حوارات

هدى عبداللطيف .. سيدة المتناقضات والرقم الصعب

الطيوب | حاورتها: أسماء بن سعيد

الفنانة الليبية هدى عبداللطيف (الصورة: عن الشبكة)
الفنانة الليبية هدى عبداللطيف (الصورة: عن الشبكة)

فنانة بدرجة مثقفة، لا تعترف بالنجومية محليًا والمسرح بالنسبة لها جزء من تكوينها وكينونتها

– يقال أحذر المرآة التي لا تخجل من ذكر سنها فهي سيدة حقيقية واثقة ومعتدة بنفسها ولا يوجد اي شيء يمكن أن يكسرها. مع العلم ان العمر قد يعتبره حتى بعض الرجال مشكلة ويحاولون اخفائه فما بالك بالنساء.

و لان دائما لكل قاعدة استثناء أو تأكيد ضيفتي وضيفتكم اليوم نصيحة صغيرة قبل آن تفكر في إجراء حوار معها حاول ان تكون مضطلع على تاريخ الفن الليبي والعالمي وحتى الآدب بمختلف  مدارسه ، فهي مثقفة من طراز رفيع ، تصدمك بمستوى وعيها وثقافتها ودقة المعلومة التي تدلي بها ، حين تتقمص الشخصية تجيدها وبجدارة هي مجموعة من التناقضات رقيقة ولكنها تدافع عن حقها بشراسة ، خجولة ولا تخشى قول كلمة الحق مهما كان الموضوع غير مجاملة وهذا ما تسبب لها في بعض الاقصاء من مشاركات واعمال كانت تستحق ان تكون من ضمن ابطالها فهي إضافة لأي عمل تكون من ضمن المشاركين فيه.

الحوار معها قد يبدوا بسيطًا وسلسل ولكنك وجب ان تتعامل بحذر فكأنك تسير وسط حقل الغام قد ينفجر في وجهك في اي لحظة وبلا سابق مقدمات عفوية حد الطفولة أنثى وامرأة شديدة، قوية، حنونة، أم واخت وصديقة ولا أروع.

هي كل هذا وأكثر، وهذه بعض المحطات للتعريف بها.

– اسم الشهرة: هدى عبداللطيف @الهدهد الزايدي، الاسم في البطاقة الشخصية: مبروكة علي الطويل.

ترتيبها الأول بين ثمانية أشقاء وشقيقات من الأب والام ذاتهم بالإضافة لأخت من الأب.

مواليد 30 يونيو 1965.

تعتبر أول فنانة ليبية خريجة معهد جمال الدين الميلادي قسم مسرح تخرجت عام 1985-1986 بدرجة امتياز.

الزواج بالنسبة لها (قسمة ونصيب) ورفضت عروض كثيرة بسبب   التزامها أمام الله بان تتكفل بأسرتها كمعيل ورافد لهم بالإضافة الى مرض والدتها التي تحتاج لعناية وبعض الظروف الاجتماعية الاخرى من الأسباب التي جعلتها تبتعد عن التفكير في الزواج وتعتبر هذا واجب من قبلها وعدم إلزام من أي من افراد أسرتها

ولهذا ففكرة الزواج حاليا لم تعد واردة إطلاقا لعديد من الأسباب.

-لا تعتبر الزواج عائق أمام المرأة ويقضي على الإبداع بالدليل أن هناك كثيرات من الفنانات يعملن رغم هذا استطعن التوفيق بين الفن والحياة الأسرية وهن ناجحات   في حياتهم ولديهم عائلات وأبناء وحتى احفاد

مع هذا هي تفضل الحرية وأن تكون حرة نفسها.

الفنانة الليبية هدى عبداللطيف في أحد الأعمال (الصورة: عن الشبكة)
الفنانة الليبية هدى عبداللطيف في أحد الأعمال (الصورة: عن الشبكة)

– عن بدايتها تقول: –

– أثناء الدراسة شاركت في مسرحية (بعد العشرة تبان الناس) مع فرقة (المسرح الحر) والتي كنت عضوا بها اثناء دراستها وكانت بمشاركة الفنان الراحل مصطفى المصراتي.

