عادت إليه جنية الباستين، عادت يلفها الليل كما يلف البحر دثار المرجان، عادت اليه بالعدل وبحزمة من تراتيل الموشحات والغيبات، أحسّ بتماس النجم بالنجم، كاد أنْ يطير من الفرح ساعة أنْ رآها.. فهو صاحب الفضاء الرحب حيث لا ثبات فيه؛ وهي صاحبة البساتين النّديّة، صاحبة البداية والنهاية.. وقفت أمامه في حلة مزهرية ما رأى لها من قبل من مثالٍ، قدمت له تفاحة خضراء مقطوفة من قمة الجبل، وضعها في قفة صغيرة، ثم سألته: قيل إنك كتبت آلاف الصفحات في العشق والحكمة والفلسفة والشعر والفن، ألا أخبرتني كم تبلغ من العمر الآن؟ بَهره ضوء السؤال؛ سرت في بستانها ظلال الندى الفجرية.. أخرج التفاحة من القفة، وفي راسه يدور سؤال: هل يمحو الزمن ما مضى من الزمن؟ وقلبه مترع بالدهشة ابتسم وبصوت غير متردّد قال: كعمر هذه التفاحة!
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك