ارتبط اسم أوجانيو غريفيني بنا من خلال أثر يعد اليوم أندر من الكبريت الأحمر وهو كتابه :التحفة اللوبية في اللغة العامية الطرابلسية.
بدأت علاقة هذا المستشرق باللغة العربية في مسقط رأسه ميلانو. واتصل بنصيحة من أحد أساتذته بتاجر إيطالي كان يعمل في اليمن واسمه جوزيبي كابروتي. هذا التاجر لم تقتصر تجارته على السجاد والقهوة كما كان معلنا بل كان أيضا يهرب المخطوطات اليمنية النادرة .
ورغم أنها آثار مسروقة إلا أنه مما لا يمكن نكرانه لغريفيني أنه خشي أن يطالب كابروتي بمخطوطاته ويبيعها فتخسر ميلانو هذه الثروة العظيمة فسعى في أن تشترى منه وأمن له مقابلها 300 ألف ليرة .
وبذلك فإنه أنقذ نحو خمسة آلاف مخطوطة عربية محفوظة اليوم في المكتبة الأمبروسيانية بميلانو وقد كلفته المكتبة بأن يعد لها دليلا فقام بهذه المهمة على أحسن وجه .
بعد الاحتلال الإيطالي لليبيا وجد غريفيني أمامه مستعمرة إيطالية كاملة تتكلم العربية وتصلح أن تكون ميدانا بكرا وخصبا لدراساته، فاتجه إلى دراسة العامية الطرابلسية وألف فيها معجما ضم نحو عشرة آلاف كلمة وهو هذا الأثر النفيس الذي تظهر صورة غلافه وقد نشر في ميلانو سنة 1913.
ومن طرائف هذا الأثر أن غريفيني ضمنه محاورة في أربع صفحات دارت باللهجة المحكية بين الصحفيين الشهيرين محمود نديم بن موسى والهاشمي المكي الشهير بأبي قشة .
واهتم غريفيني كذلك بدراسة أسماء المواقع والقبائل الليبية وقد كلف بذلك ليساعد في إعداد الخرائط ولكن عمله هذا قوبل بانتقاد من إمام المستشرقين الإيطاليين كارلو ألفونسو ناللينو وهذا هو سبب قصر عمره العملي مع وزارة المستعمرات التي تركها عام 1914 .
وكان قد لعب دورا في الاتصال المباشر بأعيان البلاد وزعمائها وهو بذا يعد من جملة المستشرقين والبحاث الذين أفاد منهم الاستعمار في دراسة البلاد سياسيا وسكانيا واجتماعيا وثقافيا كناللينو وميكاكي ورابكس ودي أغستيني وروسي وغيرهم .
ومن الغريب أني لم أجد له ترجمة في موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمن بدوي. ولا أدري فربما يكون قد استدرك في طبعات تالية للنسخة التي عدت إليها .
ووجه الغرابة في ذلك أن غريفيني وإن كان لا يرقى إلى شهرة ناللينو وابنته وجويدي وغيرهم فإنه أقام في مصر حيث كان على علاقة بالملك فؤاد وعمل أمينا لإحدى مكتباته ومات فيها عام 1925 .