تمر علينا اليوم الذكر الـ20 لوفاة الكاتب الليبي “خليفة الفاخري”
ولد “خليفة الفاخري” في مدينة بنغازي العام 1942م، خلال معارك الحرب العالمية الثانية، التي شهدتها مدينة بنغازي بين قوات المحور والحلفاء.
ولد “الفاخري” لعائلة ليبية في وقت كان فيه الفقر والحاجة قد أحاطت بالعائلات الليبية، المر الذي اضطره إلى ترك المدرسة والعمل في (نظارة المعارف) سنة 1958م. قبلها؛ انخرط “الفاخري” الطفل في حفظ القرآن الكريم في (جامع الحدادة)، في ذات الوقت؛ لفتت نظره عناوين الكتب التي كان يستعيرها من المركز الثقافي المصري، مما جعله يتعلق بفن الخط، الأمر الذي دفعه للاهتمام بهذا الفن، حتى أصبح من يقوم على رسم الختمة في الجامع.
أما عن قصة “جنقي” الاسم الذي التصق به، فيقول الدكتور “مصطفى الفاخري” شقيق الراحل: (كان “خليفة” في صغره كثير الحركة وشقيًا كعادة الأطفال في تلك السن، وكان يكثر الحديث في صلاته، وفي ذاك الوقت كان هنالك شخص إيطالي يدعى “جنقي”، وهو مسيحي الديانة موجود بالمدينة، فأطلق والدي رحمه الله على خليفة لقب “جنقي” الذي وصفه فيه بأنه يصلي صلاة جنقي المسيحي”.
وبالرغم من تركه للدراسة في عمر مبكر؛ فإن “الفاخري” تمكن من إثراء معلوماته، تمكن من إتقان اللغة الإنجليزية، من خلال دراسته في المركز الثقافي البريطاني ببنغازي لخمس سنوات، لينتقل بعدها إلى إنجلترا لاستكمال دراسته للغة الإنجليزية والأدب سويا وذلك عام 1970م.
بعد عودته من بريطانيا، دخل سوق العمل، وتنقّل بين الوظائف العديدة إلى أن استقال العام 1988م، من وزارة الخارجية، حيث كان يشغل منصب مستشار ثقافي بها. يقول “الفاخري” حول تجربته الوظيفية، عقب استقالته: (وانتهى بذلك عمري الوظيفي غير المأسوف عليه).
إضافة إلى الكتابة؛ مارس “الفاخري” الرياضة؛ فلعب كرة القدم مع نادي (التحدي)، بجانب الملاكمة.
“الفاخري” كان من الكتاب المقلين في إنتاجهم، حيث نشر أعماله في عدد من المنشورات الليبية مثل: الحقيقة، والأسبوع الثقافي، والثقافة العربية، وأخبار بنغازي، ومجلة الفصول الاربعة. اما الإصدارات فصدرت له ثلاث كتب هي:
موسم الحكايات بنغازي – دار الحقيقة 1974م
بيع الريح للمراكب طرابلس – الدار الجماهيرية 1994م
غربة النهر طرابلس – الدار الجماهيرية 1994م.
بالرغم من هذه القلة في الإنتاج؛ إلا أنه استطاع أن يصنع شكلا أدبيا خاصة ومتفردا في السرد الليبي؛ فيه القصة والحكاية والوقائع اليومية. وفي هذا يقول الناقد “منصور أبوشناف”: (هو أحد مطوري النثر الليبي الحديث، وقد شكل وزميله الصادق النيهوم طليعة أدباً جديداً في مدينة بنغازي وكل ليبيا، واستطاعا حقاً خلق تيار أدبي أكثر انفتاحاً على أدب العالم). ويضيف “أبوشناف”: (ظل الفاخري لصيقاً في أدبه بالمواطن البسيط وهمومه، وأعطى لتلك المعاناة أبعاداً إنسانية عميقة جعلته جزءاً من ملحمة معاناة الإنسان وصراعه من أجل وجود أفضل).
من الملامح المهمة في تجربة “الفاخري” المراسلات التي كانت بينه وبين صديقه ورفيقه “الصادق النيهوم”، والتي حملت الكثير من المعاني والأفكار والصور غير المسبوقة، ففي رسائلهما التي كانت بين بنغازي وهلسنكي تجربة فريدة ومميزة في الأدب الليبي، وقد قدم الكاتب “محمد عقيلة العمامي” في كتابه (منابت الريح – توثيق لسيرة الراحل خليفة الفاخري/2002) صورة شاملة عن “خليفا الفاخري” من خلال سيرته وأدبه، خاصة. من رسائل “النيهوم” و”الفاخري” نقتطف:
كتب المفكر الليبي “الصادق النيهوم” إلى صديقه “الفاخري” في أحد الرسائل يقول: (أردتُ أن أجعل كلماتي تضيء.. وقد أعطيتها مهلة كاملة لأنني ظننت أن الحروف مثل ثمار الشماري تحتاج إلى وقت لكي تنضج.. وعندما قرأت مرة أن الكلمات تتغذى على التجارب، هرعت كالمجنون أجوب الأرض والأحداث وأبحث عن التجارب)..
فرد “خليفة الفاخري” قائلا: (الجري خلف قطعان الكلمات شاق وطويل ودائب.. إنه عذاب متصل يحفر قلبك طوال الوقت، ويدعك تتعامل مع النار مثل أحد الحواة من دون أن تلتقط أنفاسك أو تنعم بلحظة رضاء مدى العمر)..
توفي الكاتب “خليفة الفاخري” في الـ6 شهر يونيو من العام 2001م، بمستشفى (بوردوشمو) وسط بنغازي، بعد أن مرض بشكل مفاجئ، حيث مكث بالمستشفى لأيام معدودة قبل وفاته.
للاستمتاع والتعرف أكثر للراحل نقترح عليكم
قصص:
قراءات في أدب الفاخري
لماذا تبهرنا كتابات الفـاخري؟ – محمد عقيلة العمامي
نغم في ذاكرتي – محمد حسين كانون
القاص خليفة الفاخرى .. والكتابة التى لا تخون الروح – انتصار بوراوي