للأمكنة سطوة عظيمة على الإنسان من خلال ما تكتنزه من ذكريات أحداثها وشخصياتها ومواقفها وتعيد بعثه فينا طازجاً بكل تفاصيله وعبقه. اليوم (الثلاثاء الموافق 22 مارس 2022م) في احتفالية ملتقى خريجي كلية العلوم بجامعة طرابلس رجعتُ عقوداً من الزمن إلى الوراء، وفتحتُ صفحات تاريخٍ دراسي مكلل وغزير بكل ما هو معرفي واجتماعي مفيد ومثمر. ففي ربوع كلية العلوم بجامعة طرابلس وممراتها وحجراتها وقاعات محاضراتها ومسرحها وملاعبها وأقسامها تجولتُ بخاطري وذكرياتي وخطواتي في مسيرة زاخرة بالذكريات مع الأساتذة الأجلاء والزملاء الأعزاء والمواقف واللحظات التي لازالت تستوطن الذاكرة.
كانت الوجوه التي التقيتها اليوم غير الوجوه الماضوية التي عرفتها بالكلية، بعد أن تحجبت بعض الزميلات بالقماش، وغيّر العمر ملامحهن، وتزينت رؤوس الأساتذة والزملاء بالشيب الأبيض الناصع الجميل، وبعض التجاعيد التي خطها الزمن على خرائط الأجساد، ولكن القلوب لازالت ذاتها النابضة بالمحبة، وروح التنافس الشريف، والمثابرة والتعلم، والابتسامات والتحايا صارت أكثر حميمية وشوقاً لتذكر واستعادة تلك اللحظات الغابرة في ربوع الكلية، والأيدي المصافحة أكثر نعومة وحرارة ودفئاً لحظة التسليم والتشابك والعناق والأحضان.
سويعاتٌ قليلة أمضيناها في فعاليات الملتقى منحتنا رحلة زمنية عادت بنا إلى أجواء قرابة أربعين سنة مضت، تعارفنا وتقابلنا خلالها في نفس الأماكن والممرات، والجلوس في مدرجات المحاضرات، وبين الكتب في المكتبة وصالة المذاكرة وعند مدخل كلية العلوم الذي كنا نطلق عليه “المطار” لأنه إحدى محطات وصول الحافلات الجامعية المخصصة لنقل زميلاتنا الطالبات… وها هو اليوم يتجدد اللقاء في عمر مختلف وروح لازالت تحمل الكثير من الوفاء للمكان والأشخاص.
(2)
التحاقي بكلية العلوم بجامعة طرابلس
تأسست كلية العلوم بالجامعة الليبية فرع طرابلس سنة 1957م كأول كلية علمية بالمملكة الليبية المتحدة وتخرجت أول دفعة منها في العام الجامعي 1960-1961م وكان عددها (11) إحدى عشرة طالباً. ثم شكلت كلية العلوم بطرابلس مع كليتي الآداب والاقتصاد بفرع الجامعة الليبية في بنغازي نواة الجامعة الليبية الحديثة بعد أن تكونت سنة 1973م جامعة طرابلس الحالية وضمت في البداية كليات: العلوم والهندسة والتربية والزراعة، ثم توالى استحداث عدة كليات أخرى بها. وحالياً تضم كلية العلوم بجامعة طرابلس عشرة أقسام علمية هي: الرياضيات، الكيمياء، الفيزياء، علم النبات، علم الحيوان، الجيولوجيا، الاحصاء، علوم الغلاف الجوي (الأرصاد الجوية)، الحاسب الآلي، الجيوفيزياء.
التحقتُ بكلية العلوم بجامعة طرابلس سنة 1979م، بعد أن نلتُ شهادة الثانوية العامة بتقدير “جيد”، وأجريتُ الكشف الطبي بمستشفى الجامعة، وقدمتُ أوراقي ومستندات نجاحي وإتمامي مرحلة الثانوية العامة “القسم العلمي” لمكتب التنسيق بالجامعة، واستلمتُ إيصالاً بذلك بتاريخ 19/9/1979م تحت رقم (42283) يفيد بأن قسم التنسيق قد استلم من (الأخ) بدلاً من (الطالب) -وهي نقلة مهمة في الحياة تمنح استقلالية عن “ولي الأمر” ومسئولية شخصية واعتبارية- جميع المستندات المطلوبة للإنضمام للجامعة، والتي كان من بينها شهادة الكشف الطبي الذي أجري لنا بالمستشفى الطبي المتميز والمشهود له برقي الخدمات الصحية داخل الحرم الجامعي.
