طيوب النص

يستشهدون

موسى حوامدة | فلسطين

من أعمال الفنانة التشكيلية “مريم الصيد”

يتناثرونْ …

شجراً … بلاداً من عيونْ
وإذا رأوا أحداً يحبُّ عيونَهمْ
يتجمعونَ … وينشدونْ
ودماؤهم خشبُ السلالم
شعلةُ الأقمار
واجهة المخيمْ

حين حاصَرَنا السوادُ
بكت سُميَّةُ واختفى
في كفها مطرٌ غزيرْ
سألت أباها عن طريق البئر
فارتجفت قناديلُ الكلامْ
حين استَفَقْتُ من الصغرْ
ورأيتُ أنَّ دمي له لونُ المذابح
لم أبك
بل نزفت يدي حقلاً ورايةْ.

يتناثر الزيتونُ في لغتي
وتسكنُ في عروقي أبجدياتُ المطرْ
وعلى الدوالي تستريحُ القبرةْ
وإذا رجعتُ إلى رفاقي
قبلوني وانحنوا للأرضِ
واحتَضنوا دَمي
وإذا بكت نجوى على صدري
تطايَرَ من ضلوعي بلبلُ الكلماتِ
وانتشر الرصاصُ على ذراعي
وانهمرْ
عشرونَ داليةً تمر من الفراغْ
مليون … ناقوس تدق من الفراغ
وورودكم ذَبُلتْ
ومازال الجياع هم الجياعْ
وحدود فرحتنا ضياعْ
ويداكَ للكتب الأنيقة للسجائرْ
والدماءُ إذا الدماءُ على الدماءِ
إلى الدماء
بلا رداءْ
وبلا غطاء !!!

نزفت شبابيكُ اللغةْ
فَرَّتْ طيور الصَبْرِ
وانتعَلَ الغرابُ قبابَ حارتنا
ورفرف في الضلوعْ
فلأيِّ قاطرةٍ أمدُّ يدي …؟
وكل قواطر العنب اللذيذ
بلا سككْ
وإذا بكيتُ على بكاء صغيرتي
يستجمعونَ عيونهم ويحومونْ!

ولأيِّ ساحرةٍ أقدمُ كفَةَ الأشلاءِ
من أيِّ الجهاتِ أرى النهارْ
وإذا صعدتُ إلى عيون أحبتي
يتسلقون مفاصِلَ الأنوارِ
ينهمرون قرب قصائدي
ويدخنونْ.

يتكاثف الشعراء في لغتي
وتشربني السواقي
ترتدُّ أغنيتي على قلبي تعبْ
ويرابط البلوط في جلساتنا
ويواصل الشهداء أغنيةً
عن الوطن البعيدْ
يساقطونْ
وعلى منارة عشقهم يتوافدونْ
وإذا بكى شجر الجليل هُم البكاءْ
و إذا انتهى زمن الرحيل هم الأَملْ
وعيونهم فرح الحواري والحقولْ

يتدافعونْ
يتواصلونْ
وعلى الحروفِ
على السيوفِ
يتعانقونْ
وإذا تراقص حبُّهم يتراقصونْ
يتوحدون
يتمازجون
ويستشهدون.


إحدى قصائد مجموعتي الشعرية الأولى شغب الصادرة عام 1988 في عمان والتي قرأتها في مركز الملك عبدالله الثاني في مدينة الزرقاء في احتفالية أسرة نادي القلم بيوم الكرامة ويوم الأرض.

مقالات ذات علاقة

ليس كما ظننـا !

المشرف العام

معرض الكتاب في راس لانوف

المشرف العام

سفنزة صغيرة

جميلة الميهوب

اترك تعليق