قصة

المهندس العبقري

من أعمال التشكيلية الليبية منيرة اشتيوي
من أعمال التشكيلية الليبية منيرة اشتيوي

كان أحمد يتنزه في الحديقة العامة صحبة والديه ،يتنقل بين الألعاب فرحا مسرورا.

لاحظ أحمد أثناء لعبه وجود مجموعة كبيرة من الرجال يرتدون زيا واحدا وكل عددا منهم يقوم بعمل يختلف عن الآخرين. كانت أصوات الخلاطات الخراسانية مزعجة، وأصوات الطرق على الألواح، والشاحنات الكبيرة مليئة بالزلط والرمل. كان مع الرجال رجل يعطي الأوامر ويقيس ثم يكتب في أوراق يمسكها.

سأل أحمد والده:

– من هؤلاء الرجال الذين في الجهة المقابلة من الحديقة؟

أجاب الأب:

– إنهم العمال يا أحمد.

قال أحمد:

– وماذا يفعلون؟

قال الأب:

– إنهم يشيدون مباني جديدة.

أحمد ينظر إليهم ثم يقول:

– انظر إن ملابسهم متشابهة وبلون واحد.

يبتسم الأب قائلا:

– أجل.  لأنهم يعملون في شركة واحدة.

قال أحمد وهو يشير إلى الرجل:

– ومن هو ذلك الرجل الذي يمسك في يده أوراق؟

أجاب الأب:

– هذا الرجل هو المهندس المسؤول عن تصميم وإنشاء البناء العمراني.

قال أحمد:

– عندما اكبر سوف أصبح مهندسا واحقق إنجازات كثيرة.

ابتسم الأب ومسح على رأسه ابنه قائلا:

– أرجو لك التوفيق.

رسم أحمد في خياله مستقبلا عظيما لمهندس عبقري.

بعدما تخرج أحمد من كلية الهندسة اشتغل في شركة خاصة.

قام أحمد بتصميم مباني كثيرة، وكان ناجحا في كل تصميماته.

ق

في أحد الأيام اجتمع مدير الشركة مع موظفيه وقال لهم:

– لقد جاءنا عرض لتصميم مدينة سياحية متكاملة على شاطئ البحر، مكونة من عمارات ومدينة الألعاب للأطفال ومحلات تجارية للتسوق ومسجد للصلاة. ما رأيكم؟

قال أحد الموظفين:

– فكرة ممتازة جدا.

أعطى كل موظف رأيه إلا أحمد بقي صامتا ولم يقل شيئا، نظر المدير إلى أحمد وسأله:

– لم نسمع رأيك يا مهندس أحمد ،هل نوافق على العرض؟

أجاب أحمد:

– هي فكرة ممتازة ولكننا لن نستخدم في البناء الحديد الخرساني ولا الإسمنت.

استغرب المدير والموظفين وسأل المدير:

– مهندس أحمد كيف يمكننا التخلي عن الإسمنت والحديد المسلح وهما من المواد الأساسية في البناء؟

قال أحمد:

– نستطيع التخلي عنها واستبدالها بطريقة الأفران الساخنة ،وذلك بوشع الأحجار الطوبية الإسمنتية في الأفران الساخنة ذات الحرارة العالية جدا حتى تصبح قابلة للضغط إذا ما تمت وضعها فوق بعضها فتلتصق أثناء البناء ،وهكذا نوفر الجهد والوقت والمال ونستفيد اختبار طرق حديثة.

رفض المدير فكرة أحمد قائلا له:

– إن فكرتك فاشلة ولا يمكن تحقيقها على أرض الواقع.

 لكن أحمد تمسك بفكرته ودخل في تحدي مع المدير قائلا:

– سوف اجرب ولن اخسر شيئا.

بعد جدال وعناد طويل وافق المدير وختم اجتماعه بقوله:

– سنجرب فكرة المهندس أحمد، وإن فشلت سيتحمل نتيجة الفشل.

بدأ أحمد بالعمل في المشروع الجديد، مواصلا الليل بالنهار دون كلل أو ملل، وإصراره في النجاح يزداد كل يوم. بعد سنة وخمسة أشهر اكتمل بناء مشروع المدينة السياحية، وتم افتتاحها في احتفال كبير. كان الجميع فرحين بنجاح فكرة أحمد، أما أحمد فكان أكثرهم فرحا واغتباطا.

مقالات ذات علاقة

“برنيه” تدخل “المبروكة” …

فهيمة الشريف

أطـياف

هدى القرقني

إناء الشاي ذو الزهور الحمراء

أحمد يوسف عقيلة

اترك تعليق