وحين اخترتُ قسم الأرصاد الجوية ضمن أول دفعة للدراسة في هذا التخصص الحديث في ليبيا، تم منحي في كلية العلوم الرقم (28005001) وبدأتُ تسجيل المواد الدراسية بإشراف الدكتور أنور الهادي زكي الأستاذ بقسم الفيزياء (خريج الدفعة الأولى بالكلية 1960-1961م بتقدير جيد جداً في تخصص الرياضيات التطبيقية) والذي كلف من عمادة الكلية ليكون أول رئيسٍ لقسم الإرصاد الجوية المستحدث بها، واستمر به حتى سلم المهمة للدكتور فؤاد بن غشير، ثم أعقبه الدكتور الصادق القاضي وتلاه الدكتور الطاهر الشريف رحمه الله وغفر له وجازاهم جميعاً عني كل خير.
أتممتُ بالقسم ثمانية فصول دراسية خلال أربعة سنوات وتخرجتُ بتفوق نلتُ به موافقة القسم لاختياري معيداً به لإتمام دراساتي العليا، ولولا اعتراض أعضاء المثابة الثورية بالكلية على قبولي لكنتُ الآن أحد الأساتذة بالجامعة. وشهدتُ خلال سنوات دراستي بالقسم الكثير من التجارب، وتعرفتُ على العديد من الأساتذة الأجلاء والزملاء الأعزاء، الذين ظل بعضهم على العهد والصحبة والصداقة حتى يومنا هذا. وقد نهلتُ من علوم أساتذة جامعيين عرب وأجانب من دول وجنسيات وديانات مختلفة: من الأردن في مادة “الكيمياء”، ومن مصر في مادتي “الرياضيات، واللغة العربية”، ومن الباكستان في مادة “الإحصاء”، ومن الهند في مواد “الفيزياء والرياضيات والأرصاد الجوية”، ومن بريطانيا وأمريكا في “اللغة الإنجليزية”، ومن ليبيا في “الرياضيات، والديناميكا الحرارية، والأرصاد الجوية، والحاسب الآلي”. وقد شاركني طلبة زملاء على مقاعد الدراسة في دفعتي بالكلية من جنسيات عربية وأجنبية هي: مصر والهند واليونان وتركيا وبوروندي وغانا وسوريا وفلسطين ولبنان.
لقد كان الفضاء الدراسي منهلاً جامعاً للعلوم التخصصية والثقافات المتعددة التي تعرفتُ عليها من خلال البيئة الجماعية المتنوعة الحاضنة، التي كانت تضمنا في ساعات الدرس والتزاماته وجديته، وكذلك خارج أوقاته وقيوده، أثناء النشاطات الرياضية التي نحضرها أو نشارك فيها سواء بملعب كرة السلة خلف مبنى الكلية، أو ملعب كرة القدم الخاص بالكلية، أو بمدرسة الفروسية بالجامعة أو حيث مقاعدنا المسائية والليلية وسط أرفف المكتبة المركزية ومكتبة العلوم وداخل صالة المطالعة بالدور الأرضي لمكتبة العلوم. وكذلك أثناء المناسبات الفنية وحفلات التعارف التي تقيمها الأقسام ترحيباً ودعماً للطلبة الجدد، وحفلات توديع بعض أعضاء هيئة التدريس أو الموظفين كتلك التي نظمناها في توديع سكرتيرة القسم السيدة / فاطمة الزهراء (مصرية الجنسية)، وأيضاً الرحلات الترفيهية ومخيمات الكلية السنوية في فصل الربيع سواء في “غابة جودايم” أو “تاجوراء” أو غيرهما، وكذلك الزيارات العملية الحقلية التي كنا نقوم بها لمحطات الأرصاد الجوية في الهضبة الخضراء وميناء طرابلس أو الدراسة العملية داخل مطار طرابلس الدولي لمادة تحليل خرائط الطقس والتنبؤات الجوية، أو الأسبوع الفني والرياضي والثقافي الشامل الذي كان ينظم في شهر أبريل بمنتصف السنة الجامعية الدراسية ثم صار ما بين فصلي “الخريف” و”الربيع” الدراسيين.
(3)
النشاط الثقافي والفني
خلال سنوات الدراسة الأربعة أسهمتُ في بعض المناشط الفنية والثقافية التي كانت سائدة في الكلية والجامعة، سواء بحضور الأمسيات الشعرية التي لازلتُ أتذكر أبرزها وهي للشاعر العراقي الكبير “مظفر النواب” بمدرج كلية التربية، وحفلات الموسيقى والطرب التي أبرز نجومها الفنان “مصطفى طالب” بأغانيه التراثية الجميلة والتي من بينها (في مولى الخدود)، والأعمال المسرحية و”الاسكتشات” التمثيلية التي كان يعدها ويعرضها الطالب الفنان “نورالدين الرايس” على مسرح كلية العلوم. كما شاركتُ الزملاء في تنظيم احتفالات التعارف بالقسم والتي كتبتُ في إحداها نصَّ أغنيةٍ ترحيبيةٍ قصيرةٍ لحنها أحد الزملاء وأدتها مجموعة من الطلاب على ركح مسرح كلية العلوم تقول كلماتها:
(مرحبتين في الارصاد ومرحبتين في الارصاد
مرحبتين وديما ديما مجتمعين في الارصاد
الارصاد قوية وبيها تزهى هالكلية
ونقولوا مرحب بالجية للجدد والأولين مرحبتين)
وأسهمتُ كذلك في تأدية مشهد مسرحي قصير بعنوان (غزالة اللي خلت بوها في حالة) على خشبة مسرح الكلية مع بعض الزملاء بالقسم خلال حفلة التعارف التي أقمناها على شرف الطلبة القادمين الجدد بالسنة الدراسية 1982-1983م.
