عبدالحكيم عامر الطويل
“تاغدا” ضاحية من ضواحي مدينة يفرن بجبل نفوسة الليبي … ثاني أكبر مدن الجبل (البالون الأحمر في الصورة الجوية المرفقة)، وفي تِبَسة بالجزائر موجودة، وفي المغرب كذلك!
لا نستغرب ذلك طالما أن هذه المنطقة كلها سكنها الأمازيغ منذ آلاف السنين، هو اسم أمازيغي “مُفرد مؤنث”، فالمفرد المؤنث في الأمازيغية هو بعكس العربية.. يبدأ بالتاء ولا ينتهي بها! عند التوارق -أمازيغ الصحراء- هو رمح خشبي نحيل ذو رأس حديدي حاد، وفي آلة النول العمودي هناك عمودين يسميان تاغدا (9 و14 في الصورة المرفقة).
يعني هذا الاسم الهضبة الجبلية أو حتى الرملية المرتفعة في جبل نفوسة، وعند المزارعين الأمازيغ تاغدا هي الكُثَيِّب الذي نصنعه بحصائد الزرع والقمح قبل جمعها. هذا النطق بتسكين الغين مع ميل خفيف لضمها يُعيدنا إلى أصل الكلمة وهو تــاغــودا، أي “الفضل” الذي نتحصل عليه من عملية الزرع أي الزيادة والنماء والكثرة والوفرة.
القطط الكبيرة التي تفترس القطط الأليفة والبيض والدجاج تسمى كذلك تــاغدا.. وهذه إشارة قوية إلى وجود الأسد الأطلسي بالذات في هذه المنطقة منذ قديم الزمان قبل أن يتسبب الرومان في وشوك انقراضه في حلباتهم المرعبة!! ما أعطاها هذا الاسم هو حجمها وقوتها على أي حال، فإذا أضفنا له المعاني التي أتينا بها من الحياة الزراعية المرتبطة بالأرض والمعنى الجغرافي للكثيب ورأس السيف التارقي ورأس عمود النول … يتبين لنا حقيقة تاريخية وهي أن المعنى الأصلي لتاغدا هو “الأكبر الذي في القمة”!