الطيوب | ناشرون فلسطينيون
صدرت مؤخرا عن دار (Inter Assist) في ولاية هيسن الألمانية، رواية “الدم الأسود” للكاتب السوري عواد جاسم الجدي، وتقع في 300 صفحة من القطع الكبير.
تعالج الرواية قضية النفط، ومآلاته على المنطقة (شرق سوريا)، وسلطت الضوء على ظلاله الاجتماعية والاقتصادية والجيو سياسية الذي امتد على المنطقة قديما وحالياً، إذ لم يشفع للمنطقة نفطها عالي الجودة قليل التكلفة، ولا غازها ذو الضغط العالي رخيص تكلفة الإنتاج، ولم يحسب لشعبها الضارب في أعماق التاريخ أي حساب. ورصدت الرواية حقبة زمنية ليست بالطويلة، لكنها من أهم الحقب في تاريخ المنطقة الشرقية.
يصور المقطع الآتي من الرواية شيئا من هذه المأساة: “عندما يسحبُ طفل ثيابهُ التي لا تغطي بالكاد ركبتيه ويرتعد مرتجفاً من شدةِ البردِ، بغيابِ والده الذي يحرس أنابيب النفط والغاز وهو يرتدي معطفاً زيتياً ويصغي لتعليمات (المعلم) أن يضاعف انتباهه ويقظته.
فينساب النفط والغاز بسلاسةٍ ودون إزعاج نحو منصّات التصدير، لتنتفخ بطون وجيوب وتمتلئ أرصدة، وترتفع مبان وتتسع مزارع وفلل… ولو تجرأ مارق على القانون وسأل:
أينَ عيون النفط عن جوعنا وفقرنا فالإجابة جاهزة وواضحة: اصصصص النفط بأيدٍ أمينة!
ولو غامر بحريتهِ ووجوده وأعاد السؤال فعشرات الأقلام الوطنية ستقوم بواجبها وتكتب للجهات التابعة لها تلك التي توزع عليها التبن والشعير بصورة مكرمة وطنية مقابل أن تبقى العيون يقظة فمع أي اغفاءة عين سيهرب الفساد”.
ومن الناحية التقنية السردية فقد دمج الكاتب بين وجهاتِ نظرِ عديدة، مع أنه أبقى ألوان الخيوط متباينة، وإن كانت يد واحدة تمسكها بحبكةٍ روائية عمودها الأساسي النفط، وإرثه من فقر ورقّ وعبودية سياسية ضربت أطنابها على المنطقة الشرقية التي وسموها بالمناطق النائية.
كما يمزج الكاتب بين البعد الجغرافي للمنطقة بفراتها وتربتها الزراعية وثرواتها وإرثها التاريخي العظيم وبين النفط كعنوان للفقر والتجهيل ومصادرة الحريات وكمّ الأفواه، ووأد الكلمة واعتبار ذلك مهمة وطنية صِرفة، ومن يطالب بغير ذلك فعليه إعادة النظر في مستوى وعيه الحزبي، واتباع دورة تثقيف حزبي لرفع وعيه وسويته النضالية، ولا مكان له بين صفوف المقاومين والممانعين.
ومن خلال كل ذلك أيضا، تواصل “الدم الأسود”، تتبع الخطوات الأولى للحراك الشعبي الجماهيري العفوي السوري الذي انطلق يطالب بقليل من الحريات، ومزيدٍ من التنمية، فخلّف مزيدا من الشهداء والضحايا على أرض الواقع.
صدر للمؤلف أيضا، رواية “صداع في رأس الزمن” ومجموعة قصصية “تحت الرماد”. يحمل عواد جاسم الجدي درجة الدكتوراه في الهندسة الزراعية، وعمل فترة من حياته في الكويت، وكتب في عدة مجلات وصحف عربية. تدرّس بعض كتبه الأكاديمية في بعض الجامعات العربية، وله في مجال تخصصه الأكاديمي عدة أبحاث علمية منشورة، وسيرته العلمية حافلة ومميزة. اعتقل لفترة قصيرة خلال دراسته الجامعية الأولى في جامعة حلب، وحاليا يعيش في ألمانيا منذ 2013.