مبروكة بن قارح
هناك في ظلال أسوار مكتبة اليونيسكو المنزوية تسكنك عجائبية الألفة، ويعتصرك رحم الفن في ظلال شجرة (فكس) عتيقة، وتتعامد أشعة الشمس على جبين (رجل أحفوري حي) من أحافير الفن المسرحي والروائي قتلها هذا الوطن مرارا” لتحيا شاهدا” على الظلم والتفرقة والجهل..
نعم رجل طُمر، فصار أحفورة إبداعية في هذه البلاد (التي يحبها وتزدريه) بغبار الذل والاغتراب اليومي!
إنه السيد المسرحي الروائي الممثل (حمادي المدربي): الأب الروحي لليونيسكويين في سبها الجاحدة..
ذاك السيد الذي صارت مكتبة اليونيسكو وطنه الصغير صابحا” ماسيا” فيها بمحبة الأديب الذي يأنس لمكتبة منسية حين تضيق الأرض والسماء! هو المناضل المنفي بين أصدقائه وأهله إلى غياهب (اللا هوية)..
حمادي المدربي: الليبي معاناة” ونصا” وروحا” وعمرا” …المسرحي الليبي العائد إلى تراب الوطن منذ عام 1969، والذي لم تشفع له 53 عاما” من الحياة على تراب ليبيا وبين الليبيين، أن يصبح ليبي الجنسية …
53 عاما” من(اللبينة) الحياتية بمآسيها وتاريخها لم تقنع المؤسسة الليبية رغم تعاقب أزمانها بمنحه الجنسية الليبية هو وأسرته وأبناؤه وأحفاده، ليعيش حاملا” وزر اغترابه وميلاده في بنزرت الشمال التونسي عام 1946، ليدخل برزحه العدمي منذ 76 عاما” فلا هو مواطن تونسي الجنسية بالولادة، ولا هو ليبي الجنسية بالعودة كأي مواطن ليبي عاد عام 1969.
أ. حمادي المدربي، أحد أبرز وأهم رواد ومؤسسي المسرح في جنوب ليبيا، يكابد النفي اليومي منذ سبعة عقود بلا رفة جفن لهذا الوطن السادي، الذي يعذب فنانيه ومثقفيه بقوانين لعبته الهزلية: مقايضا” أسقامهم وأرواحهم وأعمارهم برعب النكران ورميهم في غياهب الموت أحياء”!
إنه القامة الثقافية المركونة:
أ. حمادي المدربي المسرحي والروائي والمخرج والممثل، والفنان الذي يقدر فنه وإنجازاته على الساحة الليبية كل من عرفه في سبها وليبيا والوطن العربي..
هو الحارس الجميل لمكتبة اليونيسكو العتيقة حتى صارت أرففها ضلوعه!
هو المثقف ذو الكبرياء الذي قطعت ليبيا عنه (معاشه الضماني) منذ شهر ديسمبر عام 2021 بحجة إنه ليس مواطنا” ليبيا”!
نُفي حمادي المدربي الليبي ثقافة و مواقفا” وحياة” إلى عدمية عبثية وحرم وأسرته من حقه في المواطنة كأي ليبي عاد من المنفي عام 1969.
وتم سلبه قوته اليومي ليكابد الظلمين: منفاه الداخلي وحرمانه من لقمة العيش وهو الشيخ ذو 76 عاما”، فأي وطن هذا الذي ينفي مثقفيه ويتلذذ بتعذيبهم جوعا” ومرضا”؟ وأي وطن هذا الذي يسلب قاماته المشرفة حق المواطنة ليعطيه لآلاف مؤلفة من المجهولين بالزور والبهتان؟ فمتى سينتهي آخر فصول مسرحية نفي حمادي المدربي في مسرحه الخالي إلا من شبح الموت الساخر!
أناشدكم..
#انقذوا حياة الأستاذ الكاتب المسرحي والروائي حمادي المدربي.
#امنحو الجنسية الليبية للمسرحي والروائي الليبي
أ.حمادي المدربي!