وفي التلفزيون أول عمل قدمته كان (الحواجز) بمشاركة نخبة من نجوم الدراما الليبية ومن إخراج الراحل محمد مختار 

بعد تخرجي تم تعييني في فرقة (المسرح الوطني) وقدمت من خلالها عدة أعمال بالإضافة الى عملي في الراديو

وكاي شابة اثناء الدراسة كانت لي أحلامي حول المجال التي سوف التحق به فقد حلمت بان التحق بكلية القانون واكون محامية وهذا ما كنت اردده حتى اكتشفت بأن الفن بشكل عام هو بمثابة الهواء الذي أتنفسه اما المسرح فهو جزء من تكويني وكياني المسرح هو حياتي

قدمت العديد من الاعمال المسرحية منها غالية- باب الفتوح – السندباد – رجل وامرأة- كاتب لم يكتب شيء _ تعاريج تهاوين _ وغيرهم

كانت لي تجربة الإخراج المسرحي من خلال مسرحية – قطارة الملح- تأليف الفنان والتشكيلي القذافي الفاخري ومن بطولة الفنان جمال ابو ميس ومجموعة من الشباب تم تقديمها باسم فرقة (الجيل الصاعد) بإدارة الفنان المرحوم علي البركي

المسرحية كانت عبارة عن مجموعة من الاسقاطات على ما يحدث في المجتمع وتصنف تحت (المسرح التجريبي) من حيث الكتابة والاداء والسينوغرافيا وشاركنا بها ضمن فعاليات مهرجان القاهرة التجريبي للمسرح

لم أترك مجال الإخراج المسرحي ولكني ابتعدت لبعض الظروف الخاصة وحاليًا كمخرجة أقوم بدراسة عدة نصوص منها (نجمة) وهي أيضا من تأليف القذافي الفاخرين مع إن الظروف العامة لا تعتبر مشجعة لتنفيذ أي عمل حاليًا

تعتبر العمل مع المخرج مؤيد الزابطية، ومن خلال مسلسل – تخاريف – هو نقلة في مشوارها الفني وتختلف عن كل ما قدمته في السابق مضيفة بالقول (مؤيد مخرج متميز وله رؤية ورأي ويعتبر حاليا من أهم صناع الدراما الليبية وله مستقبل مهم والعمل معه في حد ذاته له قيمة إبداعية راقية، بكل صدق أتمنى تكرار تجربتي معه ولا أمانع مشاركتي الدائمة معه الى اليوم الذي أقرر فيه اعتزال الفن)

في ليبيا لا يوجد شيءٍ اسمه- نجومية- هذا المصطلح موجود في دول لديها مئات من الفنانين وهي مرهونة بتذاكر العرض واجر الفنان نفسه فكلما زاد جمهوره بالتالي زاد آجرهم وكانت نجوميته وهذا سواء في السينما او المسرح والتلفزيون ولهذا لا يوجد لدينا اي نجوم حسب هذه المعايير وكل الموجودين على الساحة الفنية بما فيهم أنا نعتبر فنانين مع الاختلاف والتفاوت من حيث الموهبة بين الجيد والجيد جدا والممتاز، لهذا فلا يوجد معيار حقيقي للمثل الصف الاول فالمواهب الحقيقية بصعوبة تصل وتستطيع تقديم نفسها وإبداعها والتعريف بنفسها للجمهور.

الفنانة الليبية هدى عبداللطيف في مسلسل الكنة (الصورة: عن الشبكة)
الفنانة الليبية هدى عبداللطيف في مسلسل الكنة (الصورة: عن الشبكة)

وبكل صراحة هناك دخلاء على الفن اقتحموا هذا المجال معتمدين على الشكل والواسطة بعيدا عن الموهبة وللأسف هم كثر وليسوا قليلون وهم من ساهموا ويسهموا في تراجع الدراما الليبية

– وحول سؤالي لها: هل تعتبري نفسك أهم فنانات جيلك؟!  أجابت:

لا أستطيع تصنيف نفسي بأني أهم فنانات جيلي لآن هذا يرجع للجمهور وللمختصين.

