وائل عقيلة
بشاعة الحياة جعلتني أبدو كجملة من كتاب اللا طمأنينة لفرناندوا بيسوا، أشبه كثيراً تلك الجملة التي قال فيها “أنا لست متشائما، أنا حزين”. لقد ظلمنا بواسطة موقعنا الجغرافي، وجودنا في مدن كهذه بات خطأً فادحاً يكلفنا كل يوم الكثير، يكلفنا طاقات هائلة كان يمكن ألا نستنزفها في الأحزان.
إلى أين علينا الذهاب إذاً؟ لقد فشل الفن في أداء دوره هنا، بينما الذهاب إلى أعماق الحب لم يكن خياراً متاحاً لنا؟ آآآه كم كان الحب مغامرة فاشلة هنا. لا يتطلب منك الذكاء لتفهم أن الحياة هنا في مدينتي يعني خطوة كبيرة نحو الدموع، نحو العذاب النفسي. أصبحت بسبب الحياة بمعزل عن رغبات كنت في السابق متمسك بها. لقد تنازلت عن أهدافي إلى حين أفهم لما أنا موجود في هذه البقعة الجغرافية بالذات. إلى حين افهم لما هنا بالذات تحولت المقاهي إلى اماكن لا تصلح للقاء بمن تحب.
ليس سهلاً أن تنام يا عزيزي، وتستيقظ وأنت لست الشخص نفسه، كان فرناندوا بيسوا قد كتب كُتب بهويات وأسماء متعددة جراء هذا الأمر.
في مدينتي التي تنام بجروحها كل ليلة، أنسى أنك إنسان تملك حقوقك الطبيعية. بدأت بسبب هذه المدينة اقتنع بكلام بيسوا حينما قال أن الحيوان والانسان ليس ثمة بينهما فرق يذكر في حياتهما، كلاهما لا يفكر في ما هو أبعد مما يفكر، ولا يعيش أبعد مما هو يعيش، بمعنى أن كلاهما يستيقظ، يأكل، وينام. فيما مضى كنت مثل هذا الإنسان المتخاذل، المحطم، الخال من الأحلام، الخال من الهموم، لكن الآن أنا مثل بيسوا متشبث بالأحلام أكثر من تشبثي بالواقع، لهذا السبب ابدو غريباً إلى حد كبير في مدينتي.