شعر

قصيدة: أَمَا لِلـكـُـرْهِ وَالبغْضَاءِ حَـدٌّ

للشاعر الدكتور عبدالمولى البغدادي

من أعمال التشكيلي الليبي أسامة النعاس


أَرَى فِي العِـيـدِ طَـيْـفَ دَمٍ يَـلُــوحُ
يَـصِـيحُ بِـنَـا: أنا الوَطَـنُ الجَرِيـحُ !
أَنَا الشَرَفُ الذَّبِيحُ بِسَيْفِ أَهْلِي
لِمَـنْ أَشْكُـو دَمِـي وَلِـمَنْ أَبُـــــــوحُ
أتـحْـتَسِبُونَـه عِـيـــــــــــدًا سعِـيـدًا
وَطَعْمُ الكُرْهِ مِنْ دَمِكُمْ يَفُــــوحُ
أَمَا لِلـكـُـــــــــــرْهِ وَالبــغْـضَاءِ حَـدٌّ
وَأَيْنَ هُو المُسَامِحُ وَالنَّصُوحُ
تَضُجُّ الأرضُ ضِيقاً واختناقًـا
بمنْ لم يحْوِه الحُبُّ الفسيحُ
جَـمِيعُ أكُفِّكم صَارتْ سِهَامًا
بِكُلِّ أَوَاصِـــــرِ القُـرْبَى تُـطِيحُ
تَشَابَهَتِ المَدَائِحُ وَالأهَـاجِـــي
وَحَارَ الشِّعْـرُ أَيُّـهُمَـا الفَصِيــحُ
وَشُبِّهَتِ الأَضَاحِي بِالضَحَايَا
كِلاَ الجَسَدَيْنِ فِي وَطَنِي ذَبِيحُ
كَأَنـَّــا مِنْ شَرَاذِمِ قَـوْمِ نُـــــــوحٍ
وَحَاقَ بِفِـعْـلِنَـــا مَا قَـــالَ نُـــــوحُ
أيُثْلِجُ صدْرنــــــا قتْلى ذَوِيـــــــــنَا
وَيُطْرِبُنا التَّفَــــــــاخُـرُ وَالمَدِيــحُ
وَيَشْمَتُ بَعْضُنَا فِي وَأْدِ بَعْضٍ
كَأَنَّ الــغيْـرَ لَـيْـسَ لَـدَيْـهِ رُوحُ
وَلاَ حُـزْنٌ عَلَـيْـهِ وَلاَ عـَــــــــــزَاءٌ
وَلاَ كَفَنٌ هُنَـاكَ وَلاَ ضَـــــــرِيــحُ
وَنَزْعُـــــــــمُ أَنَّهُ فَتْـــــــحٌ وَنَـصــْـرٌ
وَلاَ نَصْرٌ هُنَــــاكَ وَلاَ فُـتُـــــــوحُ
وَنَـنْـسَى أنَّـنَـا أبْـنَــاءُ عَــــــــــمٍّ
جَمَحْنا وَاسْـتَبَدَّ بِنَا الجُمُوحُ
وَأَنَّ مَصَائِبَ الدُّنْيَا سِجَــــالٌ
نَوَائِبُهَا كَمَـا جَاءَتْ تَـــــرُوحُ


أيَـــا وَطَـنًـــــــــــا يُحَــــــــقِّرُهُ ذَوُوهُ
لِيَرْكَـبَـهُ المُـهـَجَّـنُ وَالَّلقِيـــــــحُ
وَيُمْسِكُ بَعْضُنَا بِرِقَابِ بَعْــضٍ
لِيَظْـفَـرَ بِالِّلـحَـاقِ بِنَا كَسِيــحُ


عَـوَى ذِئْـبٌ وَصـَـــــــــــــاحَ فَقَلــَّدَتْهُ
زَوَاحِــــفُ لَمْ تَـكُـنْ قَبْـلاً تَصِـيـحُ
وَمِنْ عَجَبِ الذِّئَابِ وُجُودَ وَعْـيٍ
يُـتِـيـحُ لِجِنْسِهَا مـَـــــــا لاَ نُـتِـيــحُ
فَــقَـرَّ قَـــرَارُهُمْ أَنْ يَجْعَــــــــــــــــلُونَـا
مَخَالِبَـــــهُمْ لِتَشْـــــــتَـبِـكَ الجُروحُ
وَيُصْبِـــحَ كُـلُّـنَا غَـرْبًا وَشـَـــــــــرْقًـا
(جَرِيحٌ غَاصَ فِي دَمِهَ جَرِيحُ)
وَبَعْضُ شِيَاهِنَا عَشِقَتْ كِـــــلاَباً
تُسَبِّـحُ بِاسْمِـــــهَا وَبِهَـا تُصِيـحُ
وَمَا فِي الـعَادِيَاتِ أَشَـــــــدُّ فَتْــكًـا
مِنَ الدُّخَلاَءِ مَظْهَرُهُمْ مُـــــــرِيحُ
وَلَكِـنَّ البَـوَاطِـنَ مُـثْـقَــــــــــــــــــلاَتٌ
بِأفْضَعَ مَا تُخَبِّئهُ المُـسُـــــــــــوحُ
فَلاَ اللهُ العَظِـيـمُ أطعْتُــــــــــــــــمُـوهُ
وَلاَ الرُسُلُ الكِرَامُ وَلاَ الْمَسِـــــيحُ