لست منقطعة عن الفن ولكن كثيرا ما تم إقصائي سواء سابقا أو حاليا وهناك الكثير من الضغوطات التي تمارس علي حتى لا اكون متواجدة على الساحة

– لا تعتبر ابتعادها وإن لفترة من الزمن قلص من نجوميتها اكدت بان هذا غير صحيح بالدليل إن الجمهور مازالوا يشيدوا بالأعمال التي شاركت بها ويطالبون بإعادة عرضها مثل مسلسل (الكنة)، مضيفة بالقول (عند ذهابي لأي جهة عامة لاستكمال أي مستندات او حتى في المحلات العامة وفي الشارع الحب والاحترام الذي اقابل به من قبل الجمهور أكبر تعويض لاي إقصاء او استبعاد او خذلان. مشاركتي في (تخاريف) مميزة من كل الجوانب فقد اضافة شريحة الاطفال لجمهوري.

يظل الجمهور هو الأساس ومحبته هي أكبر الإنجازات وأكبر جائزة للفنان.

هي لا تؤمن بالوساطة في الفن وتعتبر المجال الفني – فاضح – بمعنى ان من ليس له موهبة مهما استمر وشارك في أعمال آلا أنه مفضوح خاصة وان الجمهور الليبي جمهور وأعي ومتنوع في ذوقه من حيث الفرجة فهو متابع للأعمال العربية والعالمية لهذا يستطيع التمييز بين الغث والسمين وبين الفنان الحقيقي وبين من دخل المجال بالصدفة او – الواسطة- ولهذا اكدت على ان الغبي وحده هو من يحاول استغباء الجمهور الليبي

– تعتبر الفنانة هدى عبداللطيف بآن الفنانات من جيلها قلة ولكن هناك فنانات من جيل مقارب لها واجيال متلاحقة وتعدهم من الفنانات المتميزات في مجال الدراما والمسرح ومنهم ثريا محمد -لبنى عبدالحميد – بسمة الأطرش _ ماجدة الدكتور_ سالمة يوسف_ هند العرفية

وعن قصة اللوم الذي توجهت به لكل من المخرج أسامة رزق والكاتب سراج هويدي، أوضحت بأنهما قبل أي شيء يبقيان أصدقاء بالنسبة لها، مضيفة بالقول (في النهاية العمل نصيب) وتؤكد عدم وجود اي مشكلة شخصية معهما ولا مع أي مخرج وكاتب ليبي اخر

لا ترى آن هناك اي مشكلة من مشاركات فنانات عربيات في اعمال ليبية بل بالعكس تعتبر مشاركة الفنانات العربيات في اعمال ليبية مهم جدا لاختراق حواجز المحلية وللإسهام في انتشارها عربيا معتبرة انها من الفنانات المحظوظات لمشاركتها في السابق في أعمال ليبية بمشاركة فنانات من سوريا

تعتبر آن من يتخوف بآن تأخذ فنانة عربية مكان الفنانة الليبية بمشاركتها في اعمالنا المحلية بانها تخوف غير مبرر وترى ان هناك قيمة للأعمال التي شارك فيها فنانين من دول اخرى في اعمال عرضت مؤخرا منهم فنانات من دولة تونس وعن نفسها تتمنى أن تكون هناك أعمال عربية مشتركة خاصة وآن الهم والظروف المعاشة قد يكون واحد حسب قولها.

