طيوب عربية

فيروز.. أرزة لبنان

فيروز.. أرزة لبنان المتجذرة في أعماق الأرض المعانقة للسماء

 
قدم لبنان المتنوع إلى العالم مبدعين في مختلف نواحي الآداب والفنون؛ أبي ماضي، جبران، سعيد عقل، الشحرورة، جوليا بطرس، مارسيل خليفة، والسيدة فيروز أو كما يحلو لنا تسميتها: سفيرتنا إلى النجوم.
 
في منتصف خمسينيات القرن الماضي شكلت مع الأخوين رحباني الثالوث المقدس والإعلان عن تكوين مؤسسة فنية للنهوض بمستوى الاغنية العربية، بتعاونها مع الاخوين رحباني ساهمت في احداث نقلة نوعية في عالم الموسيقى وظلت اغنيها تحتل المراتب الاولى في كافة ارجاء الوطن العربي، أحبها العرب بكل أطيافهم، لم نكن حينها نفرق بين مسلم ومسيحي، الوطنية كانت آنذاك المعيار الأساسي، شاركتهم همومهم.
تربعت على عرش الاغنية الخفيفة عن الطبيعة بكافة اشكالها والحب العذري والبحر الهادئ الذي يمكن الغوص في اعماقه، والثورة على الواقع والسلام المفعم بحب البشرية، والحرب المفتوحة لأجل ازالة الاحتلال، غنت للعذراء وابنها اليسوع ومدينة السلام، القدس بمساجدها وكنائسها، ومكة وطيبة اهلها وجبل الشيخ الرابض على تخوم فلسطين، غنت للجماهير العربية حيثما حلّت ولم تغني للحكام ما اكسبها مكانة مرموقة بين الجماهير، لم يجرؤ من يدعون الحرص على فلسطين التاريخية بالقول بأن المدينة المقدسة فلسطينية، بل يفاوض هؤلاء الأعداء لأجل الحصول على جزء بسيط من القدس لتكون عاصمتهم، فأين هؤلاء من فيروز.
 
ابان الحرب الاهلية اللبنانية رفضت فيروز احياء حفل غنائي في بيروت كي لا تكون طرفا في أي نزاع، فكان ان ضمها الجميع الى احضانهم وتكون هناك الاستفاقة لبناء الوطن فهو يتسع للجميع. اغانيها تتوارثها الاجيال وبالأخص ببلاد المهجر، حيث يجدون فيها الحنين الى الوطن الذي تركوه قهرا.
انحازت السيدة فيروز إلى الخط المحافظ على انجازات الزعماء التاريخيين للبنان في زمن الانحطاط، انحيازها لم يعجب البعض ولكن “يا جبل ما يهزك ريح”، بل هم الذين اهتزوا وسقطوا في مستنقع الخيانة وباعوا أوطانهم بأبخس الأثمان.
 
ذكرى ميلاد فيروز21 نوفمبر، عيد ميلادها وحّد اللبنانيين بقدر ما فرقهم الزعماء، ولأسباب نجهل بعضها اعتكفت وفي قلبها غصة بشان ما يجري بالوطن العربي، وبالأخص القدس وهي تغني “إلى متى يا رب” التي توجهت بها الى المقدسيين خاصة بعد انتقال السفارة الامريكية اليها، ومعاناة الشعب الفلسطيني المتواصلة ومواجهته لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
 
تحية إلى فيروز العابرة للطوائف في عيد ميلادها، التي متعتنا بأغانيها الجميلة وطلتها الرائعة لنفرج عن همومنا، علنا ننسى ولو للحظة واقعنا المر، وتسافر بنا إلى عالم آخر، علّ أغانيها تحدث لنا صدمة فنفيق وننفض عنا غبار الذل العار والمهانة، ستظل السيدة فيروز شامخة ومحفورة في قلوب الملايين من العرب الذين أسعدتهم بحفلاتها الفنية في معظم البلاد العربية، لقد أصبحت فيروز معلما من معالم لبنان، كشجرة الأرز بل أكثر.
 

مقالات ذات علاقة

الرسالة الرابعة والأربعون: العيد في فلسطين غير والله غير

فراس حج محمد (فلسطين)

ضريـح المطـر!*

إشبيليا الجبوري (العراق)

الرعوي المرح

إشبيليا الجبوري (العراق)

اترك تعليق