تاريخ

هروب والي طرابلس

الشعاب، شاطئ مدينة طرابلس (الصورة: عن بدر المختار).

في يوم الخميس، الثاني من أبريل عام 1676، فر من طرابلس حاكمها الفعلي “إبراهيم داي المصري”، وكانت مملكة طرابلس آنذاك تعاني تفشي الطاعون الذي انتقل إليها عن طريق سفينة نقل مصرية تقل حجاجا عائدين من مكة المكرمة، فضلا عن حرب مفتوحة مع إنجلترا كانت طرابلس فيها في وضع الدفاع.

ولم يستطع “إبراهيم داي” اصطحاب زوجته اللّا “قميرة” في رحلة فراره من طرابلس حتى لا تفتضح خطته، فلم يجد من فرط غيرته أن تؤول إلى غيره إلا أن يدس السم في اللحم الذي أعد لوجبة عشائها، وبعد يومين اثنين قضت نحبها وهو إذّاك في عرض البحر لا يدري أحد أين يقصد.

ويرد أن سبب فراره هو سماعه بأن الجند الذين أوصلوه إلى الحكم قد ضاقوا به وأضمروا خلعه، بعد أن ضيق عليهم فمنعهم من حلق لحاهم تشبها بالمجوس، ومن لبس الذهب والحرير والمجاهرة بالمخادنة وشرب الخمر. هذا وإن كان المنطق لا يرجح هذا السبب وحده ويقتضي أن ينظر في الظروف الأخرى كالصراع مع إنجلترا والطاعون والتناقضات الداخلية بين مراكز القوى وهي محركات التاريخ الأزلية الأبدية.

كان الجند الغاضبون في الإسكندرية قد غنموا سفنا من الإنجليز في سياق الصراع الدائر، ورغم بعدهم كان “إبراهـيم” واسع الحيلة وعرف نيتهم عن طريق جاسوس له.

ولما كان من قبلُ قد أمر بالعمل في المرسى والبرج الذي عرف باسم برج الشعاب أو حصن الإنجليز تقويةً لدفاعات المدينة، فإنه تظاهر بأنه يود مشاهدة العمل في البرج ، ومن المؤرخين من زاد بأنه أخرج تمثيلية محكمة بأن أعلن خيانة ابنه وتآمره لاغتياله وأصدر أمرا بنفيه فورا. وأثناء ذلك نقل “إبراهـيم” إلى السفينة التي أعدت لنقل ابنه أنفس ما يملك وزاد عليه مائتي ألف ريال سلطاني نهبها من خزانة المملكة.

وبعد أن اجتمع بأخلص جنده في البرج القريب من المكان الظاهر في هذه الصورة غادر ولم يعرف خبره حتى يوم الناس هذا.

مقالات ذات علاقة

المستشرق الإيطالي كرلو نلّينو (1872 – 1938م)، وكتابه علم الفلك: تاريخه عند العرب في القرون الوسطى (روما 1911)

عمار جحيدر

يوم جليانة

محمد العنيزي

أكثر من 100 عام على تأسيس الجمهورية الطرابلسية

المشرف العام

اترك تعليق