إلى كل امرأة في الشهر الوردي……………..
أخرجتها ولامستها فلسعني صدفها، بدت لي في غطائها كجسد إمرأة تلتحف “فراشيتها” بثنياتها ورأسها المغطى وخصرها الضيق ومؤخرتها البارزة رغم سترها…
ضغطت عليها فتشققت ونفخت فيها فبردت بعد أن داعبتها بأطراف أصابعي، وطارت قشرتها نحو وجهي.. هشة حد التلاشي.. ثم حطت بسلاسة ودعة على حجري ومن حولي كريش عصفور فار لتوه من قبضة صغير. كنت اودعتها لدقائق في مخدع النار حتى احمرت قشرتها وشدت جيدها، ساخنة أحركها فتنقلب يمنى ويسرى تمانعني أحيانا، وتظل مستلقية على ظهرها رابطة الجأش وهي تواجه النار…
*****
في مخدع نار آخر.. يضببه البخار، ويندلق على أرضيته الماء الساخن، وتنتأ من جدرانه مصطبات رخامية، و يختلط فيه صرير الصنابير بدفق المياه في الدلاء المعدنية بهمهمات تشبه المغنى.. استلقت على الرخام الأبيض المزركش بالخطوط الرمادية المتداخلة.. كانت الغرفة واسعة وساخنة يلفها البخار الذي ينز من أماكن متفرقة عجزت عن استكشافها.. “مدي ظهرك مش قلتي يوجع فيك”.. شعرت فجأة أن جسدها كله يؤلمها.. تذكرت ذات زيارة للعيادة حين سألها الطبيب عن درجة الألم، كيف احتارت، وحين سألها عن نوعه كيف صمتت.. ظلت لأيام تحاول ان تضع درجة ووصفا له دون فائدة.. ابتسمت ثم تنهدت وصارعت حيرتها مجددا ثم استسلمت ورددت مسلمتها أن لا وصف ولا درجات للألم، وأن المشاعر خارج التصنيف والوصف.. حاولت ان تُلبس مشاعر اللحظة كلمات وهي شبه عارية تنظر إلى السقف الرمادي الفائض بقطرات الماء.. فلم تجد ما يغطيها..هي موجات دفقات، دفعات، نبضات، وخزات، أشكال، متصلة أو متقطعة، أحاسيس برهف هسهسة وريقات الخريف تزوبعها الريح ثم تركلها بعيدا، بشفافية النور يغشى وجوه الشجر ويُسكر أوراقها حتى تفتح ثغورها.. سقطت قطرتان متواصلتان على أنفها وخدها..اثارت نفسها وحركت خيالها فسرحت…
*****
شعرت وأنا أحرك الصحن الحديدي بالنار تلسعها، لم أعبأ بها.. كنت أنتظر أن أرى لحظة الاحمرار على الصدف المتفرق في الطاجين، قبل أن يتفشى في أطرافه السواد.. جندت كل حواسي وأمعنت النظر في القشرة متحفزة ومنتبهة، في برهة غشاها الاحمرار فسحبت الصحن سريعا من مخدع النار…
*****
بدأ الرخام يلسع جوانبها.. غالبا ما يبدأ الألم من الأطراف لينتهي في القلب.. كل الخيوط تنتهي عنده..، تذكرت كيف توقف قلب أبيها.. انطفأ بآخر نبض ليظهر على الجهاز خط مستقيم صاحبه صفير متواصل.. هل وصف الجهاز لحظة الانفصال عن الحياة؟ حركت جسدها بفعل الحرارة وأجابت نفسها بإصرار بالنفي.. أعلن الجهاز اللحظة فقط.جاءت امرأة مبللة بدلو ماء هوت به على جسدها فتناثر وغطى وجهها.. ثم قلبتها يمنى ويسرى بيد مدربة وهي تسكب الماء على الرخام. “مرة.. مرة.. صبي مية على الرخامة باش ماتحرقكش..”…