وعلى صعيد آخر، أصدرنا خلال الفصل الدراسي “الربيع” في شهر إبريل 1983م العدد الأول من نشرة (دوحة الأرصاد) في 25 ورقة، مرقونة بالآلة الكاتبة العادية على ورق “استنسل”، وسحبنا منها كميات تم توزيعها على طلبة القسم والكلية. وقد ساهم في العدد الأول من نشرة “دوحة الأرصاد” التي لازلتُ أحتفظ بنسخة منها كل من الزملاء الطلبة:
1 – خليفة عبدالله خليفة الككلي
2 – مختار رمضان الغياق
3 – محمد محمد البشيني
4 – زياد زين العابدين حبيب
5 – مفتاح بالرخاء
6 – عبدالفتاح الهادي محمد
7 – عاشور صالح ساسي
8 – يونس شعبان الفنادي
وأبرز ما تضمنه العدد الأول من “دوحة الإرصاد” لقاءٌ أجريته مع رئيس القسم في ذاك الوقت الدكتور “الصادق محمد القاضي”، ومقالة تأبينية بعنوان (ماذا لو كان معنا!) وفاءً للدكتور الراحل “الهاشمي أبوغالية” الذي توفي بتاريخ 21/11/1982م بمدينة طرابلس إثر نوبة قلبية، وطالبنا بإطلاق اسمه على أحد مدرجات الكلية، وفعلاً استجابت إدارة الكلية مشكورة لطلبنا بتسمية (مدرج رقم 74) باسمه منذ تاريخ 23/12/1982م، رحمه الله وغفر له.
وقد تزامن صدور العدد الأول من “دوحة الأرصاد” مع صدور العدد رقم (8) من نشرة (7 أبريل) التي تصدرها أمانة الإعلام والصحافة برابطة الجامعة بمناسبة الذكرى الخامسة للسابع من أبريل، وقد جاءت في عشرين صفحة بمساهمة كل من الطلبة:
1 – عبدالسلام عمارة
2 – مسعود امحمد العلاقي
3 – محمد الهادي الشيخ
4 – إبراهيم يونس
5 – إبراهيم زبيدة
6 – عصام الزبير
7 – جمال حسني الزروق
8 – يوسف تمومن
9 – أبوبكر الزبيدي
10 – علي آدم السعداوي
11 – محمد أبوسنينة
وأبرز ما تضمنه هذا العدد الذي لازلتُ أحتفظ به لقاء قصير نشر بالصفحة العاشرة (10) أجري مع (الأخ/ سعد الدين بن عامر، أمين المؤتمر الطلابي النقابي لرابطة الجامعة)، كما نشر بالعدد على الصفحة السادسة عشرة (16) نتائج المسابقة الأدبية الكبرى حول اللوحة التشكيلية الفنية (انطلاقة) التي أعدها قسم النشاط بالجامعة، وقام بوضع شروط الكتابة حولها في الأجناس الأدبية الثلاثة (القصيدة الشعرية، القصة القصيرة، المقالة) وتولى تقييم المشاركات أساتذة من قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية التربية، وقد حققتُ فيها الترتيب الأول في كتابة المقالة الأدبية.
ثم في السنة التالية أصدر الزملاء بقسم الأرصاد الجوية العدد الثاني من نشرة “دوحة الإرصاد” خلال شهر أبريل 1984م في 25 صفحة بنفس مواصفات العدد السابق، وبمساهمة كل من الزملاء الطلبة:
1 – محمد أحمد الشامس
2 – مختار الغياق
3 – البهلول سعيد أبوالقاسم
4 – عاشور صالح ساسي
5 – خالد سالم الرابطي
6 – فوزي فتحي حافظ
7 – عاشور علي دبائر
8 – خليفة عبدالله خليفة الككلي
9 – محمد محمد البشيني
10 – زياد زين العابدين حبيب
11 – محمود ضو الرياني
12 – هشام قنيدي
13 – يونس شعبان الفنادي
وقد نشرتُ في هذا العدد نصين أدبيين قصيرين هما: (حلمُ الوحدة) و(أخافُ عليكِ).
