وأنا أقسم أنّي،
لم أرَ القاتلَ لكنّ القتيل
كان كالدوحة في الشمس،
وعيناه سحب
وعصافير وبحر ونجوم
كانتا تجرَحُني
كانتا تجرَحُني
كلما أذكرها تجرَحُني
مثلما تصعد في حلقي سكاكينُ اللهب
كلّ ما أذكره
قال لي في لحظة النّزع ــ تُراها باكية ـــ
أنا لا أعرفُ عن من كان يحكي
إنما قال غداً
حينما تغسلُ في الطلِّ المندَّى شعرَها
تحت أحلى قمر
حينما تطلقني من أسرها
نغمةٌ من وتر
آه يا قلبي،
وغاب الصوت موالٌ حزين
وأنا أقسم أنّي
لم أرَ القاتل في لحظتها
_ أيها الشهاد هل كان القتيل
عندها يحمل في كفيه شيء
_ لست أدري، فالذي أذكره
أنه كان مهيباً كالجبل
والذي حيرني
جرحُه كان بِحاراً وحقول
وابتهالاتٍ حزينة
جرحُه كان مدينة
تتمطى ساعة الصبح
مقاهٍ وبيوت
وتلاميذ كما الفلّ،
وشمسٌ وضجيج
وأنا أقسم أنّي،
لم أرَ القاتل في لحظتها
_ هل تعرفت على المقتول يا هذا؟
_ تعرّفت عليه
عندما حدثني،
قال إن المرء شخصان، فإما ميّتٌ
نعشه نعلاه، أو حيٌّ يموت
فوق صلبانِ المدى المشبوب
في ساعة شوق، ينتحر
وحزنت
لم يعد في غرسة الحزن
التي أحملها
زهرة بيضاء، أو غصن ندي
كنت قد جرّدتها منذ سنين
باقة في أثر باقة
_ يقفل المحضر، ولنمضِ إذن
ربما كان القتيل
هذه المرة شعباً أو وطن.
(أبريل 1970)