شخصيات

محمد بن يونس.. القانون. العميد. المحافظ. الموسوعة :

يرحل الرواد الرجال ويتركون فراغا كبيرا وموحشا في الوطن. لكن اْعمالهم وجهودهم تظل ولا ترحل. حتى وان اْرتكبت رذيلة النسيان اْو التجاهل في حقهم. الوطن لا يصاب بهذه الرذيلة اذا كان الابناء قد اْبتلوا بها. وذلك عار في جبين الاجيال.

محمد بوبكر بن يونس اْحد هؤلاء الرجال الذين تناستهم تلك الاجيال في زحام لهاثها لمحو الذاكرة. كان عام 1931 قد شهد ولادته في بنغازي. الوطن ما يزال تحت الاحتلال والعسف. نشاْ في المدينة. جيل الثلاثينات كان الجيل الوسط بين الجيل الاب السابق وبين الجيل اللاحق. كان ذلك الجيل واسطة العقد بين الجيلين. كان جيلا مهما في تاريخ ليبيا.

الأستاذ محمد بن يونس
الأستاذ محمد بن يونس


درس المرحلة الثانوية في بنغازي بمدرسة الامير. وساهم في اْنشطتها الثقافية ومع زملائه.. محمد مهلهل وسالم بوقعيقيص واحمد مبارك الشريف واحمد يونس نجم وعبدالقادر العيش ومحمد عمر الجروشي وحسين الشريف وعوض البرغثي وحبيب الصابري ومفتاح مبارك اصدروا وحرروا مجلة اقلام بأشراف اْستاذهم محمد السعداوية.
كان نشاطا يفيد في تاريخ الوطن الثقافي والفكرى غفل عنه الكثيرون. ثم غادر الى القاهرة عام 1952 لمواصلة الدراسة الجامعية فالتحق بكلية الحقوق وتخرج فيها عام 1957. وهناك واصل نشاطه الثقافي والاجتماعي من خلال نادى ليبيا الثقافي واختير مشرفا ثقافيا وسكرتيرا له وعضوا بأسرة تحرير مجلته صوت ليبيا مع عامر الدغيس وعلى بوزقيه ومنصور رشيد الكيخيا وغيرهم. ذلك النادي الذى كان يتوهج حماسا ووطنية وضم في رحابه كل اْبناء ليبيا وشهد الحوارات والمحاضرات والامسيات. مرحلة مهمة بداْها فاضل المسعودي ومحمد عمر الطشاني ومصطفي التريكى ومحمد مختار جوان وغيرهم. مرحلة مضيئه تحتاج اْيضا وعلى وجه السرعة للتاْريخ والتوثيق بعيدا عن التخرصات والاكاذيب وعدم الفهم للأمور من قبل من يجيدون الادعاءات ويهرفون على الدوام بما لا يعرفون ويسيئون الى تاريخ وذاكرة الوطن بالتشويه واللصق من الصفحات وارتكاب العديد من الموبقات الفكرية والتوثيقية الخاطئة.

وخلال فترة دراسته في القاهرة وحين حضوره الى مدينته بنغازي فترة الصيف لم يتوقف عن العمل التطوعي والفكري فاْسهم في تكوين نادى الشباب الجامعي ثم نادى الطلبة. قام الناديان بجهود ثقافية رائعة في بنغازي تلك الايام. جهود اعتمدت التضحية ونكران الذات والعطاء المخلص.
عقب التخرج عين بالنيابة العامة في ولاية برقة وتولى تدريس القانون في كلية الضباط الملكية واْشتغل بالمحاماة وتعاون مع زميله المحامي الاستاذ عبدالحميد النيهوم في اعداد واصدار العمل الفخم موسوعة التشريعات الليبية ثم كان احد مؤسسي دار ليبيا للنشر مع الاساتذة عبدالمولى لنقى ومحمد بن صويد وحسين الدنيالى عام 1966. الدار التي اْصدرت كتبا ومراجع مختلفة وتراجم عن تاريخ ليبيا وبداْت اْعمالها بتحقيق وطبع قاموس تاج العروس للزبيدي في عدة اْجزاء. عين عميدا لبلدية بنغازي عام 1967. وكان وراء العديد من اللمسات الحضارية للمدينة التي تحققت بجهوده وجهود اعضاء المجلس البلدي. وكان اْيضا ممن دعموا مشروع الاسكان الذاتي ونقل مواطني حي الزرايب اليه في لمسة انسانية وخطوة وطنية اقترحها وبداْها المهندس محمد المحيشي.

وفي اواخر ذلك العام عين محافظا لبنغازي. وفي عام 1972 عين وزيرا للخدمة المدنية وشهدت جلسات مجلس الوزراء مواقفه الشجاعة مع زميله عيسى القبلاوي حيال التصرفات التي كانت تبدر من رئيس المجلس عبدالسلام جلود فاْستقالا منها. وتركا له الحكومة بما فيها.

اختير في مرحلة لاحقه وزيرا في الحكومة الاتحادية التي شكلت اثر اعلان الوحدة الثلاثية بين مصر وليبيا وسوريا. ثم اْستقر في القاهرة وواصل اْصدار الموسوعة القانونية ثم توجها بإصداره موسوعة التشريعات العربية.

اْصيب بسرطان الكبد. وتوفي بالقاهرة في 30 اكتوبر 2001 واحتضنه تراب مقبرة الهوارى في بنغازي. المدينة التي اْحب. وليبيا التي اْخلص لها.

الرجال لا يرحلون. تبقى انجازاتهم شاهدة كالقذى في اْعين التافهين.
 

مقالات ذات علاقة

وماتت شهرزاد قبل مسك الحكاية وما قالت شيئا عن حرمة الخوف

نيفين الهوني

حدث في مثل هذا اليوم: رحيل عبدالسلام المسماري

محمد عقيلة العمامي

عمر فائق شنيب… رمز من رموز الوطن

المشرف العام

اترك تعليق