شعر طيوب عربية

مرةً واحدة نسيت إصبعها تحت الإبرة

سوزان علي – سوريا

من أعمال التشكيلي الكويتي محمود أشكناني

تقول جدتي:
إن أمي كانت تمشي حافية على الدوام
تتبع صوت طبول الأعراس البعيدة.
وإنها كانت تنتظرها
على عتبات الليل البارد
وعيون النوافذ تسهر على أغنياتها ولا تنام.
تقول أميَّ :
حملتُ كتاباً لأحلمَ
وعصاً لأعرف طريق العودة
كانت القرية بعيدةً
وكان المطر مثلي بعيداً
رحت ألعب
وأهش القطيع.
تقول جدتي:
إن أمي لم تكن تحب الأمشاط
وإن شعرها كان نهرا
تشرب منه قطعان البراري.
تقول أمي:
ذهبتُ إلى مدرستي على ضوء سيارة
أسرعت فجأة
فضعتُ
ووجدت نفسي أمام البحر .
تقول جدتي:
إنها اشترت لأمي
آلة خياطة آخر الحصاد،
أحاكت للقرية أكماماً ودموعاً ومناديل
مرةً واحدة نسيت إصبعها تحت الإبرة
مرة واحدة فكرت أن تحيك قميصا لها.
تقول أمي :
رميتُ حذائي في البئر
فاشتروا لي مثله تماما
رحتُ أنظر في البئر
كان وجهي المعطوبُ
يطفو هناك …
تقول جدتي:
إن القرى جاءت
على شرود السراج
تزفُّ اسمنا
الغار في السلال
والحناء تعجن في الفجر.
تقول أمي:
تركوني وخرافي على السفح
أول الخريف
ضعت
غنيتُ
لم يسمعوني.

مقالات ذات علاقة

غفوة الياسمين

سالم العوكلي

الرقم 54..

منيرة نصيب

كان النرجس

المشرف العام

اترك تعليق