طيوب الفيسبوك

هراء عصري

ناعوم تشومسكي (الصورة: عن الشبكة)

نص مهم لـ”ناعوم تشومسكي“، من كتاب أعكف على ترجمته، بعنوان “هراء عصري”، حول فضيحة “ألن سوكال” الشهيرة، يناقش أحقية المرء في الخوض في جدال ليست لديه مؤهلات أكاديمية تجعله جديرا بالخوض فيه:

تقاطعتُ في عملي الاحترافي مع تنويعة من الحقول المختلفة؛ فقد أنجزت مثلا أعمالا في علم اللغة الرياضي دون أي مؤهلات احترافية في الرياضيات؛ وكنت في هذا الموضوع عصاميا تماما، إذ لم أتلق فيه دروسا كافية. غير أنني دُعيت مرارا من قبل جامعات للحديث عن علم اللغة الرياضي في حلقات نقاش وندوات رياضية. ولم يحدث أن سُئلت عما إذا كانت لدي المؤهلات المناسبة للحديث في هذه المواضيع؛ كما أن علماء الرياضيات لم يكونوا يحفلون إطلاقا بهذا الأمر. ما يريدون معرفته هو ما لدي لأسهم به. ولم يعترض أحد على حقي في الحديث، ولم يسأل أحد عما إذا كنت أحمل درجة الدكتوراه في الرياضيات، أو عما إذا كنت تلقيت دروسا متقدمة في هذا الموضوع. إنهم يريدون أن يعرفوا ما إذا كنت مصيبا أم مخطئا، وما إذا كان الموضوع مهما أم تعوزه الأهمية، وما إذا كانت هناك مقاربات أفضل – فقد كان النقاش حول الموضوع، وليس حول حقي في نقاشه.

 من منحى آخر، أثير هذا الموضوع بشكل مستمر في نقاشات أو جدالات حول مسائل اجتماعية أو حول السياسة الخارجية الأمريكية في فيتنام أو الشرق الأوسط مثلا، غالبا بنبرة غلّ حادة. وكثيرا ما كان يشكّك فيما أقول لأسباب تتعلّق بالمؤهلات، وكثيرا ما سُئلت عن التدريب الخاص الذي تلقيت والذي يؤهلني للخوض في هذا الموضوع. ومفاد الافتراض هو أن الأشخاص، من أمثالي، الذين يعتبرون غرباء من منظور احترافي، لا حق لديهم في الحديث عن مثل هذه الأمور.

 قارن بين الرياضيات والعلوم السياسية – وسوف تجد أن الأمر مدهش تماما. في الرياضيات، وفي الفيزياء، يُعنى الناس بما تقول، وليس بشهاداتك. ولكن لكي تتحدث عن الواقع الاجتماعي، يلزم أن تحمل المؤهلات المناسبة، خصوصا حين تنأى عن إطار التفكير المقبول. وبوجه عام، يبدو من المنصف أن نقول إنه كلما كانت المادة الفكرية للحقل أكثر خصبا، كان الاهتمام بالمؤهلات أقلّ، وانصبّ جلّه على المحتوى.

مقالات ذات علاقة

العـيـب

أحمد يوسف عقيلة

النحاةُ هُمْ السببُ

المشرف العام

إلي إبنتي القدس

المشرف العام

اترك تعليق