… عصفور يطارد فراشة.. يصطدم بزجاج النافذة.. يسقط في فم القط المتشمّس أسفل الجدار.
القط يعزو ذلك إلى حسن حظه.. وربما لأن السماء راضية عنه.. لكنه في النهاية يحس بالزهو لأنه اتخذ الموقع المناسب.. وأنّ السماء لا علاقة لها بالأمر.
القط الآخر يراقب المشهد من فوق السياج: (لا يفعل هذا الكسول شيئاً سوى التمدد والتثاؤب طوال النهار.. وتسقط له العصافير في فمه)!
الفراشة تُرجع ذلك إلى حسن حظها.. لكنها تشعر بالزهو هي الأخرى لبراعتها في مراوغة العصفور.
العصيفيرات التي تنتظر وجبتها في العش لا تشعر بأي قلق حتى الآن.. فالأم تتأخر أحياناً.. لكنها في آخر النهار تعود بحوصلة ممتلئة.
ربّة البيت تكنس الريش المبعثر.. وتلقي باللائمة على القط الذي لا يبالي بتعبها.. لكنها في نهاية الأمر تسلّم بالقدَر.. هذا الشيء الغامض الذي يلقي بالعصافير في أفواه القطط.
الريش ــ بين المخالب والمكنسة والريح ــ يسأل عن جناحه.. وتصله الحكمة كعادتها متأخرة: (الريش البعيد عن جناحه يخضع لمشيئة الآخرين)!
النافذة تشعر بالاستياء: (يصطدمون بي دائماً.. كأنّ الربّ لم يضع لهم عيوناً في رؤوسهم)!
الريح لا تشاطر النافذة استياءها.. بل تهبّ: (هذا جزء من عملي.. كنس الأشياء المبعثرة).
… وحده العصفور لم يتسع له الوقت ليفهم ما حدث..!!
***
(2013)