الطيوب | حاوره: رامز رمضان النويصري
ليبيا بلد غني بالمواقع الطبيعية والتاريخية والأثرية، الخافية عن عيون الكثير من أبنائها، وهي الدليل على من سكنوا هذه المناطق من مجتمعات إنسانية قديمة، ومروا عليها عبر التاريخ.
وبالرغم من جهل الكثير، إلا هناك من ندب نفسه للبحث في هذه المواقع، ونذر نفسه للعمل على البحث في هذه المواقع وكشف اللثام عنها وإعادة اكتشافها من جديد. ليعاد لهذه المواقع حضورها وموقعها من التاريخ.
نتوقف في هذه الفسحة مع الباحث عبدالسلام بدرالدين محمد، للحديث حول أحد المعالم التاريخية، والمعروفة بـ(الكهوف المعلقة)، والتي أصدر فيها كتابين!!
بداية، سألنا الباحث عبدالسلام بدرالدين محمد، عن ماهية الكهوف المعلقة:
الكهوف المعلقة أجواف أو نتوءات كبيرة غائرة طبيعية في جدران جبل مرتفعة عالية يصعب مراقيها إلا بحبل أو سلالم وبمعاونة أنفار، بمنطقة الجبل الأخضر. وعدد هذه الكهوف لا يتجاوز الألف كهف تقريباً.
آثارها المتبقية هي أخشابها التي نراها مثبته في حواف عتبات الكهف المعلق. وبداخلها مقتنيات من ألواح تعليمية وأدوات وخلايا نحل، وأدوات خاصة بتربية النحل وأدوات خيول وإبل وألعاب أطفال، وكلها مصنوعة من خشب غابة الجبل الأخضر. وكذلك أدوات طبخ وأدوات زراعة وبكرات وحتى إبر الخياطة الصغيرة، وكلها من الخشب لا غير، باستثناء البرام والقداح من مادة الفخار المحلية وصناعة محلية.
ويضيف الباحث، حول المجتمع البشري الذي سكن هذه الكهوف:
الدافع الذي أجبر من سكنوها، هو الخوف من تغول الإنسان الذي جاع من انقطاع الغيث، وتحول إلى وحش، وهذا يتفق عليه المجتمع في الجبل الأخضر ويؤيده الأستاذ داود حلاق.
وأنا اتفق معهم في أنه الخوف، لكن ليس من غول بشري، بل استعمار عثماني همجي يقتل ويقطع الرؤوس ويعلقها في شوارع البلدات ترهيباً لسكانها.
وحول دور الكاتب والباحث الراحل؛ داود الحلاق، يقول الباحث عبدالسلام:
الأستاذ داود حلاق، من أوائل من اهتم بهذه الكهوف، وأرخ لها وكتب عن كل مقتنياتها، خاصة في كتابيه (أوشاز الاسلاف) و(الفكر الحرفي) الذي صدر في جزئين.
من بعد، انتقلنا بالحديث حول كتاب (حديث الكهوف المعلقة)، وهو آخر إصدارات الكاتب والباحث عبدالسلام بدرالدين محمد.
كتاب (حديث الكهوف المعلقة) يعد استكمالاً للكتاب الذي سبقه الذي جاء تحت عنوان (الكهوف المعلقة).
وهو كتاب تحليلي، يهتم بتصحيح المفاهيم التي يرددها جل الناس حول هذه الكهوف، وما تم توثيقه في كتاب (أوشاز الأسلاف) للباحث داود حلاق.
ومواضيع الكتاب، كلها تدور حول شرح وتوضيح المصاب الجلل الذي ابتليت به منطقة الجبل الأخضر، والوطن عامة، من استعمار قذر متعجرف اعتقد الكثير من مؤرخين ودارسين أنه جاء لتحرير ليبيا والعالم المسلم من حملات التبشير المسيحية، وهي مغالطة وفي الاخير سلم ليبيا للطليان بمعاهدة أوشي.
حيث يتناول الكتاب الأسباب التي دعت السكان المنطقة إلى الكهوف، ونمط الحياة اليومية لهذا المجتمع الذي حول كهوف الجبال والفجوات التي فيه على مقار سكن وحياة. خاصة وإن هذه الكهوف كانت موزعة على سفح الجبل والوصول إليها صعب وشاق، فكيف بمن يسكنها لفترات زمنية طويلة.
وفي ختام هذا اللقاء، وجه الباحث عبدالسلام محمد، رسالة قال فيها:
نتمنى من وزارة السياحة، أن تتبنى مشاريعاً لتنفيذ طرقاً ومسالك تؤدي لهذه الكهوف المعلقة، وحمايتها من التعدي ومن الظروف الجوية، وأن تعمل على تحويل هذه الكهوف إلى مواضيع تثقيفية، للتعريف بها، ولمعرفة عالم الكهوف المعلقة وغير المعلقة، في كل دور ومناحي التعليم في ليبيا.