الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
أقامت منظمة دواية للفنون ببيت نويجي للثقافة بالمدينة القديمة طرابلس مساء يوم السبت 15 من الشهر الجاري احتفالية توقيع لأحدث دواوين الشاعر “محمد المزوغي” الموسوم (مفردات شعرية) الصادر عن دار إمكان للطباعة والنشر بواقع 209 صفحة من القطع الصغير متضمنا أبياتا من قصيدة البيت الواحد، حيث قدم وأدار مجريات الاحتفالية الفنان الحروفي “محمد الخروبي” وسط حضور لفيف متنوع للنخب الأدبية والفنية وجمع من المثقفين والمهتمين، كما شهدت الاحتفالية مشاركة عدد من الكتّاب والشعراء.
تابع : حوار مع التشكيلي محمد الخروبي
معرضا خاصا بالحروفيات
واستهل الدكتور “محمد الخازمي” الأستاذ بقسم اللغة العربية بكلية التربية جنزور أولى المشاركات بورقة أشار في سياقها إلى أن ديوان (مفردات شعرية) يعد محاولة جريئة قل أن تجد لها نظيرا فقد اعتاد الشعراء إخفاء الجمال وتعليفه بطبقات مما يشبهه ولا يكون مثله حتى إذا وصلت إليه أكملت الدهشة، وبلغت الذروة من الامتلاء إعجابا وطربا واقتناعا، موضحا بأن النقد القديم قد أدرك أهمية بث أبيات الجودة العالية في القصيدة، وحذروا من أن القصيدة إذا كانت كلها أمثالا لم تسر ولم تجر مجرى النوادر، وأكد الدكتور الخازمي أن البيت العظيم هو سر القصيدة كلها وليس هو القصيدة، وحسب رأي الدكتور الخازمي إن البيت القصيدة أوفق من قول قصيدة البيت الواحد لأسباب كثيرة يطول شرحها، مضيفا أن ديوان المزوغي الفريد جاء كاختيار عظيم للعنوان لا يقل في شاعريته عن مضمون الأبيات نفسها، وبيّن الدكتور الخازمي على قاعدة التكوين أن المفردات تقوم على فن آخر يضاف إلى فن الكلمة، الممثل في فن الحروفيات وكأن المفردات أقيم ليكون معرضا خاصا بالحروفيات، وبإبداعها العظيم الذي أصبح وارف الجمال باذخ العطاء عميق التفكير يحمل اللمحة والفكرة والتكثيف.
تابع : حوار مع الدكتور محمد الخازمي
النزعة الصوفية لشعر المزوغي
فيما أضافت الدكتورة “كريمة بشيوة” من جهتها بأنها ركزت على جانب مهم من الديوان وهو جزء من تخصصها الأكاديمي مشيرة إلى كونها معنية به كثيرا لاسيما على المستوى الذاتي، وهي القراءة الفلسفية لشعر “محمد المزوغي”، وتابعت قائلة : إن الحروفي محمد الخروفي يستطيع بتطويعه للخط أن يرسم الكثير فميزة الحضارة الإسلامية كفن أنها شفّت بالمعاني على صعيد التجريد فكان الخط هو المساحة الحقيقية لهذا التعبير العميق للروح ليتحول الفن إلى نمنمات وخطوط وليس تجسيد وتمثيل موضحة بأن الخط عندما يلتقي مع المعاني العليا ما أجمل ما يكون وتحديدا في الشعر وعلى الأخص في الشعر الذي يتميز بالنزعة الصوفية العميقة، وترى الدكتورة بشيوة أن شعر المزوغي يمتاز بعمق التجربة وتكاملها معرفيا ففي الشعر لا نجد هذا التكامل الفلسفي المعرفي الذي لا يتاح إلا للقلة والصفوة من الناس اللذين استطاعوا أن يتكاملوا داخليا في حياتهم على مستوى التجربة الذاتية، ومن جانب آخر بيّنت الدكتورة بشيوة أن دراسة الفلسفة تتيح لنا رؤية أبعاد ما يمكن أن يسمعه الإنسان العادي ويمر عليه مرور الكرام مؤكدا في المقابل بالقول : لقد تمكنت من أن أقف أمام النص موقف القارئ الذي يعاني المعنى بكل أبعاده مع الكاتب.
التكامل المعرفي لديوان مفردات شعرية
بينما أردفت قائلة : إن الكلمات المختزلة في الديوان هي مختزلة من ناحيتين مختزلة لأنها بيت في قصيدة والقصيدة كلها تعمّق معنى البيت، ومختزلة أيضا انطلاقا من أن الفنان أو الشاعر عادة ما يغار على تجربته الذاتية فلا يكتب منها إلا ما يفيض، مضيفة بالقول : إن التكامل في النظرية المعرفية في شعر المزوغي أنه يبدأ من ما هو متاح ومحسوس ليرتقي نحو ما هو عقلاني ثم يشف إلى ما هو روحاني بكل انسيابية ثم تلتها مداخلة للشاعر “أسامة الرياني” الذي شدد وفق رأيه بأن هذا المنجز الشعري أكبر من أن يكون مجرد ديوان شعر فهذه المختارات الرائقة والإخراج المبهر تنتمي إلى ذات الفضاء الذي تنتمي له لوحة الغليون الشهيرة لرينيه كونها الفضاء المحمّل بالمعنى والمحتفى بظلاله، مضيفا أن أبيات ديوان المزوغي تُضفي أبعادا تواصلية وتضيف إجلاءً للمعنى أما الشاعر “إمحمد بوسطاش” فجاءت مشاركته بقراءة بعض النصوص الشعرية فضلا عن مشاركة الشاعر “محمد المزوغي” بقراءة مختارات من أبيات ديوانه المُحتفى به.















