هنادي قرقاب
حَلَّ الخريفُ يداعي الناس للّحدِ
يا غصّةَ الورَقِ المحشورِ في الخلدِ
كلٌّ يعزّي جميعًا في مصيبتنا
في كلِّ قلبٍ عزاءٌ قائمٌ أبدي
لم ندرِ من عاش!
كلٌَ مات مغترفًا
من سيل درنةَ أرواحًا بلا عددِ
ننعى صديقًا ونرثي إخوةً وأبًا
يا وادِ درنةَ هل أبقيتَ من أحدِ؟
لكم تغنت له الأشعارُ مطرِبةً
وكم تمشى عليه القومُ في رَغدِ
وكم تجارى بهِ أطفالهم لعبًا
وكم حكى عنْك أجدادٌ.. ولم تجُدِ!؟
غدرْتَ غدرَ السباعِ الغائظين وما
رحمْتَ داراً ولا روحًا على الصددِ
قد كنت زاهٍ ومخضرًا ومزدهرًا
وصرتَ قبرًا جماعيًّا
ولم تعُدِ..
ديدنُ الموتِ فردٌ..بل ويفجعنا!
فكيف آلافُ أحبابٍ ومُفتقَدِ!؟؟
ننبّشُ الردمَ في يأسٍ وفي أملٍ
لعلهُ استرحمَ الأحبابَ بالخضدِ
نبكي عوائلنا جمعًا
ويقهرنا أنّا نجونا….
ولحدُ العيشِ لم يُفِدِ!
تعتقت هذهِ الذكرى
تكررها عينٌ
يهلوسها بالٌ بلا رشَدِ
غدًا نفيقُ بلا أهلٍ ولا أملٍ
ولا صديقٍ ولا جارٍ ولا لبدِ
غدًا نشرّدُ لا مأوى يجمّعنا
ثكلى وجرحى وأيتامٌ بلا عمدِ
غدًا وأيُ غدٍ باقٍ لعيشتنا؟
حتمًا ستحرِقُنا أشواقنا بغدِ
الشمسُ ما أشرقت من شرقنا وجعًا
غضا على وطني ليلٌ إلى السمدِ
ترسَّم السيلُ فينا كلنا وجرى
دمعًا دفوقًا من الأحداقِ والكبدِ
عِمنا بكاءً أبينا أن توحدنا
إلا سيولٌ من الأمواتِ والرمدِ
فاتورةٌ سعرُها الأرواحُ غاليةٌ
قد وحّدتنا بإذن الواحدِ الأحدِ
واليومَ عدنا نحادي بعضنا أسفًا
ونسنِدُ الشرقَ بالأرواحِ والمُدُدِ
نحنُ الملاذُ لكم والدارُ دارُكُمُ
والأهلُ أهلكمُ يا إخوةَ البلدِ
فداكَ كُليَ يا نصفي ويا عضدي
لا باعد اللهُ بينَ الروحِ والجسدِ