– لا تخجل من تقديم دور الأم بالعكس هي سعيدة بلعب هذا الدور وتعتبر نفسها أم منذ الصغر باعتبارها أكبر إخوتها فقد قامت بلعب هذا الدور مع أبناء وبنات إخوتها وأخوتها بالإضافة الى الاحفاد وهم أبناء اختها عفاف وأخيها هيثم اللذين تعتبرهم أيضا في مثابة احفادها والعائلة بالنسبة لها تأتي دوما في المقام الأول

الفنانة الليبية هدى عبداللطيف في مسلسل الكنة (الصورة: عن الشبكة)
الفنانة الليبية هدى عبداللطيف في مسلسل الكنة (الصورة: عن الشبكة)

– تعتبر القراءة هي عالمها الأخر الذي تلجأ اليه وتعتبرها بأهمية الهواء النقي للإنسان اوهي ما شكلتها وشكلت تفكيرها وزادت من ثقافتها واتساع أفقها من حيث الخيال والرؤية وان يكون لديها رأي. كما تعتبر الثقافة شيءٍ أساسي سواء للفنان أو للجميع. على الرغم من كل وسائل التواصل وتوفر الكتب الرقمية ولكنها مازالت تفضل الكتب المطبوعة التي تقول بأنها تعشق ملمس الورق ورائحته تعيش مع كل كتاب تقرأه بكل تفاصيله، تحرص على قراءة كل ما ينشر من قصص وروايات ودواوين شعر لكتاب ليبيين، تصف نفسها بعاشقة لأدب إبراهيم الكوني، والصادق النيهوم.

الكتاب الذي تقرأه حاليا هو (شهياً كفراق) للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي.

– وعن اهمية التكريم بالنسبة للفنان تقول:

التكريم مهم بالنسبة للفنان فهو نوع من الوفاء وتقديرا للمجهود الذي قدمه، تحصلت طوال مشواري على عدة تكريمات اذكر منها اول تكريم في حياتي كان من مهرجان البيضاء للمسرح التجريبي

ايضا تكريمي من قبل جائزة سبتيموس كأفضل ممثلة وتكريمي كأفضل ممثلة في أوسكار ليبيا ولكن التكريم الذي أعده الأهم وهو تكريمي خلال الاشهر الماضية من خلال مهرجان التلفزيون العربي والذي يقام في دولة تونس، وهو من أهم المهرجانات العربية والذي يحرص ويتمنى كل فنان أن يتم تكريمه من خلاله والذي يعتبره ليس تكريم لي في شخصي فقط ولكنه تكريم لبلادي وكل الحركة الفنية في ليبيا

– الجوائز التي تحصلت عليها…

الفنانة الليبية هدى عبداللطيف في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون (الصورة: عن الشبكة)
الفنانة الليبية هدى عبداللطيف في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون (الصورة: عن الشبكة)

كثير من الجوائز التي حصدتها طوال مشوارها الفني منها الجائزة التي تحصلت عليها كأفضل ممثلة عن دورها في فيلم (شريفة) وذلك كان من خلال مشاركة 63 دولة في المغرب.

– الثقافة هل هي نقمة ام نعمة بالنسبة للفنانة هدى عبد اللطيف

بسرعة فور طرحي للسؤال وبدون أدنى تفكير أجابت: (هو سؤال جميل جدا فبالنسبة لي هي نعمة والحمد لله وهي نقمة على الجاهلين من الدخلاء على الوسط الفني شخصيا اعتز جدا بثقافتي التي كانت مهمة في صقل موهبتي الى جانب الدراسة والتي أثرت فكري).

هناك اسماء لفنانات سبقوني في المجال أكن لهم كل التقدير والاحترام ولا أحد يستطيع ان ينكر بصمتهم التي تركوها في الفن والثقافة الليبية فمن لا يعترف بمن سبقوه ويقدر مجهوداتهم وينكر تاريخهم بالتأكيد لن يجد من سيتذكره ويقدره ويتحدث عن مسيرته، الجحود صفة غير موجودة في قاموسي.

مقالات ذات علاقة

الكاتب الليبي منصور بوشناف: المسرح الليبي يعاني غياب البنية التحتية

المشرف العام

الشاعر الليبي ” علي الرحيبي” : لفسانيا … الفن للفن ..منتوج زائف يكرس ثقافة الرأسمال المتوحش

المشرف العام

علي جمعة اسبيق: الرواية حياة أخرى أصنعها بنفسي

حنان كابو

اترك تعليق