الطيوب
تحت هذا العنوان نشر د. خالد محمد الهدار عضو هيئة التدريس بقسم الآثار بجامعة بنغازي ، هذا الكتيب الذي يعد جزءاً من سلسلة الكتيبات التوعوية عن المواقع الأثرية الليبية المعنونــــة بـ “ما يجب أن تعرفه عن آثار … ” والـموجهة لغـير المتخصصين من الليبيين ليزدادوا فهماً ومعرفة بآثار بلادهم وتاريخهم القديم من خلال اطلاعهم على ما تبقى من المواقع الأثرية التي يعيشون بجانبها أو بعيداً عنها، وهذه المعرفة تزيدهم يقيناً بأهمية تلك المواقع ومن ثم وجوب المحافظة على معالمها الأثرية؛ لأنها جزء من تاريخهم وهويتهم، وتعد تلك المواقع في الوقت نفسه من ضمن التراث الإنساني إذ أنها جزء من تاريخ البشرية، وهذه من الأسباب التي تدعو لحماية المواقع الأثرية والتراثية الثقافية، زد على ذلك كونها شاهدًا ماديًا عن ذلك التاريخ، و يمثل كل موقع جزء من تاريخ ليبيا وما مر بها من حضارات محلية أو وافدة تركت آثارها منتشرة على ارضها، هذا الإرث الثقافي يجب توصيله بأمانة إلى الأجيال القادمة بعد الحفاظ عليه والاستفادة منه معنوياً في تعزيز الهوية والوحدة الوطنية، وماديًا باستغلال عائداته السياحية في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيزًا للاقتصاد الوطني.
وقد خصص هذا الكتيب لآثار منطقة رأس الهلال وهي منطقة شهيرة سياحيا يرتادها الكثير من الليبيين للاستمتاع بشاطئها البحري وجبالها المزدانة بأشجار الزيتون البري والشماري والخروب والبطوم والعرعار (الشعرا) وغيرها، إضافة إلى مصادرها المائية الخلابة والمتنوعة. وعلى الرغم من ذلك فإن الكثير لا يعلم معلومات عن تاريخها القديم ولا آثارها الموزعة في أماكن متفرقة، والتي يحاول الكتيب تقديمها، ولعل أشهر معالمها والمجهولة لدى الكثيرين هي كنيستها البيزنطية التي بنيت في القرن السادس الميلادي عندما كان اغلب سكان إقليم كيرينايكي/ برقة يعتنق الديانة المسيحية/ النصرانية. ويركز الكتيب على دراسة بقايا تلك الكنيسة من حيث التعريف بها ودراسة تطور استعمالها حتى ما بعد الفتح الإسلامي حيث استدل على ذلك العصر بالنقوش العربية/ الإسلامية التي كشف عنها في تلك الكنيسة، ويعد ما نشر هنا تطويراً لما نشر سلفًا وفقا لتطور الدراسات عنها وهي قليلة، ولعل أهمها دراسة مارتن هاريسون عن تلك الكنيسة الناتجة عن الحفريات التي أشرف عليها في أوائل الستينيات. إضافة إلى دراسات أخرى أجريت على كنائس الإقليم سوف يشار إليها أدناه للمقارنة.
كما تناول الكتيب بعض المعالم المميزة التي تقع جنوب رأس الهلال والمقصود هنا مقابر صنيبات العويلة التي تعد أبرز المقابر التذكارية خارج مدينة قوريني، حيث قام المؤلف بتسليط الضوء عليها وصفاً وتعليقاً؛ ولم يهمل وصف بقية المقابر غير التذكارية المنتشرة هناك كان من بينها مقبرة حجرة اكتشفت حديثاً.
وإن كان الكتيب موجهاً في الأصل إلى غير المتخصصين، إلا أن الآثاريين سيجدون ضالتهم أيضًا فيه، حيث حرص الهدار على تزويده بتفاصيل عن العمارة وما يخص بعض النواحي الفنية مثل الفسيفساء، إضافة إلى الهوامش التي توثق المراجع العلمية التي استفاد منها واقتبس منها معلوماته، وبهذا فالكتيب تعم فائدته على الباحثين إلى جانب غير المتخصصين.