كما لو كان البارحة
لم أزل
أذكر صوت أمي
روحها وهي تؤنس
بترانيمها الشجية
عتمة الليل البارد الطويل..
فأعجب كيف
لهذا النغم الساحر الجليل
الذي يتدفق من قلبها
أن تذوب فيه هكذا
جعجعة الرحى
ودوي الرعود
وهي تشقق مزن
المواسم الواعدة..
كما لو كان البارحة
كان شقيقي
يطارد صغار الماعز
في الهضاب الخصيبة
ويؤلف ببقايا الخبز
قلوب الجراء الصغيرة..
كنا نرفل
في نعيم الطفولة
ونبني بيوتنا
من تراب وحصى..
كما لو كان البارحة
بكاء الغريبة
حين استلام الجواب
الْمُوْقِّعِ بالسواد..
وأسراب النساء
المجللات بالفجيعة
يواسين حزنها..
ويسكبن
بعض أرواحهن
على غربتها الفادحة..
كما لو كان البارحة
حنين ناقة خلوج
على مرمى جنينها..
اندلاق الماء
وهو يفيض
عن حواف الدلاء الناصعة..
وبريق ساحر
في أعين العاشق
حين يداهمه اللقاء..
لم أزل أستشعر
الأنفاس اللاهثة
في المضامير البعيدة..
رهبة الدرس
وهبوط الصفعات القاسية
على الوجوه الصغيرة..
أنا الطفل
الذي لا يكبر
أنا الذاكرة
التي لا تخون..
لم أزل أحفظ
مطارح البيوت
مرابط البهائم
النهج الذي
يسلكه والدي
وهو يعود من السوق
ومواضع السنابل
التي وقعت
في دروب البيادر..
المنشور السابق
المنشور التالي
جمعة عبدالعليم
جمعة عبد العليم، شاعر ليبي، مواليد 1960
موظف بجامعة درنة.
صدر له:
"عصيان الكلام وأشياء أخرى" (2006) عن مجلس تنمية الإبداع.
"عمر آخر" (2006) "عن مجلة المؤتمر".
"نشوة القول" (2008) "عن مجلس تنمية الإبداع".
"سطوة كاذبة" (2019) "عن دار البيان".
"مد يدك" (2019) "عن دار البيان".
"خفافًا في أعين الريح" (2022) "عن دار الفضيل ".
"التفاتة متأخرة" (2022)"عن دار الفضيل ".
"وحيدا على حافة الاحتمال" (2022) "عن دار البيان".
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك