جليانة بنت عشرين.. تقبض بكفها ع الريح وتخلق المعنى.. في حقيبة يدها تخبي حبيبها.. تزمّ المواقف الجادة بشفايفها وتمشي لقرايتها.. في الجامعة، حبيبها هادي في الشنطة ما يشاكس لا يدير دوشه.. هكي وعَدْهَا “شيليني معاك ما ندير شي. كي تستحقي ويبدا الأمر لابد امسحي بكفك جنب الحقيبة. نخرجلك مارد عنيف”.. المارد يدافع عنها.. المارد يقرّيها.. عفريت يعرف إجابات الـمُمْتَحِن قبل السؤال.. كان جليانة نسيَت كراسها ف الحوش أو تبي شيت م التصوير هو يجيبه قبل يرتد طرف العين. (جليانة تكحّل هدبها بليل طويل طول شعرها).. وكان جاعت وقت الفطور ينزّل عليها مايدة من الغيم.. كان عطشت يسقيها ندى من خدود الورد. ويمسح بلاط الكون باللي يهينها.
ف الليل تفرد شعرها على صدر العفريت.. يحكيلها:
أنا زمان كنت مارد مُطيع لسيدنا سليمان.. وفي لحظة ضعف عصيته. حبسني في الحقيبة آلاف السنين. مات عليه السلام قبل يسامحني. كفرت بيه ورب كل الكون.. ونويت نشّيطَن نهزّ عرش المجتمع.. لكن ما قدرت نكون إلا حنون.. الحبس كَسّر ضلوعي. أنتِ بنت يا جليانة وتعرفي معنى السجون. أنتِ بنت يا جليانة وتعرفي معنى قيود الآخرين.. قاتل إحساس إنك تكوني رهن آوامر آخرين.. تفقدي احساسك بوجهك لما ينتزعوه منك.. ويقولولك إنت أصلا مش ملك نفسك.. لما تشتهي ملح البحر، وما تشميه.. لما تحتاجي فنجان قهوة مع صديق، ويجرّموك. أو تفردي شعرك جناح الريح تحت النور ويحجبو عنك الغروب!…. أنعم يا جليانة أنا كفرت بسليمان النبي زي ما كفرتي بالذكور. وقررت نؤمن بس باللي يحرر ضلوعي من الحقيبة.
جليانة تحس رعشة خوف.. ما تحب شي يهزّ أركانها.. ما تبي كفر “استغفر الله العظيم” تبي سلام.. حتى إنكان على حساب ضلوعها.. والجن كافر كافر وملعون.. بس كان حنون يحبها. وهي زاد تحبه.. وتمرر أناملها على أنفه الجميل. ويقول: “في عينِك لمعة غريبة.. مَسحة وداع.؟. صح؟ الجن ما يعلم الغيب يا جليانة لكن يعرف نظرات الوداع.. يعرف آلام الرحيل قبل الرحيل.. نبيك يا جليانة.. لكن لو قررتي نغادر تلقيني عبدك مطيع..”.
قالت جليانة “امشي.. معَش نبيك” وكان قصدها “نحبّك”.. قالت “تي عَدّي.. عتقتك للأبد”.. “أمرِك مُطاع” قال دون نقاش.. صفَّق كفيه وتبخّر ف العَدَم.. وفي لحظة غامرة بالحزن حست جليانة بفراغ كئييييب.. ضمّت مخدّتها بألم.. غرزت أظافرها وبكت بَكية طلوع الروح.