*****
ألقيتُ الكاكاوية المتوهجة في سلة غطيت جوفها بقطعة قماش أبيض.. تساقطت وتدحرجت على بعضها البعض ثم استقرت بمواضع مختلفة.. كانت متجاورة لكنها متفردة ومنفصلة ومتفرقة رغم ارتطامها وتكدسها وتلامسها في قاع السلة.. تتوهج حرارة، ثم تخفت شيئا فشيئا حتى يخيل لي أنها فقدت ذلك الشعاع المنبعث منها الذي يدور حولها ويفصل بين أجسادها ويتركها تبرد وحيدة…
*****
“خيرك نضتي”؟ صرخت المرأة المبللة. كانت ترتدي شورت أسود من بقايا بنطال قديم، وفانيلا سوداء بلا أكمام عليها رسومات، مبللين حتى ازدادا قتامة، وملتصقين بها، تعقص شعرها إلى الخلف وتنتعل شبشبا بلاستيكيا.. “سخنتي” لم تسمع ردها كان البخار يغلف حتى الكلمات، والماء يهطل بقوة من الحنفيات الصدئة ويرتطم بكل شيء.. لمحت أجسادا متفرقة تواريها سحب بخار تتراقص في فضاء الغرفة ترتفع إلى حد معين وتستقر عنده حتى تنطلق دفعات أخرى من البخار فتحل محلها.. رأت هيئات متشابهة تبدأ بالرأس والشعر المسترسل المبلل، فالرقبة حيث يبدو واضحا سيلان خيوط الماء التي تتعرج وتتفرق على النهود، تتوقف بعضها عند الحلمة البارزة، ثم تسقط قطرات متوالية نحو الارضية الرخامية. تتمعن في جسدها تحاول أن تقيّم مآله.. تغيره.. منحنياته.. متعرجاته ومواضع امتلائه. تلمس بطنها التي انتفخت مرارا ثم فرغت.. تلحظ ارتخاء في أسفلها، ترفعه ثم تطلقه فيسقط مجددا.. تبتسم. ماتزال أردافها متماسكة، تعاينها بيديها، تنخفض نحو ركبتيها اللتين تؤلمانها، تتذكر الدهان الطبي الذي تدعكهما به في ليال يشتد فيها آلمهما بعد يوم طويل وشاق.. تجلس مجددا وتفرك باطن قدميها وتفرق أصابعها.. ترش المرأة المبللة على رجليها الماء.. ينال منه وجهها القليل. “هيا بنحكك.. نوضي..”…
*****
تناولتُ حبة اولى كانت مستلقية في الأعلى وسط كوم الكاكوية، لاحظت أن بعض السواد قد تخلل قشرتها.. انتابني الضيق إذ شعرت بأن النار كانت أسرع إليها من يدي رغم حرصي ويقظتي.. تأكدت من أن في طرف العين يتبدل الحال بحال.لسعتني، فتبادلت عليها بأصابعي وأنا اتكئ عليها بأطرافها حتى تكتكت قشرتها وانفرجت عن حبيبات حمراء صغيرة مختبأة تحركت ذعرا حين انكشف غطاؤها.. حاولت التملص من أصابعي ودارت على نفسها لكنني تمكنت من التقاطها..فركتها في راحة يدي فتساقطت قشرتها الرهيفة دفعة واحدة وكشفت عن قوامها الحنطي المتماسك برأس ناتئ، ثم سرعان ما انشطرت إلى نصفين بواجهتين ملساوين ناعمتين تمرغتا على لساني، وطحنتهما أسناني بطعم لذيذ هدأ من جوعي.