وَعَــــــــاصِفَةُ “الكُــــورُونَا” لَـمْ تُـغَـــيِّرْ
سُلُوكًـا سَنَّهُ الكَــــبْـش النَّطـُــوحُ
وَيَعْــلَـــمُ أَنَّ فِي قَرْنَــيْـهِ سِـــــــــــــــــــرًّا
سَيَـكْشِفُهُ لـنَــــــــــــا زَمَـنٌ قَـبِـيــحُ
فَكَمْ كَــــبْـشٍ يُـنَاطِحُــــــــــــــــــه أَخُــوهُ
بِلاَ سَبَـبٍ وأمُّهُـمــــــــــــــا تَـنُـــوحُ
تَـفرَّقْـنا سُـــــــــــــــــدًى بين الأعَـادي
فَصَارَ الكُلُّ فِي وَطَنِي نَزِيـــــحُ
وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ قَبِيحٍ صَرِيحٍ
يَشِيبُ لِأَجْلِهِ القُــبْحُ الصَّرِيـــحُ
كَوَجْهٍ يَمْنَــــــــــــــحُ الدُّخَلاَءَ عِشْقًـا
جُنُـونيًّـا وَلِلْــقُــــرْبَى مُشـيـــــــــــحُ


وَأَيْنَ الحَلُّ ؟ لَيْسَ هُنَاكَ حَلٌّ!
بِحَالِكِ لَيْلِنَا الأَعْمَى يَلُوحُ


عَسَاهَا (سِرْتُ)تَحْمِلُ بَعْضَ بُشْرَى
وَيَـجْـمَـعُـنَـا بِـهَا صُبْــــحٌ صَبُــوحُ
وَإِنْ حَشَدُوا لَهَا مِنْ كُلِّ فَـــــــــــــــــجٍّ
زَبَـــــــانِيةً تُبِيــــــــــــــحُ وَتَسْتَــــبِيحُ
لَهُمْ مِنْ صَرْحِهَا أَعْلَى الأَعَــــــالِي
وَلِلأَهْلِيــــــنَ وَالحَمْـــــْقَى سُفُـــوحُ
تَضَارَبَتِ الظُّنُونُ بِهَا فَكَــــــــــــــانَتْ
خُلاَصَـتــــُـهَـا: أُمُــــورٌ لاَ تُــرِيـــحُ
كَأنَّ هُنَاكَ خَلْفَ هِضَـابِ (سِرْتٍ)
أَفَــــاعٍ فِي الظَّـــلاَمِ لَهَـا فَـحِــيـحُ


عَسَى نُوَابُنـَا وَمُسَـانِدُوهُــــــــــــم
يَهُبُّوا قَـبْلَ أَنْ تَهْوِي الصُّـــرُوحُ
فَلاَ يَجِدُونَ كُوخًا مِنْ صَفِـيحٍ
وَإِنْ وَجـَدُوا سَيَنْتَقِمُ الصَّفِــــــيحُ
إِذَا بَاعُوا ضَمَائِرَهُمْ وَصَـــارُوا
مَطَايَــا لاَ يُحَرِّكُهَا الطُّـــــمُـــــــوحُ
وَيَبْتَلِعُونَ مَا يُرْمَــــى إِلَيْهِـــــــمُ
وَهُـــمْ أَدْرَى بِمَا تَحْوِي القُـــدُوحُ
وَلَوْلاَ أَنْ يُلاَحِـقَـنِي أَذَاهُــــــــمْ
وَأَخْشَى أَنْ تَسِيلَ بِيَّ الجُـــرُوحُ
وَيَحْمِـلَ بَعْضَكمْ تَبِعَاتِ قَوْلِي
لَقُلْـتُ لَهُمْ: أَرِيحُوا وَاسْتَرِيحُوا !
وَفِي التَاريِخِ مَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى
(وَعِنْدَ جُهَيْنَةَ الخَبَرُ الصَّحِيحُ)

مقالات ذات علاقة

قصائد ضد الحرب

المشرف العام

أحبوني

علي حورية

عطرُكِ غمازةُ الريح

مفتاح البركي

اترك تعليق