المقالة

طرفة أدبية

من مقالات منتصف اللّيل (8)

من أعمال التشكيلي الليبي محمد الخروبي
من أعمال التشكيلي الليبي محمد الخروبي

يروى أنّه في زمن الحجاج اصدر امرا بمنع التّجول ليلا وامر العسس بضرب رقبة اي شخص يلقوه خارج بيته بعد صلاة العشاء. وفي ليلة وجد العسس ثلاثة صبيان سألوهم لماذا خالفتم امر الحجاج وتعلمون أنّ عقابكم هو ضرب رقابكم فورا؟

قال احدهم:

انا ابن من دانت له الرقاب، ما بين مخزومتها وهاشمها.

تأتي اليه الرقاب صاغرة، يأخذ من مالها ومن دمها.

قال العسس لعله من اقارب الحجاج فتركوه.

وقال الثّاني:

انا ابن الذي لا ينزل الدهر قدره، وان نزلت يوما فسوف تعود.

ترى الناس افواجا الى ضوء ناره، فمنهم قيام حولها وقعود.

قالوا: الاكيد أنّه ابن احد اشراف العرب فتجاوزوه.

فقال الثّالث:

انا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه، وقومها بالسيف حتى استقامت

ركاباه لا تنفك رجلاه عنهما، اذا الخيل في يوم كريهة ولت.

قالوا: علّه ابن احد شجعان العرب فخلوه.

وفي الصباح جاءوا بهم للحجاج وبعد التحقيق اتضح أنّ الاوّل ابن حلاق والثّاني ابن بائع الفول والثّالث ابن صانع حدوات الخيل (قيل ابن خيّاط). تعجب الحجاج من فصاحتهم فقال قولته: علموا اولادكم الادب فلولا فصاحة هؤلاء لضربت اعناقهم.

اطلقهم وهو ينشد:

كن ابن من شئت واكتسب ادبا، يغنيك محموده عن النسب.

إنّ الفتى من يقول ها انذا، ليس الفتى من قال كان ابي.

تحية وسلام في الختام.

مقالات ذات علاقة

شجون وزفرات :: سقوط الحائط الرابع بين مسرح الفرجة ومسرح الحياة

المشرف العام

حكاية عطر الأجساد.. رواية عربية من الصحراء الليبية

المشرف العام

الساخرُ اللاذع

يونس شعبان الفنادي

اترك تعليق