرأته في اليوم التالي بنتا واحدة، فوقف عند باب الدار وقال لامرأته معيرا : “يا ريتني. يا ريتني تزوجت الكلبة”).
قد تقابلك هذه الشخصية الأمية في بعض محطات حياتك، ترتاد معها نفس المقهى وتنتظر معها الطبيب وسيارة الأجرة، وقد تتقاسم معك وتشاركك شرب فنجان القهوة أو “طاسة الشاهي باللوز”، وتنصت إليك وتصيخ السمع باهتمام شديد وأنت تقرأ قصص النيهوم، بل وقد تطلب إليك إعادة القراءة لبعض مقاطع قصص القويري أو خليفة التكبالي أو المصراتي، وكما قال النيهوم : “أن الجهل ليس هو الأمية “
أرى أن الثقافة والتطور والعلم، لم يقتصر على من يقرأ ويكتب في ذاك العصر، وأن تأثير أدباء تلك المرحلة من شعراء وكتاب قصة ورواية، هوس حميد نال من جسد كل طبقات المجتمع، ذلك أن التعطش إلى المعرفة وإلى التقدم والتمدن، كان الهدف السامي بعد الخروج من ويلات الحروب المتتالية وتدفق النفط ونيل الاستقلال، وأن الارتواء من منابع المعرفة قد حان أوانه .