*****
استجابت لأوامر المرأة المبللة..”انقلبي على بطنك على الرخامة”استلقت ببطء على بطنها عقدت ذراعيها اتقت بهما رأسها من صلابة الرخام. شعرت بدنو المرأة منها، ثم خدوش الليف الخشن على ظهرها..وحركات يدي المرأة بعنف على سطحها تسعى عليه ذهابا وإيابا، ثم تتجه نحو كتفيها في حركة شبه دائرية.. تنهال بقوة بدلو الماء على ظهرها وهي تزيح بيدها قشور جلدها. “ترا وسعي ما بين رجليك” كانت تأمر وهي على يقين بالاستجابة الفورية، لذا لا تنتظر حتى تكمل جملتها، تجذب بيدها إحدى ساقيها وهي تدفع بها نحو الحائط خشية أن تقع من الرخام عند جذب ساقها.. ماتزال المرأة المبللة تخدش فخديها ثم تدغدغ باطن قدميها بعنف، فتهتزان لاشعوريا. تسمع ضحكاتها دون أن تكرر فعلها.. تتراجع المرأة الى الوراء ثم سرعان ماتعود نحوها وتفرغ دلوها بقوة، فينهال الماء عليها ويهوي أرضا في إتجاه فتحة البالوعة.. “هيا انقلبي على ظهرك”.. لم يكن الأمر سهلا.. ترددت فقد حان وقت المكاشفة.. “هيا نساعدك”.. مدت ذراعها، فتعلقت بها، أجلستها ودلدلت ساقيها من سطح الرخام، ثم ببطء ألقت بظهرها عليه.. بات كل شيء مكشوفا الآن حتى عينيها، نظرت إلى السقف مطولا، اقتربت المرأة منها أنزلت عينيها فرأتها لأول مرة بوضوح.. قسماتها المنهكة، جسدها المتعب، عرقها المختلط بالماء، حتى أصابعها المنتفخة من نقعها فيه.. كيف لإمرأة أن تقضي أيامها في هذا المكان المشبع بالماء.. الجدران الرطبة التي يزحف عليها البخار، ويتكاثف على سطحها الأملس مخلفا خيوطا متعرجة من الماء المتساقط نحو الأرضية الرخامية…
انبعث من أحد الأركان صوت حزين وعميق كأنه يقطر ماءً.. “هو وألا لا.. وألا نشرب كأس دوا…” بانت لها هيئتها.. امرأة مبللة أخرى يغلفها البخار، تمسك بدلو الماء وتصبه على نفسها. ألفت عيناها المكان، فاتضحت لها رؤية النساء الجالسات على الرخام يتأملن أجسادهن، بعضهن يدهنها بمرهم، أخريات يحككن باطن أقدامهن، أو ينظرن في الفراغ وهن يتأملن الجدران التي تنبت قطرات الماء، أو السقف الذي يصد البخار المتصاعد نحوه ويجمعه على صدره ويلتصق به ثم يتكاثف حتى يمتلأ قطرات فيفيض ويتساقط على البلاط ويتلاشى.. تراقبها تتجمع ثم تنتحر في كل مرة.. أبعدت عينيها عنها، وتفادت النظر إليها وهي تقترب برأسها نحو وجهها تقبض على حنكيها بيد وبالأخرى تحك خديها وأنفها حتى شعرت بجلدها يتوهج ويحترق.. “آه” “خيرك؟” أغمضت عينيها.. كانت تريد أن تحس ولا ترى..أمسكت بنهديها وفركتهما بقوة.. كتمت آهها.. ثم انهالت على بطنها وكأنها وجدت ضالتها التي كانت تبحث عنها، فقبضت على الليف بيديها معاً واندفعت بهما وكأنها تفرك حزمة غسيل.. تضاعف ألمها، وبسرعة حكت فخديها وأصابع قدميها.. “هيا نوضي كملتي” خشيت أن تنقلب فتسقط، أن تجلس فتنزلق، أن تدلدل ساقاها فيسحبانها وتضرب رأسها على حاشية الرخام.. مدت لها ذراعها مجددا فرأت وجهها المبتسم وقد تجمعت على جبهتها و جذع أنفها قطرات لم تميز فيما إذا كانت عرقا أو ماء، وارتفع صدرها وعلا تنفسها وكأنها تجمع كل ما بذلته من جهد لتنفثه كدورة البخار نحو السقف.. “صحيتي””سلمك.. صحة”…
*****
تناولتُ حبة وراء اخرى باستمتاع.. أتحسس عروقها ثم أضغط على غلافها الصدفي المتشابك في مناطق انتفاخها، حتى أسمع طرقعتها، أحاول القبض على قلبيها الصلبين المستديرين، يفلت أحداهما، أعود وأداعبه فيتعرى.. ثم أضغط عليه بين ضروسي وأطحنه وأبلله بلعابي وأبتلعه.. المرة تلو الأخرى.. أستجلب ذاك الطعم المشوب بالمرارة وأتلذذ به.
