شعر

وصايا البحّار الطرابلسي

هي السفائن محراث البحار و فحلها.

هل كان للخشب غير أن يطفو؟

سمي سفينتك

غزالة،

عروس الشط،

مربوحة،

الأفق الأزرق….

سمها ما شئت

لسان بحر

يقترب ويبتعد

يسمي الأشياء

بلسان برّ

يسمع ويرى.

للشاطئ ما ألقت الأمواج.

إذا صنعت سفينتك فاصنعها من أفخر الأخشاب

الساجي، الماهوجني، العزيزي أوالأرز

أما شجرة الجوز الأسود

فاطرحها بعيدا ولا تقربها

فهي شجرة الشيطان

تجتذب الصواعق،

تقتل الماشية،

تحرق المنازل،

و تعمي السفينة.

إذا ركبت البحرلا تأخذ معك شيئا منها

ولو كان مقدار حبة شعير،

ابعدها عنك تعد إلى مرفئك آمنا.

سطح البحر لا يخبر الشمس شيئا

مستلق على فراشه الهزاز،

يمشط شعرها البرتقالي،

يغني لها أغاني العرائس الشبقة في الأعماق .

صوت الماء

يخرج من البحر.

صوت الماء

يعود إلى البحر.

البحر

لا يخبر عن حاله.

البحر

قد تخذله الريح

تكسر موجاته تجلدها على الشواطيء البعيدة

لكن لا يضيق به فضاء.

أولى الخطوات البريئة

والخطوات المتلصصة

كانت على الماء.

تجيء يسبقها البدر

في قلبها زفرات البحّارة

وأنين الحناجر المجروحة العطشى.

في الغابة يسكن حارس البحار،

يرسل بناته في الفضاء

غربانا تحلق متوهجة

وفي الأرض ذئابا تلمع عيونها

تمسح من على الرمال والموج

ما تراكم من لعنات.

لننتظر اليوم الرابع،

لننتظر مرور النوارس المبصرة،

لننتظر قليلا علنا نرى خنازير البحر تتقافز على الماء

أو تظهر الأغنام التي تقتات على التلّ.

دقات طبول وكحول قوي ودم تيس مراق على سارية

تنادي أرواحا من وراء اسوارها لتفض بكارة النور والظلمة.

لا بد للسفينة من روح

لكن لا ترجموا طفلا

لا تطعنوا بحّارا في ظلمة

ولا تغرقوا في غفلة عن الناس صبية يافعة.

ملعون و ميت

من يجلس على مائدة الأسلاف،

من يسرق طعام الأسلاف.

اكتبوا اسمه في كهف الرخويات المهجور،

اطمسوا أثار خطواته،

املأوا بيته بثعابين البحر.

حمّلوا النبيذ الأحمر أحزانكم

زجاجاته تتلألأ كالمرجان

و لو كنتم تقدرون

دحرجوها فوق التل ثلاث مرات

قبل أن تستقر على الماء.

ادفعوا لإله الريح عملته الفضية

علقوها على قاعدة الصاري

لا تأخذوا حجارة بيضاء مستديرة ملساء معكم أبدا

لا تلتفتوا وراءكم

ولا تقهقهوا عاليا ساعة الغروب.

السفينة

في بيت الروح

في حضرة العابدات الصامتات

تتخطفها أضواء الشمال

يقذفها الموج المتلاطم على جبل

وإذا سحبها النوم إلى وسادته

على مهل تشتعل فيها النيران

في الليل البحّار لا يفكر في البحر، يقرّب أوراق النعناع إلى أنفه،

يستنشق عميقا عروق الأرض، يضعها فوق جفنه على مسافة ذراع من قلبه الراجف،

يحس بها ناعمة كسيقان الفطر البري.

عاريا كعري الريح على صدر المركب، يخرج من جيب معطفه هفوات البحر،

يتركها على إفريز النافذة تحدق في النجوم الطرية بعيون عليمة صابرة.

مقالات ذات علاقة

الخروج من حياتي

عائشة المغربي

عنوان ثائر

حسن أبوقباعة المجبري

سـرُّ الأسـماء

المشرف العام

اترك تعليق