عندما كتبت كتابي (فن الإقلاع عن التدخين) سنة 2004، تصفحته أياد كثيرة من رجال ونساء، وأعربوا عن إقلاعهم عن التدخين، وقد نفذت طبعته الأولى في الأشهر الستة، وتمنيت لو تسعفني الرحلة لإعادة طبعه مرة أخرى، في طبعة مزيدة ومنقحة، زيادة في مساعدة القارئ المدخن للإقلاع عن تعاطي النار والسمّ لنفسه في واقت واحد. وأدركت بعدها أن تعاطي (قات السياسة) أخطر من سرطان الرئة والحنجرة والثدي والرحم.
إنّ تعاطي السياسة المغشوشة في وطننا العربي كتعاطي القات والماريخوانا والهيروين، والكودائين والكيتامين… لأن السياسة العابثة بالأوطان مهلكة للفرد والمجتمع والاقتصاد والصحة والتربية، والتعليم، والثقافة والإجماع.
إن أغلب السياسيين في الوطن العربي وفي الجزائر على وجه التحديد، يتباهون بتدخين آلام وأوجاع الشعوب، ويتأنقون في المحال والتجمّعات الانتخابية على أنهم يصرّون على بيع الأوهام للبسطاء. تلك الوعود التي تحاول دائما أن تتحوّل إلى مخدر شعبوي خطير لتنويم الناس وعيونهم مفتوحة وأذانهم صاغية وأيديهم مصفقة لوقع النبرة العروشية والجهوية، والمناطقية (المنطقة).
ولذا أتمنى أن تحارب الأنظمة الواعية والشعوب الواعية تجارة شنطة السياسة المهرّبة عبر حدود الواقع وعبر حدود النفوس البشرية المتألمة، وأرى أنّه من الواجب على طفيليات السياسة التي جرّبت حلق رؤوس اليتامى أن تخلي ساحتها من تدخين قات السياسة، وذلك بعد فشلها في انجاز عمل واحد يشهد له الوطن والمواطن. وعلى القنوات الإعلامية أن تكفّ عن إزعاجنا بتقديم تلك الوجوه في كل مناسبة أو غير مناسبة وهي تروّج للنخبة الفاسدة كي تعود من جديد لبيع قات السياسة. والله الموفق في رحلة الحياة.