شخصيات

حميدة بن عامر .. الإعلامية الفتيّة

السيدة حميدة بن عامر.
السيدة حميدة بن عامر.

الحلقة الثانية

حديثي اليوم سيكون عن سيدة جليلة عرفتها شخصيًا وعن قرب فهي أم لأعز الصديقات بادئ ذي بدء تعرفت على ابنتها الكبرى السيدة “أمينة بن عامر” التي لا تقل روعة عنها فهي كانت أمًا لسلوى الجوهري الطفلة المتميزة عندي في برنامج (عالم الأطفال)الذي قدمته على شاشة التليفزيون الليبي، ثم بعد زواجي تعرفت على الأبنة الأخرى السيدة “ليلى بن عامر” زوجة المهندس نور الدين الثلثي زميل زوجي المرحوم في الدراسة  في بريطانيا وزميله في العمل وأخ لصديقات الدراسة وكن من أعز الصديقات ثم تعرفت على أختها ابتسام الناشطة في حركة الكشافة وسيدة الأعمال القديرة ابتسام، وكان إبني عبد العزيز البالغ من العمر حوالي ثماني سنوات يعاني من اللحمية وضعف السمع نظرًا لوجود مياه بإحدى أذنيه مع وجود اللوزتين، فعرّفتني ابتسام على أخيها الجراح جمال بن عامر الذي أخبرني أن إبني يحتاج إلى ثلاث عمليات جراحية دقيقة دفعة واحدة وطلب مني الحضور لبنغازي حيث يعمل ليجري له الجراحات المطلوبة، وفي عطلة نصف السنة ذهبت مع الأبناء واستقبلني عمي المرحوم امحمد وأسرته الذين لهم مكانة خاصة عندي وهناك تعرفت على تلك السيدة العظيمة التي عرضت علي أن أقيم عندها في منزلها الكريم حتي يجري إبنها العملية لإبني وعدّتني كواحدة من بناتها وعندها تعرفت على باقي بناتها الكريمات اللواتي لم يقلوا لطفًا وكرمًا عنها.

وذهبت للمشفى وهناك خصص لي الدكتور حجرة خاصة لي ولزوجة أخيه وابنها الذي كان يجري أيضًا عملية على اللوزتين، وكانت البداية بإبني لأن عمليته دقيقة ومتعبة وعندما لاحظ الدكتور خوف إبني الشديد حاول أن يطمئنه وأن يجعلني أبق إلى جانبه وأدخل إلى حجرة التعقيم لولا رفضي الدخول أبعد من ذلك حتى خشية من أن يغشى علي وأسقط أرضًا، فأنا أتماسك فقط عندما تكون العملية خاصة بي وأقوى علي كل شيء ولكن عندما يكون الأمر لأحد أقربائي فإنني أصاب بالانهيار وبشدة، وبالفعل قاموا بتخدير إبني وهو ممسك بي لا يريد إفلات يدي من يده رغم أن الدكتور حاول طمأنته ولكن دون فائدة، فأصر الدكتور أن أبيت مع إبني في المستشفى خوفًا من حدوث أي طارئ لا سمح الله لكوننا لم نكن نعرف الموبايلات وقتها، وبالتالي لن أتمكن من الاتصال به عند الضرورة، وقد بتنا ليلتها داخل المستشفى وسط رعاية الأهل والأصدقاء والعناية الطبية المكثفة وقتها، وكلما كنت أشكر الدكتور جمال كان يقول لي أنت أختي وقد أوصتني الوالدة بك خيرًا لذلك لا يمكن أن أنسى لها ولأسرتها الكريمة تلك المكرمة والاهتمام، وكأنني فرد من افراد العائلة، هذه هي السيدة المحترمة التي عرفتها عن قرب ومهما تحدثت عنها فهي اكبر من كل الكلام.

رحمك الله أمي الثانية وجعلك مع الصحابة والصديقين في جنات النعيم.

السيدة حميدة بن عامر

ولدت السيدة “حميدة بن عامر” في بنغازي يوم 13/12/1922م وهي تُعد من الإعلاميات الأوائل في ليبيا، ونشأت وترعرعت في بيت جدها قاضي ومفتي المدينة ولمّا كان للعلماء والشيوخ من مكانة ومنزلة خاصة فقد كان يقصده الكثير من الناس للاسترشاد بفتاويه الشرعية، ووسط هذا المناخ الروحاني والديني شبت الأبلة حميدة كما أحب أن أناديها محبة للعلم والمعرفة، لاسيما أن والدها كان محاميًا شرعيًا في المحكمة ومؤلف كتاب (ملخص الأحكام الشرعية لحل المعتمد من مذهب المالكية) ثم التحقت بالمدرسة الابتدائية الإيطالية التي تديرها المربيتان حميدة العنيزي وبديعة فليفلة، فتعلمت الحساب والجغرافيا واللغة الايطالية وفنون الخياطة والتطريز وأتقنت بفضل العلامة جدها اللغة العربية والقرآن الكريم ونالت الشهادة الابتدائية ومن ثم الإعدادية سنة 1939 م وتزوجت من السيد حسين سالم بن عامر.

الأنشطة الأهلية التي مارستها:

خلال عام 1954 انخرطت في جمعية النهضة النسائية وكانت إحدى مؤسساتها الفاعلات في مدينة بنغازي فضلاً عن نشاطها الدؤوب في العمل التطوعي، وفي العام نفسه شرعت في إعداد وتقديم برنامج (ركن المرأة) الذي ذاع صيته في ذلك الوقت وكان مهندس الإرسال محمد علي التاجوري يسجل الحلقات في بيتها ثم في مقر الإذاعة في منطقه البركة واستمرت في العمل الإذاعي إلى أن تم افتتاح الإذاعة المسموعة في منطقة راس عبيدة.

تنوعت موضوعات البرنامج، تعاون في إعداد مواده الكثير من الكتاب والمثقفين وفتحت الأبواب العمل الإعلامي أمام المرأة فساهمت المتميزات منهن وعلى سبيل المثال الطالبة فتحية مازق والطالبة هنية الكاديكي التي تربطني بها علاقة نسب ومصاهرة وحقق البرنامج نجاحًا كبيرًا وفتحت الآفاق أمام المرأة في كافة المجالات، واستمرت السيدة حميدة في إعداد وتقديم برنامج المرأة حتى عام 1960 إلى أن اتجهت لمجال التعليم وأكملت فيه مسيرتها المهنية حتى تقاعدت بعد 23 عامًا خاتمة مسيرة من العطاء التربوي والثقافي والتعليمي.

ووافتها المنيّة رحمها الله في 23 يوليو 2014 م

رحم الله تلك السيدة الجليلة رحمة واسعة وجعل ذلك في ميزان حسناتها

وحنى نلتقي مع مبدعة أخرى من رائداتنا الفضليات أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمته وبركاته.

مقالات ذات علاقة

40 الكاتب الصحفي الكبير أحمد عاشوراكس

رامز رمضان النويصري

محمد عمر الطشانى… الاستاذ

المشرف العام

محمد الفرجاني.. موسيقار «سكن وجداني»

أسماء بن سعيد

اترك تعليق