(4)
فوزي بالترتيب الأول على مستوى الجامعة
أعد مكتب النشاط العام بالجامعة لوحة فنية تشكيلية كبيرة الحجم بعنوان (انطلاقة) تم وضعها في مدخل كلية العلوم، وأعلن عن مسابقة أدبية تستلهم مواضيعها من فكرة هذه اللوحة التشكيلية للكتابة حولها في ثلاثة أجناس أدبية هي: القصيدة الشعرية، والقصة القصيرة، والمقالة الأدبية. وقد وضع شروط ومعايير هذه المسابقة وتولى تقييم المشاركات الطلابية المستلمة أساتذةٌ من قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية التربية، وقد فزتُ فيها بالترتيب الأول في كتابة المقالة الأدبية.
فحين رأيتُ الإعلان في مدخل الكلية وأمام المقهى، وشاهدتُ اللوحة وتأملتها جيداً لأنها كانت في طريق مروري يومياً عند دخول ومغادرة الكلية، قررتُ المشاركة في المسابقة، واخترتُ جنس المقالة في ذلك. وفعلاً كتبتُ مقالة بعنوان (هل نحن شيوعيون أم الثورة يزنى بها؟) وذهبتُ وسلّمتها للدكتور “كمال عيد”، وهو أستاذ أكاديمي وناقد مسرحي شهير في مصر، كان مشرفاً على مكتب النشاط بالجامعة. وحين دخلتُ عليه بالمكتب وجدته مع مجموعة من الطلبة يتحلقون حوله ويتناقشون حول مسألة ما، ولما كنتُ مستعجلاً، لم أنتبه لوجوه المتحلقين ولا الاهتمام بمعرفتهم، بل سلمته المقالة وسجّل إسمي في سجل خاص بالمشاركين في المسابقة وغادرتُ عائداً إلى كليتي لألتحق بمحاضراتي.
بعد حوالي ثلاثة أو أربعة أيام حين كنتُ خارجاً من مقهى كلية الهندسة استوقفني بباب الخروج زميل شاب لقبه “الشهبوني” وأخذني على انفراد وسط ساحة وقوف السيارات قائلاً: (كنتُ أفكرُ فيك، وبحثتُ عنك بعدما غادرت مكتب النشاط وأنت تسلم مقالتك.). كنتُ أستمع إليه بكل هدوء واستغراب ومفاجأة، فأنا لا أعرفه ولم ألتقيه أبداً الاّ في تلك اللحظة فقط، ولم أقاطعه حتى واصل حديثه قائلاً (يا أخي ما كتبته في مقالتك أقل عقوبة عليه هو الإعدام في ظل التوترات السياسية والفوضى الثورية التي تشهدها الجامعة الآن. فبالله عليك اسحب مقالتك ولا تعرض نفسك للخطر ولا تجعلنا نخسر طالباً من طلابنا).
كان كلامه صادماً جداً أرعبني وأفزعني وأوقف الدم في عروقي. سألته: هل قرأت المقالة؟ فأجابني: (نعم وكل كلمة فيها صادقة، ولكن الوضع السياسي المتهور في الجامعة خطيرٌ جداً يتسم بالجهل والعنف والدموية، وكفانا فقداناً لأهل الصفوة والنبوغ. فبالله عليك يا أخي أدرك نفسك واسحب مقالتك أو استبدلها.). وبهذا الحديث القصير انتهى تواصلي مع الزميل “الشهبوني” الذي لم ألتقه منذ تلك المقابلة القصيرة العابرة، وأنا مدين له بحياتي، وهو أثبت بأن ليبيا لا تفتقد المخلصين الأنقياء الناصحين والمحبين للخير للآخرين غيرهم.
لم أنم ليلتها … وأنا أفكر في كيفية الأخذ بنصيحته تفادياً لما قد أتعرض إليه من توحش أيديولوجي سياسي دموي عنيف من الغوغاء المنتحلين صفة الطلاب والمنتشرين والمندسين بيننا. ولكني في نهاية الأمر قررتُ كتابة مقالة أخرى لاستبدالها بتلك التي سلمتها للدكتور كمال عيد. وفعلاً عدتُ إلى اللوحة التشكيلية (انطلاقة) مساء يوم جمعة حيث كنتُ وحيداً يغمرني هدوء المكان ليمنحني فرصة تأملها بعين أوسع، وفكر أرحب، رغم أن قلبي يرتجف بهواجس لا حصر لها. فسجلتُ العديد من الأعلام والأسماء والشخصيات المنتشرة على اللوحة والموزعة في أركانها، مع بعض الملاحظات التي تهمني في الكتابة.