*****
تمعنت جسدها وهي تجلس على حافة الرخامة.. كانت تخفي ثديها الأيسر بذراعها.. أنزلته ببطء وشاهدت جرحها خطا أفقيا يتوسط جزأه العلوي.. قارنت بين ثدييها فوجدت الجريح أقل حجما.. أخفت جرحها مجددا.. نظرت أسفل بطنها حاولت أن ترى جرحها الآخر لم تستطع كان قديما، مررت أصابعها على حافة رحمها فلمسته مايزال النتوء على حاله، تذكرت الطبيب في المرة الاولى يهمس لها بعد العملية القيصرية.. “حاولت أن يكون خطا صغيرا قدر الامكان، أنت عروس”.. أما في المرة الثانية همس الطبيب “فتحت جرحا على ذات الجرح حتى لا تكثر الجروح على جسدك”.. كلاهما ضحك.. لم تضحك لكنها شكرتهما. تساءلت أيهما أعمق وكلاهما خطان أفقيان ياترى؟.. لم تسأل آنذاك لكنها تعلم أن جرح ثديها وهبها الحياة وجرح القيصرية وهب غيرها الحياة. على حين غرة سكبت المرأة المبللة دلو ماء أخير عليها طال وجهها هذه المرة وانسكب داخل أذنها.. “هيا نوضي حطي حنة على وجهك ولحمك”. كان طبق الحناء المعجون موضوعا على حافة الرخام.. اقتطعت منه ولطخت وجهها وجسدها به.. أعجبها ما تفعل استمرت في فرك جسدها بالحناء..كان ناعما.. امتص خشونة الليف وأغلق المسامات التي فتحها الحك..فارتاحت لملمسه.دخلت تحت الدوش وتركت الماء الدافيء الدافق يزيل كل شيء وأغمضت عينيها، وقررت أنها في تلك الليلة ستنام في فراشها عارية.
*****
امتلأت السلة بقشور الكاكاوية واختلطت برداء الحبيبات الأحمر الهش.. أغرقتُ يدي فيها أفتش بأصابعي وسطها عن حبيبات فرت لا محالة واختبأت مني.. وجدت قليلا منها استسلمت لي فاستودعتها فمي.. كومة القشور التي بقيت في السلة لا تعكس حجم ما تناولته من كاكاوية…فقد تجمعت حتى قاربت أن تفيض عن حافة السلة، عملية منظمة تنتهي في كل مرة بفوضى عارمة لأحظى بحبتين أو ثلاثة.
*****
بمرور الوقت ومع انتصاف النهار ضاق المكان بنسائه، مبللات وعاريات، ارتفعت الأصوات وتداخلت واصطدمت جافة بالجدران التي اعادتها مشبعة بالماء أو أشعلتها بخارا.. انفتحت صنابير وأفرجت عن المياه حبيسة أنابيبها، تنطلق متحررة بصوت يشبه صراخا بعد كبت، لتنتهي إما في دلو ينسكب على جسد ساخن أو بالوعة تؤدي بها إلى أنابيب أخرى.
خرجت من المكان العاتم وتنفست النور… كانت متوهجة تشبه حبة الكاكاوية الساخنة، المقشرة المصقولة. مثلها وغيرها كثيرات يخضعن كل يوم للتحمير والتقشير والنفخ والصقل ثم الطحن لأجل لذة آنية. كانت تعلم جيدا أنها ستجرجر قدميها مجددا إلى حيث مخادع النار في كل مرة كالكاكاوية.
__________________________________
تونس/باريس/اتاوا – 24. 9. 2019