امراجع السحاتي
أ- النص والعرض في الدراما :
ظلت الموضوعات المتعلقة بين النص الدرامي وعملية العرض على المشاهدين مثار جدال بين الكثير من المتخصصين وقدمت بشأنها الكثير من النظريات والتفسيرات على مدى قرون . بعض كتاب الدراما ونقادها أصروا على أن العرض على المسرح هو الذي يعطي للمسرحية تأثير كبير وقد قيل بان العرض يخلق استجابة وتعاطف بين الممثلين والمشاهدين وهذا بحد ذاته يشكل عنصراً هاماً من عناصر الدراما وقد قيل بان الإحساس بالمسرحية لا يكتمل إلا بالاستجابة التي تقوم بين الممثلين والمشاهدين (1).
ولكن قيل بان هناك رأي يقلل من أهمية المشاهدين معلل ذلك بان وجود المشاهدين قد يجعل توضيح الممثلين اقل صعوبة وقد أكدت ذلك الدراما الإذاعية التي لا توجد فيها استجابة متكافئة مع الاستجابة القائمة في صالة العرض المسرحي وذلك بسبب عدم وجود مشاهدين والذي لم يعق الدراما الإذاعية عن قدرتها في أن تخلق عملاً في أذهان المستمعين .
ب- الدراما تقليد الحياة في عالم الدراما :
جميع أشكال الدراما تتضمن تقليد للسلوك البشري . ولكن كاتب العمل الدرامي لا يهدف إلى الحصول على استجابة من المشاهدين عن طريق خلق خادع من ما يقدمه على انه واقع وليس فناً إبداعياً. وعندما يكون الهدف هو الحصول على استجابة المشاهدين لا خداعهم فان كاتب العمل الدرامي في بعض الأحيان قد يستخدم أسلوب العرض الذي يكون غير واقعي . ولتفهم فن الدراما قيل انه يتطلب من كاتب العمل الدرامي التركيز على التصوير الدرامي وما يعرف بالتطابق الطبيعي .
ج- الخلاف بين الدراما الطبيعية والدراما غير الطبيعية :
وهنا يطرح سؤال يقول :- ما هو ذلك الخلاف ؟
وتقول الإجابة :-
لقد قيل بان الخلاف بين الدراما الطبيعية والدراما غير الطبيعية هو خلاف نظري فقط وقيل بان هذا الخلاف يتلاشى على خشبة المسرح عندما تكون وسيلتهما واحدة . استعمال الكلمات في خلق سلوك لشخصيات العمل الدرامي مماثل لتصرفات الأشخاص الحقيقيين في مواقف مماثلة . وقيل وفقاً للنظرية الطبيعية يتطلب من كاتب العمل الدرامي أن يجعل شخصيات عمله الدرامي تفصح عن نفسها من خلال أحاسيسها ورغباتها بواسطة الكلمات ، وعلى المشاهدين أن يتقبلوا هذه الكلمات على أساس أنها نفس الكلمات التي قد يستعملونها هم في مواقف مماثلة . أما في حالة الدراما التي لا يكتبها الكاتب الدرامي وفق النظرية الطبيعية فان المطلب الذي طلب في النظرية الطبيعية غير قائم وبذلك يكون للكاتب أن يختار الأسلوب الذي يرغب أن يمضي فيه في كتابة عمله وله الحق استخدام أي تكتيك أدبي يؤدي به إلى خلق الحياة الداخلية لشخصيات العمل ، وهذه الحياة هي التي يجب تصويرها بصدق من واقع الحياة البشرية (2).
د- التسلية والأدب وعلاقتهما بالدراما :
هناك دراما تهدف إلى التسلية وقد رأى بعض الكتاب بأنها قد ارتبطت بالطقوس القديمة والأغاني وكان هدفها الترفيه . وهناك دراما تهدف لحل المشاكل في الحياة وهي تتضمن تمعنات داخل الحياة ومشاكلها وهي ذات هدف جاد وقد تطورت من التقاليد التي نبعت منها تلك الطقوس والأغاني . وقد قيل بان الشكل الحقيقي للدراما هو الذي يهدف لحل المشاكل الإنسانية في الحياة وهذا وفق رؤية الكتاب الذين حددوا وظيفة الدراما الترفيهية والدراما ذات الهدف الجاد (3).
لقد اعتبرت الدراما وحتى القرن السادس عشر وقت قيام النظرية الطبيعية لوناً من الأدب وكانت تكتب بثلاثة أساليب. والسؤال هناك ما هي تلك الأساليب الثلاثة التي كانت تكتب بها الدراما حتى القرن السادس عشر ميلادي؟
الإجابة تقول :-
الأسلوب الأول هو أسلوب الرواية حيث يقوم الشاعر أو الأديب بالتحدث إلى قرائه أو مستمعيه راوياً أو شارحاً أو واصفاً أو معلقاً .
