البدري الرايس.. هكذا يعرفونه في طرابلس.. عاشق البحر.. فقد أمضى سنوات عمره الخمس والسبعين سنة وهو يجوب أعماق البحر.. وفي كل الفصول.. يصارع البرد وعواصف اليم وتياراته بمفرده.. يجد متعة غير عادية قد لا يدركها غيره عندما يختلي بالأمواج.. وفوق ذلك فهو طباخ ماهر لجميع الأكلات البحرية.. من ذاق طعامه مرة.. عاد إليه مرات عديدة..
كما أنه عاشق لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم.. فهو يحفظ جميع أغانيها بمؤلفيها وملحنيها ومقاماتها وتواريخ ومناسبات غنائها.. بالإضافة إلى أنه يعد قاموسا فريدا لتفاصيل حياة أم كلثوم الفنية والاجتماعية بل ويتحدى أقرب أقاربها في سرد سيرة حياتها بكل دقة..
عندما يدندن بأغانيها تنزل دمعة من عينية اللتين تخفيان أسرار البحر وعشق الفن.. يمسح دمعته بطرف كمه.. ويواصل النشيج بصوت مبحوح يقطع نياط القلب..
التقيته بمقهى الفنانين الواقع بشارع عمر المختار بالعاصمة طرابلس.. همس لي باحتياجه لسرد محطات من حياته المليئة بالأسى والآلام.. كان ذلك على ما يبدو يخفف من معاناته لمصاعب الزمن.. قال لي بنبرة حزينة: أغنية حسيبك للزمن التي كتبها عبدالوهاب محمد ولحنها لأم كلثوم رياض السنباطي تنطبق على سيرة حياتي بكل تفاصيلها.. وقال لي أيضا: تقول كلمات الأغنية:
حسيبك للزمن
لا عتاب، لا عتاب ولا شجن
حسيبك للزمن
لا عتاب، لا عتاب ولا شجن
تقاسي من الندم وتعرف الألم
حسيبك للزمن
تشكي مش حسأل عليك
تبكي مش حأرحم عينيك
يا اللي ما رحمتش عينيّ
لما كان قلبي في إيديك
دارت الأيام عليك
حسيبك للزمن
لا عتاب، لا عتاب، لا عتاب ولا شجن
حسيبك للزمن
تشكي مش حسأل عليك
تبكي مش حأرحم عينيك
تشكي مش حسأل عليك
تبكي مش حأرحم عينيك
تشكي مش حسأل عليك
تبكي مش حارحم عينيك
يا اللي ما رحمتش عينيّ
لما كان قلبي في إيديك…