هدى القرقني
عندما عزمت على السفر والبقاء بعيداً لمدة شهر لظروف العمل،وأخبرتها بذلك، قالت لي وهي تودعني وتضع في يدي كيساً صغيرًا وأنيقًا من الكارتون الملون:
– كتبت لك ثلاثين رسالة، حتى لا تفتقدني، ولكن أريد منك وعداً أن تفتح كل واحدة في اليوم الذي كتبته لك عليها …
سألتها مستغرباً
– هل كتبتِ ثلاثين رسالة في هذا الوقت الضيق!!
– نعم!! فعلت!!
لم يكن وقتها وجود للهواتف الذكية ولا لرسائل الواتساب والماسنجر، عندما غادرت، وجلست في غرفة الفندق بعد رحلة متعبة وطويلة، لم أشعر إني وحيد، فهذه الرسائل كانت تشعرني وكأنها هي من معي، ترافقني وتشاركني كل شيء، أخرجتها من حقيبتي، شممتها ووضعتها على الطاولة، كان مكتوب على كل واحدة منها، يوم الأحد، الساعة العشرة، والأخري يوم الأثنين الساعة العاشرة، الثلاثاء، الأربعاء، الخميس، الجمعة، رتبتها كل واحدة حسب اليوم والتاريخ.
بقيت أترقب الساعة العاشرة مساءً كل يوم لنلتقي على الورق كما قالت لي، ذات يوم وددت لو أفتحها كلها مرة واحدة لأطفئ بفيض كلماتها شوقي، ولكن تذكرت وصيتها لي وموعدنا كل ليلة.
هذا اليوم تأخرت في العودة إلى الفندق، نظرت إلى ساعتي وجدتها قد تجاوزت الحادية عشرة، شعرت بقلق شديد، لقد تأخرت عن موعدها، كيف لي أن أعتذر عن انشغالي عنها،دخلت مسرعاً إلى غرفتي، أخذت الرسالة رقم الحادية عشر، فضضتها، شعرت بوخز في حلقي عندما وجدت الورقة بيضاء إلا من تاريخ يتربع أسفلها ليشهد على غيابي، ترى هل شعرت بأني لن أكون في الموعد في هذا اليوم فلم تترك إلا سطوراً فارغة، خفت أن يكون ما تبقى من رسائل هي أيضاً كذلك، حاولت فتحها ثم عدلت، ولكن وعدت نفسي أن لا أتأخر مرة ثانية عن موعد الساعة العاشرة لأجدها تنتظرني.