الأسلوب الثاني هو أسلوب الدراما أو التقديم الدرامي عن طريق الحوار والحديث في هذا الأسلوب لا يتحدث الشاعر أو المؤلف بنفسه بل أن الشاعر أو المؤلف يترك شخصيات العمل الدرامي هي التي تتحدث .
الأسلوب الثالث هو أسلوب مختلط بين الأسلوب الأول والأسلوب الثاني حيث يتحدث كاتب العمل الدرامي بطريقة الوصف أو الرواية مرة وعلى لسان شخصيات درامية في شكل تقديم درامي مرة أخرى. وقد تم تصنيف الأشعار غير روائية مثل الأشعار البطولية من نوع الأسلوب المختلط . وقد قيل بان الكتاب أو النقاد الذين يأخذون بالأسلوب المختلط يعتبرون بان هذا العمل عملاً درامياً حتى لو كتب على شكل حوار بالرغم بان الحوار الفلسفي يعتبر ليس درامي بالمفهوم الحديث إلا انه وفي الواقع ومن وجهة نظر أخرى اعتبر عرضاً لصراع الأفكار لا يتحدث فيه الكاتب بنفسه (4).
هـ- تقسيمات الدراما :
قسم المتخصصون الدراما إلى عدة تقسيمات كل تقسيم يختص بزاوية محددة من تلك التقسيمات الأتي :-
أولاً التقسيم الجغرافي :
وهذا التقسيم ينسب الدراما إلى وطن كاتب العمل الدرامي مثل الدراما الانجليزية والدراما الهندية والدراما الفرنسية والدراما الصينية والدراما العربية والدراما اليابانية وغيرها . وهذا التقسيم يقوم على أساس رصد الملامح المشتركة بين كتاب الدراما في نطاق وطن معين . وطبعاً هنا تظهر في هذه الدراما مقومات الهوية لكل مكان كالعادات والتقاليد والملابس والأكلات الشعبية واللغة والتاريخ وغيرها .
ثانياً التقسيم التاريخي :
وينسب هذا التقسيم إلى العصر الذي ابتدع فيه العمل الدرامي حيث يقال الدراما القديمة مثل الدراما الإغريقية ” اليونانية القديمة “، والدراما المصرية القديمة، والدراما الهندية القديمة ، والدراما الرومانية ، وكذلك مثل دراما العصر الوسيط ، ودراما عصر النهضة ، والدراما الحديثة ، والدراما المعاصرة . وطبعا هنا نجد أن الدراما تنحرك في أزمنة وأماكن تاريخية متعددة كل زمان ومكان له خصوصيته ومقوماته الخاصة .
ثالثاً التقسيم طبقاً للمذاهب والمدارس الفنية :
كأن نقول الدراما الكلاسيكية والدراما الرومانسية والدراما التعبيرية والدراما الملحمية والدراما التسجيلية، نجد في هذا التقسيم الدراما تدور في مذاهب ومدارس مختلفة وبأفكار متعارضة .
رابعاً التقسيم طبقاً لطريقة التعبير :
في هذا التقسيم تنقسم الدراما إلى نوعين الأولى دراما فيه تعتمد على السرد وهي تضم الملحمة والرواية وبعض القصص القصيرة ، والثانية دراما فيه تعتمد على الحوار وهي تضم المسرحية في المسرح والفيلم في السينما والتمثيلية الإذاعية والتمثيلية والمسلسلات التليفزيونية مع ملاحظة بأنه ليس هناك فصل تام بين السرد والحوار حيث أن الأعمال السردية قد تضم بعض الأجزاء الحوارية ، والأعمال الحوارية قد تضم أجزاء سردية والفيصل بينهما يكون هو الأسلوب السائد .
خامساً تقسيمات الدراما طبقاً للموضوع :
قيل بان أرسطو قد قسم الدراما طبقاً للموضوع إلى نوعين هما:-
- التراجيديا (المأساة) وهي تحاكي أناساً من الملوك والعظماء وأنصاف الإلهة .
- الكوميديا ( الملهاء) وهي تحاكي الأرذال من البشر .
وقد ذكر بعض من المتخصصين أربعة أنواع للدراما طبقاً إلى الموضوع وهي:-
- التراجيديا ( المأساة ).
- الكوميديا( الملهاء ) .
- التراجيكوميدى ( الكوميديا السوداء ) .
- الميلودراما (5) .
وهناك من قسم الدراما طبقاً للموضوع إلى الأنواع التالية :-
- التراجيديا . 2- الكوميديا . 3- الميلودراما . 4- الفارس. البورلسك . 6- الباتومايم . 7- المايم (6).
الهوامش :
- حسين رامز محمد رضا ، الدراما بين النظرية والتطبيق ، ( بيروت – لبنان : المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، 1972م ) ، 31 .
- المرجع السابق ، 34.
- المرجع السابق ، 35.
- المرجع السابق ، ص32.
- محمد السيد عيد ، مرجع سابق ، ص 73 .
- حسين رامز محمد رضا ، مرجع سابق ، ص- ص 35- 62.