وتفرغتُ للكتابة في حالة نفسية مرتعبة، وخلال يومين أنجزتُ كتابة مقالة بعنوان (رسالةٌ إلى حبيبتي) تصوّرت فيها نفسي طالباً مغترباً في إحدى الدول الأجنبية يواصل دراسته العليا يهزه الشوق والحنين ويدفعه إلى كتابة رسالة لحبيبته الأمة العربية. لقد جعلت الفتاة التي تحمل فانوس النور في اللوحة هي حبيبتي الأمة العربية، وبدأتُ في رسالتي إليها تذكيرها بتاريخها التليد وأمجادها وتراثها العريق ورموزها وشخصياتها وأعلامها، وضمنت المقالة بعض الأسماء التي كانت مبعثرة على بساط اللوحة.
ولما قررتُ الذهاب لتسليم المقالة الجديدة واسترجاع السابقة طلبتُ من صديقي وزميلي الطالب بقسم المكتبات بكلية التربية (نورالدين صالح الدالي) مرافقتي، فلبى دعوتي وذهبنا في صباح أحد الأيام الدراسية معاً إلى مكتب النشاط حيث وجدنا الدكتور كمال عيد وحيداً منشغلاً ببعض أعماله، فرحب بنا وشكرني على مساهمتي في المسابقة، وأخبرني بأنه لم يطلع عليها حتى الآن، !! وكل دوره يقتصر على تجميع المشاركات وتقديمها للجنة التقييم في كلية التربية. تفاجأ الدكتور حين طلبتُ منه استبدال مساهمتي السابقة (هل نحن شيوعيون أم الثورة يزنى بها؟) بالتي أحضرتها معي بعنوان (رسالةٌ إلى حبيبتي) عارضاً الإبقاء عليهما معاً فأعتذرت عن ذلك، وفعلاً أعاد لي مقالتي السابقة واستلم الأخيرة وخرجتُ مع رفيقي بروح وقلب جديدين وربما بعمر إضافي كذلك.
في الطريق توقفتُ مع رفيقي (نورالدين صالح الدالي) واخترتُ أن أقرأ عليه بعض ما كتبته في مقالتي (هل نحن شيوعيون أم الثورة يزنى بها؟) فجلسنا على مدرجات ملعب كلية العلوم لكرة القدم الذي كان في طريقنا، وكان ساعتها خالياً من الجمهور ولم يكن به أحد سوانا. وفجأة حين كنتُ أقرأ بعض سطور المقالة انتفض صديقي ورفيقي وهو يصرخ قائلاً (لا حول ولا قوة إلا بالله .. لا حول ولا قوة الإ بالله … حمداً لله على سلامتك .. وسلامتنا). كان مصدوماً بما كتبته ومستغرباً من درجة ومستوى المقالة الناقدة الجريئة والخطيرة التي كنتُ أدينُ فيها السياسة الليبية حين كانت تهلل وتكبر بظهور (المهدي المنتظر) بعدما أعلنت عنه مقالة نشرت بصحيفة (الفجر الجديد) الحكومية الرسمية، والاهتمام بذاك الحدث بشكل مميز، وفي سطورها تكتب مقالة “الفجر الجديد” أمام المهدي المنتظر حرفياً (عليه السلام) بينما حين تتم الإشارة إلى سيد الخلق الرسول العربي محمد توضع أمام اسمه (صلعم) مما اعتبرته في مقالتي تقليلاً من شأنه وتلوثاً فكرياً ودينياً وأخلاقيا معيباً يؤكد أن البوصلة السياسية للثورة قد انحرفت بعيداً عن أهداف الثورات الشعبية الصادقة وعن دين الجموع من الليبيين المسلمين البسطاء.
مقالة (رسالةٌ إلى حبيبتي) لم تنقذني من محنتي تلك فقط، بل أكرمتني بالجائزة الأولى على مستوى الجامعة في جنس المقالة وزرعت في كياني بوادر التوجه الأدبي والثقة في قلمي وفكري، وهو ما أثبته الأيام التالية حيث وصل عدد إصداراتي في المجالات الأدبية إلى ثلاثة عشر كتاباً صدرت لي في طرابلس وتونس والقاهرة من دور نشر ليبية وعربية، ونال أحد كتبي وهو (رواياتٌ ليبيةٌ نسائية) اهتمام الوسط الأدبي العربي وعقد ندوة لمناقشته في معرض القاهرة الدولي للكتاب .. فلله الحمد والثناء .. والشكر لأساتذتي وكليتي وجامعتي.
(5)
أسماء وأعلام وشخصيات
في الوقت الذي كان منصب عميد جامعة طرابلس “الفاتح سابقاً” يتولاه آنذاك الدكتور “إبراهيم المنتصر”، ومسجل الجامعة كان الأستاذ “الطاهر عيسى” الذي عرفته أستاذاً مدرساً بمدرسة العهد الجديد الإبتدائية الإعدادية بسوق الجمعة، كانت كليتنا تتشرف بتولي الدكتور “البهلول اليعقوبي” عمادتها ومسجل الكلية كان الأستاذ “يوسف كجاليك” ثم بعده الأستاذ “امحمد أبوسهمين”. ومن بين الأساتذة الدكاترة في الكلية كان في قسم الحاسب الآلي الدكتور عمر زرتي، والدكتور أسد، والمعيدان/ فرج الغراري، نصرالدين الزغبي الراجعين لتوهما آنذاك من الولايات المتحدة الأمريكية. وأساتذة قسم الأحصاء الدكتور فاروق البشتي، والدكتور كريم خان، والدكتور محمد خان. وأساتذة قسم الرياضيات الدكتور جمعة سويسي، والدكتور الفيتوري عمر، والدكتور منير نصيف من مصر.
