المقالة

العلاقات حاجة

من أعمال التشكيلية شفاء سالم
من أعمال التشكيلية شفاء سالم

في البدء كانت الحاجة، فكانت الأسرة والصيد، إلى الأمن والحماية والقتال والاستحواذ على الأنهار والغابات والفرائس الوديعة، تعملق هذا البدائي القزم، تعملقت الحاجات، صارت الفريسة لحوم مجتمعات بشرية وديعة، ومناجم ذهب ويورانيوم، إلى صراع على الفضاء والأرض!

الحاجة أنبتت للصرصور قرني استشعار، وللعقرب جراب سم، وللحرباء سقف ألوان، وللورد ة شوكة، وللأنثى هارموني حيلة، نطيع الله خوفا وطمعا، بسبب الحاجة آدم أسقطته تفاحة، و”يوسف” أنجته آية، الحاجة منحت للبابا صكوك الغفران، الحاجة ملهمة الأسطورة والملحمة وداعش، وصاحبة قانون “الغاية تبرر الوسيلة” وأم الاختراعات، حولت بعضنا قتلة وكثيرنا جبناء ومتملقين!  تنام في اللاوعي الجمعي فينقاد وراءها أعمى بلا وعي، هو بحاجة إلى تصديق كل شيء!  

العالم الإنساني بعلاقاته الدولية والسياسية وتكوينه الاجتماعي، وعجلته الاقتصادية منظومة داخل دائرة كبيرة، مليئة بدوائر منفصلة متجاورة ومتماثلة، وكل دائرة تضيق بالتدريج في دوائر حتى تنتهي بالدائرة الأصغر، والإنسان الفرد هو النواة والمجموع فيها، ولأننا جزء من هذه المنظومة ونحتاجها، فإن أية ظاهرة رغم خصوصيتها، لا يمكن عزلها عن بقية الدوائر مهما بعدت، فالعلاقات الإنسانية مرتهنة بالحاجة، ماديا أو نفسيا، وحاجة الأقوياء هي محرك خيوط العلاقات داخل كل الدوائر وتتحكم فيها، وهم الدائرة الأكبر في كل دائرة. “الحاجة” أو ما يعبر عنها بـ “الطلب” هو ما يحرك السوق العالمية والمحلية، والبورصة، والفيسبوك، والأسرة، والعاطفة، والانتخابات، والأشخاص، والصلاة، وحتى السير في جنازة! الحاجة مستمرة، وتختلف أهميتها حسب الثقافة وطريقة التفكير، لكنها متغيرة ومتجددة، ولأنها كذلك فلا وجود لعلاقة ثابتة مرتهنة بالحاجة حتى تلك التي نكون فيها مستقلين، تتغير العلاقات حسب حركة الخيوط والحاجات، وإدراكنا لذلك يقودنا لتفهم النتائج والتنبؤ بها والتكيف معها ومعالجتها، والانعتاق من هيمنة الثابت والأبدي والتيه في شقاء المثالية، لتبقى السيادة للعقل.

مقالات ذات علاقة

شعلة تتقد

رامز رمضان النويصري

الفرص الضائعة

رافد علي

مسامير

محمد النعاس

اترك تعليق