(أعترفُ بأنني أغبطُ إبراهيم الكوني).
هكذا كتبت الروائية العربية أحلام مستغانمي في زاويتها الأسبوعية بإحدى المجلات منذ مدة قريبة. فيا ترى ما السبب في إعلان هذا الشعور والتصريح به، وهي الكاتبة العربية التي نالت التقدير والتكريم والعديد من الجوائز الأدبية عن إبداعاتها الروائية التي أغنت بها المكتبة العربية وارتقت نصوصها وشخوص رواياتها بالذائقة الفنية لدى القارئ العربي.
وبالرغم من صداقتها الوطيدة للروائي الليبي الكبير إبراهيم الكوني وزياراتها له في بيته الجبلي بسويسرا، معتبرة إياه أقرب روائي عربي إلى قلبها تصر على أنها تغبطه!!! فهل هذا تناقض في فكر الروائيات العربيات؟ أم تصوير لمشهد بلغة رمزية متناقضة بين مسارب البوح وطلاسم الشعور الخفي.
فالأديب الليبي الكبير إبراهيم الكوني مشهود له بالزهد والتواضع والخلق الطيب الذي غرسته فيه تربية البيئة النقية، وإحساسه العميق بقيمة الوقت الذي سخره للكتابة وتوثيق حياة بيئته الصحراوية بأسلوب نال الشهرة والإعجاب من المؤسسات الأدبية العالمية فاحتفت به وسجلته في قائمة المبدعين العالميين عن جدارة واستحقاق.
لقد صاغ الكوني من حبات رمال الصحراء، ومياه ينابيعها، ونسائم واحاتها لوحات فنية زاخرة بالجمال الذي يبهج العيون ويسر النفوس ويدير محركات العقول، فأسكنها قلوب أهل المدن القريبة والبعيدة، العربية والأعجمية حتى صاروا يعشقون الصحراء بكل قيمها وطقوسها ومشاهدها الغنية بالمعرفة ومتعة التأمل والتدبر الفكري والحسي.
ولكن ها هي الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي تغبط زميلها إبراهيم الكوني وتصرِّحُ بذلك علانية لقرائها، فهل تكشف الروائية سبب ذلك؟
أجل، بل تفاجئ المبدعة العربية قارئها بأنها تغبط الكوني ليس على جوائزه ولا مكانته المرموقة في أوساط الأدباء والكتاب والمهتمين المتابعين للحركة الثقافية العربية والعالمية، وتوضح ذلك قائلة (فمنذ عشرين سنة والزعيم القذافي يؤمِّنُ للكوني ظروفَ الكتابة والإقامة في سويسرا، ويضعُ تحت تصرفه سيارةً ومرافقاً، كأي دبلوماسي، ويحميه من هموم الحياة كي يتفرغ لكتابة ملاحمه الروائية، ولولا رعايته لما استطاع إنجاز ستين كتاباً ترجمت إلى أربعين لغة).
إذا هذا هو السبب!!
وتضيفُ أحلام (ولو كنتُ إبراهيم الكوني، لاقتسمتُ مع القذافي جوائزي وأهديته نجاحاتي. ولكنَّ العلاقة الخاصة التي تجمع بين الرجلين، والشبيهة في نظري، بعلاقة فيدل كاسترو بغارسيا ماركيز، صادقة وحميمية، إلى درجة لا تحتاج إلى أضواء. فإن كان الكوني لا ينكر في مجالسه الخاصة ما قدمه له القذافي من رعاية، فالقذافي أكبر من أن يعلن فضله عليه).
فهنيئاً لكاتبنا الكبير إبراهيم الكوني بهذه الرعاية الخاصة، والتي أثمرت أعمالاً استحق بها احترام العالم له وجعلته سفيراً مميزاً للأدب العربي يلقى التكريم والتقدير في حله وترحاله.
(*) صحيفة “أويا”، العدد رقم (374) الصادر بتاريخ 2008/11/5م، الصفحة الأخيرة رقم 24