أما أساتذة قسم الأرصاد الجوية بكلية العلوم فكانوا الدكتور الراحل أنور زكي، والدكتور فؤاد بن غشير، والدكتور الصادق القاضي، ، الدكتور الطاهر أحمد الشريف، الدكتور سيهرا سينج “هندي”، الدكتور راو “هندي”، الأستاذ أبوبكر نشنوش، وعدد من الأساتذة العاملين بمصلحة الأرصاد الجوية والمتعاونين مع الكلية وهم: الدكتور الهاشمي أبوغالية، والدكتور محمد صميدة والأستاذ محمد المعلول ددش رحمهم الله، والأستاذ أحمد صالح أبوغفة، الأستاذ محمد الطاهر العالم، والأستاذ فرج بسيوني “مصري”.
وكان زملائي طلبة الدفعة الأولى بالقسم الذين التحقوا خلال الموسم الدراسي 1979/1980م و(تخرجوا) سنة 1984م سبعة طلبة هم: أحمد رمضان بلحاج، عبداللطيف مفتاح كشلاف، أحمد علي الشيخ عواد، عبدالسلام المختار علي المشلوخ، علي محفوظ مفتاح جحيدر، يونس شعبان محمد الفنادي، زياد زين العابدين حبيب، وطالبة واحدة هي سعاد مازق مصطفى.
كما ضمت الكلية والقسم عدداً من الطلبة الموهوبين سواء في المجال الفني أو الرياضي من أمثال لاعب كرة القدم الدولي “صالح صولة” لاعب فريق الأهلى والمنتخب الليبي، وحارس مرمى فريق الأهلي لكرة القدم “بلعيد الغويل”، وكذلك “عدنان علي الخوجة” لاعب كرة السلة بنادي المدينة أو الشباب العربي لا أذكر الآن وهؤلاء هم زملائي في الدفعة بالقسم، والفنان ذو الصوت الرقيق المطرب الصديق بلحاج، وزكريا المجراب الطالب بقسم الحاسب الآلي الذي كان لاعباً بفريق الاتحاد لكرة القدم وغيرهم كثير.
(6)
جولة داخل الكلية بعد عقود زمنية
خلال احتفالية ملتقى قدامى كلية العلوم أتيحت لي رفقة بعض الزملاء القدامى فرصة التجول في ربوع الكلية، فزرنا مكتب رئيس قسم الأرصاد الجوية واستعدنا ذكرياتنا فيه أثناء استكمال بعض الإجراءات الإدارية والمناقشات العلمية، وكذلك القاعة المخصصة لنا في مبنى (كلية الزراعة القديمة) التي كانت حجرة للدراسة العملية ورسم وتحليل خرائط الطقس المختلفة سواء السطحية أو مسارات الرياح وتغيرات درجات الحرارة في طبقات الجو العليا.
كما مررنا على مدرج أستاذنا الدكتور الراحل “الهاشمي أبوغالية” وعلقنا على الرخامة الباهثة المثبتة على الجانب الأيمن بمدخله، كما زرنا موقع المقهى “الكافيتريا” واستعدنا بعض جلساتنا به والمواقف الطريفة والنوادر والأسماء والأحداث ذات الذكريات التي لا تنسى. وبعد خروجنا من المقهى وجدنا أنفسنا أمام مكتب اتحاد طلبة الكلية الذي كان في عهدنا مقراً (لمثابة اللجنة الثورية) والتي كان من أبرز منتسبيها: أبوالقاسم صميدة، عبدالمولى الغضبان، فرج المحبرش، حسين اللموشي، علي القريني، فيصل العربي، كامل جعاكة، مختار دغمان، محمد شاهين، مبروكة، فريدة، فاطمة، سعاد وغيرهم .. الله يسامحهم على كل ما فعلوه ضد العلم وتعطيل الدراسة في المسيرات والمظاهرات وتجمعات (الدائرة المغلقة) وانعقاد المؤتمرات الطلابية التي أضاعت الوقت العلمي وأهدرته الكثير منه بلا طائل ولا فائدة، ومواقفهم تجاه بعض الزملاء وضدي شخصياً حيث حرموني ومنعوا انضمامي معيداً بالكلية رغم موافقة رئيس اللجنة العلمية بالقسم الدكتور فؤاد بن غشير برسالته التي وجهها بتاريخ 18/9/1985م إلى (الأخ/ د. أمين اللجنة الشعبية لكلية العلوم) الذي أحالها بدوره إلى مكتب شئون المعيدين بالجامعة، وبدوره أحالها إلى (المثابة الثورية بكلية العلوم لإبداء الرأي)، ولكنهم ماطلوا كثيراً في الرد مدعين بأنهم أحالوا الرسالة إلى (شعبة المؤسسات التعليمية بمكتب الاتصال باللجان الثورية) ولكنهم لم يكونوا صادقين في ذلك، وبقيتُ أنتظر ردهم لأشهر طويلة حتى علمتُ عبر زميل وسيط بأنهم يعارضون كلياً انضمامي للكلية، فصرفتُ النظر والتحقتُ بالعمل بمصلحة الأرصاد الجوية بطرابلس.
وحين كنتُ أستذكر بعض أسماء أعضاء مثابة اللجان الثورية بكليتي طار بي خيالي إلى رواية (صراخ الطابق السفلي) للدكتورة فاطمة الحاجي التي جسدت تلك الفترة الخطيرة والمعاناة القاسية المؤلمة داخل الحرم الجامعي، وقد كانت تلك الرواية بحق صوتنا جميعا ًولم تكن مجرد صوت فردي لكاتبة وفية للوطن وللمكان.
والآن بعد هذه العقود الزمنية الطويلة، أشهد الله أنني أعفو وأسامح كل من ظلمني من أولئك الذين وقفوا في طريقي العلمي ووئدوا رغبتي في الالتحاق بهيئة التدريس بالجامعة والكلية التي تعلمتُ فيها، ولعلمهم فقد وفقني الله لبذل الكثير من الجهد والمثابرة العلمية التي مكنتني من نيل درجة الماجستير من أرقى الأقسام المتخصصة في علوم الأرصاد الجوية وهو قسم الأرصاد بجامعة ريدينج The University of Reading ببريطانيا، وأسهمتُ بعدد من الورقات العلمية التي نشرت بأرقى الدوريات العلمية في مجالي مثل مجلة الجمعية الأمريكية للأرصاد الجوية American Meteorological Society ، وإصدارات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية World Meteorological Organization (WMO) ، ومجلة الأرصاد الجوية بالمملكة المغربية (أخبارصاد)، ومجلة مؤسسة تحوير الطقس الأمريكية (Weather Modification Association) وغيرها. كما أنني عندما اشتغلتُ ضمن فريق مشروع زراعة السحب والأمطار الصناعية عملتُ على ربط إدارة المشروع بقسم الأرصاد الجوية بالجامعة، لإيماني بأن الجامعات هي بيت الخبرة العلمي الوطني الذي يقدم الأفكار والدراسات والرؤى المستقبلبة في مجالاتها، وفي نفس الوقت دورها المجتمعي وانفتاحها على الخارج لتوطيد عُرى الصلات العلمية والاجتماعية، وقد أثمر ذلك التعاون بإعداد ورقة علمية مشتركة نشرت بمجلة الجمعية الأمريكية للأرصاد الجوية حول زراعة السحب في ليبيا بعنوان (Some Experimental (Studies On Precipitation Enhancement By Using Silver Iodide Nuclei أعدها كل من الدكتور الطاهر أحمد الشريف (Taher Ahmed Sharif) الذي كان وقتها رئيساً لقسم الأرصاد الجوية بالكلية، والدكتور سينج سيهرا (Parmjit Singh Sehra) وهو أستاذ هندي بالقسم، والزميل عبدالسلام المبروك بن علي (Abdussalam Mabrouk Benali) مدير إدارة العمليات بالمشروع في ذاك الوقت، وغير ذلك الكثير من النشاطات والتعاون المشترك.
(7)
واقعة مسرح كلية العلوم مع القذافي
أثناء دخولي مسرح كلية العلوم تذكرتُ الملاسنة الاعتراضية التي دارت بيني وبين معمر القذافي في هذا المسرح حين كان يطالب في حديثه إلينا أثناء إحدى زياراته للجامعة بمساواة الطلبة الوافدين العرب بالطلبة الليبيين في جميع الحقوق، فوقفتُ له معترضاً على ذلك بحجة أن الطالب الليبي ملزم قانوناً بالعمل مع مؤسسات الدولة الليبية ضعفي سنوات الدراسة، وأن الإقرار بهذا التعهد قدمناه مكتوباً وخطياً ضمن مستندات التسجيل بالجامعة، بينما الطالب العربي غير ملزم بذلك. كما أن الطلبة العرب اللبنانيين والفلسطينين أثناء الغزو الاسرائيلي لبيروت سنة 1982م لم يتنادوا من تلقاء أنفسهم لإيقاف دراستهم والتطوع للدفاع عن لبنان وفلسطين، بل إدارة الجامعة هي التي أصدرت قراراً بإيقاف قيدهم بجميع الكليات، طالبةً منهم التوجه للتصدي للعدوان الإسرائيلي، والسفر إلى ساحة الحرب، وفعلاً توقف قيدهم وسافرواً ولكن للتسوح في دول عربية مثل الكويت والقاهرة وسويسرا حيث أسرهم وعائلاتهم وليس لصد العدوان الإسرائيلي.
كانت خاتمة الملاسنة الثنائية صادمة تحمل تشبيهاً خطيراً جداً حين خاطبت القذافي قائلاً بأنه لو تمت المساواة بين الطلبة الوافدين العرب والطلبة الوطنيين الليبين فإننا نساوي معمر القذافي بالملك السعودي فيصل. وعندها صفق المسرح بأكمله تأييداً لكلامي، مما جعلني أخشى أن ينالي شر من بعض المترصدين من عناصر اللجان الثورية بالكلية، ولكن رد القذافي على مداخلتي هو الذي غير حساباتهم، حين وجه نظره وأشار إلى مكان جلوسي في الطابق العلوي من المسرح بيده وقال حرفياً (زين .. كلام الطالب هذا هو الصح) ودوى مسرح كلية العلوم مجدداً بالتصفيق.
عندما كنتُ أتحدث آنذاك منفعلاً ومعترضاً في تلك الواقعة، كان يجلس على يميني في المسرح زميلي بقسم الحيوان بالكلية (بدرالدين بشير النجار) الذي صاراً دكتوراً ورئيساً لمركز مكافحة الأمراض، وعلى يساري زميلي بالقسم (زياد زين العابدين) الذي صار دكتوراً ورئيساً لنفس القسم الذي تخرجنا منه معاً، وبحضور عدد من الزملاء أذكر منهم (عبداللطيف كشلاف) الذي صار دكتوراً وتولى رئاسة قسم الأرصاد الجوية لفترة من الزمن، والصديق العزيز (محمد الهصك) من قسم الحيوان بالكلية والذي صار الآن أستاذاً به، وآخرون غيرهم.
ومن المناسبات الآخرى التي تذكرتها عند دخولي المسرح، حضوري أمسية رائعة للشاعر العراقي (مظفر النواب) بمدرج كلية التربية، وحضوري لأول مرة مناقشة رسالة ماجستير بالجامعة، ولقاءات “الدائرة المغلقة” المباشرة، وزيارات الرائد عبدالسلام جلود للجامعة وتنديده بالمستوى المتدني لطلبة الجامعة في مادة (الثقافة السياسية) حين أحضر معه مجموعة أوراق إجابات الطلبة ونثرها في وجوه الحاضرين بمدرج كلية التربية، وغيرها من المحطات الماضوية التي مرت سريعة كشريط سينمائي لم تبهت صوره وأحداثه عن الذاكرة.
(8)
رابطة خريجي كلية العلوم
لا شك أن تأسيس كيان أهلي تحت اسم (رابطة خريجي كلية العلوم) يستمد جذوره من نظائر عديدة مماثلة له في العالم تعمل على شاكلته، وبالتالي فهو ليس بدعاً جديداً، ولكنه بالتأكيد يحمل العديد من الايجابيات العلمية والمجتمعية لتحقيق الغايات والأهداف الثنائية للكلية وهي ربط الخريجين بماضيهم الجامعي، وربط مؤسسة الجامعة كهيئة أكاديمية بحثية دراسية بمحيطها المجتمعي، وهذا بلا شك يمثل رؤية بعيدة المدى للعلاقة بين المؤسسة التعليمية البحثية وخريجيها والكيان والوسط الاجتماعي برمته، وأنا أدعم هذا الجسم المتمثل في (رابطة خريجي كلية العلوم) وأمل أن أسدد من خلاله بعض الدين للكلية والجامعة التي أضافت لحياتي الكثير من البريق والبهجة والمسرات.
(9)
شكر وتقدير لكلية العلوم
بروح تغمرها المحبة والتقدير أتوجه بالثناء والشكر والعرفان والامتنان لصاحب الفكرة وجميع من أسهم في تنظيم هذا الملتقى الرائع لخريجي كلية العلوم بجامعة طرابلس، وأخص بالذكر الأستاذ عبدالمنعم سبيطة، والدكتور خالد المرغني وعميد الجامعة الصديق والزميل العزيز الدكتور خالد عون، وعميد كلية العلوم الدكتور رمضان الجدي، فلهم مني جميعاً كل المحبة والتقدير والشكر على دفعي لكتابة هذه المقالة التي أعتبرها فصلاً من فصول سيرتي الذاتية أثناء مرحلة دراستي بقسم الأرصاد الجوية بكلية العلوم في جامعة طرابلس.
طرابلس في 31 مارس 2022م