المقالة

الفرق بين الحضر، وشبه الحضر خاصة في دولتنا ليبيا

منذ الازل ونحن البشر وبالأخص نحن الليبيين ننقسم الى قسم بعيد عن الديانات والتقسيم المذهبي او التقسيم السياسي …. بل هو تقسيم اجتماعي منهم من ينتمي الى الحضر الذين يقنطون في المدينة ومنهم البدو الذي عاشوا في الصحراء او عاشوا في القبائلية واعتمدت ارزاقهم على الزراعة الموسمية وبعض من المنتوجات المثمرة مثل الزيتون والتين والاعناب وبعض الفواكه الموسمية وذلك اعتمادهم على  الماشية وابل وابقار وحيوانات اخري للاستفادة منها في حياتهم اليومية وغيرها مند الزمن القديم .. …

اما في الوقت الحالي كلاهم يعيشون في زمن التحضر والمدنية ومنهم القليل من البدو الذين هم رفضوا حياة المدن وفضلوا حياة الباديه. ..
من هم يعيبون على البدو بأنهم غير متحضرين وهمج وغجر ؟؟
ومن البدو من يعيب على الحضر بأنهم بخيلين ؟؟
وكلا منهم يتباهى ويفتخر عن الاخر

فالحضر، هم سكان الحواضر المتعدد أو هم من سكان المدن المتحضرة، والذين لم تعد لهم علاقة بالبادية، مما انعكس إيجابا على علاقاتهم مع بعضهم علاقات اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، ومنها السياسية، التي تتخلل العلاقة بين سكان الحاضرة الواحدة، أو سكان مجموع الحواضر المتمدنة والتي تكسب علاقتها نتيجة الاختلاط اليومي بينهم. وهو ما يعني قيام تطور وتقدم في الفكر والمعاملة اليومية من الملبس وخاصة عند  خروجه لشارع امام الناس ويكون متطور في الفكر، وفي الممارسة اليومية .

أما شبة الحضر او البدو ، فهم سكان البادية، الذين تكون معرفتهم بالأمور محدودة، ويكونون مشدودين إلى العادات، والتقاليد، والأعراف، التي تتحكم في فكرهم، وفي ممارستهم، على حد سواء ويعتقدون ان تصرفاتهم هي الصح لا غبار فيها  .

ومن المعلوم أن سكان البادية بعد دخولهم الى المدن  ، يكونون حريصين على قوتهم اليومي، الذين يركبون كل المراكب المشروعة، وغير المشروعة، من أجل الحصول عليها، حتى وإن أدى الأمر إلى ممارسة كل أشكال النفاق، والكذب والتي غالبا تسيء إليهم، وتحط من قيمتهم نتيجة أعمالهم المشينة والتي لا تليق بالدوق العام، وتجعلهم محط افتقاد الثقة خاصة بين المتعاملين معهم.

والفرق كبير بين أن نؤمن بالحاضرة المدنية المتطورة بالحياة اليومية بين اهل المدن الحضر ، وبين أن ننتسب إليها، مع انعدام الانخراط من هؤلاء الشبه الحضر للتطور والرقي وخاصة بالحياة اليومية .

ويُمكن أن تكون الهجرة من الريف إلى المدينة مُؤقّتة أو دائمة، وقد تكونُ اختيارية أو ناتجةً عن الظروف المعيشيّة الصعبة، وقد بدأت هذه الهجرة بالتّسارع والتزايد بدرجةٍ كبيرة جداً في البُلدان المُتقدّمة بالعالم بدءاً مند سنوات ، ومُنذ ذلك الحين تباطأت في بعض البلدان المتقدمة ، بل في الحقيقة بدأت تتخذ اتجاهاً عكسياً (حيث يهاجر الناس من المدينة إلى الريف)، بينما لا تزالُ سريعةً في الكثير من الدول النامية وخاصة في ليبيا ، و في الوقت الحالي وبين الشباب خاصه  يختارُ العديد من الذكور صغار السنّ في الأرياف  تركَ مدنهم  أو قراهم الريفية والانتقال إلى المدن، وقد تكونُ الأسباب لذلك طارئةً أحياناً، مثل من التي تدفعه للبحث عن ملاذٍ لهُم في المراكز الحضرية الكُبرى، إلا أنَّ منها الأسباب الاقتصادية من تدنِّي المستوى المعيشي وقلَّة الفرص الوظيفية. يسعى البعض أيضاً للانتقال إلى المُدن للحُصول على التعليم الجامعي أو الأكاديمي الجيّد، أو الفرص الخاصّة الأخرى، وتصنعُ هذه العوامل حركةً تُعرف بالتمدُّن، وتوجد لحركات الهجرة من الريف إلى المدينة عدّة نتائج، فهي عادةً ما تُوفّر للسكان فرصاً وظيفيّة أكثر وأفضل، وبالتالي ترفعُ من مستواهم الاقتصادي والمعيشي، ويكونُ هذا التأثير مُفيداً بصورة خاصّة ويرى مُعظم المهاجرين – لذلك – أنَّ حياتهم أفضل حالاً بعد الانتقال إلى المدينة وعادةً يندمج المهاجرون مع حياة المدينة الجديدة حتى لو ارتفع مُستوى دخلهم، فإنَّ نوعية ثقافتهم وتعليمهم ستختلف عند انتقالهم إلى الحاضرة. ومن الأسباب الأساسية التي تدفعُ سكان الأرياف إلى مُغادرة مساكنهم هي ارتفاعُ عدد السكان مُقارنةً بالفرص الوظيفيّة،

فالبدوا او شبة الحضر لا يؤمنون بالمدنية المتحضرة، ولكنهم ينتسبون إليها، من أجل استفادتهم من اهل المدن، لتقرب اليهم لقضاء حجايتهم ومعاملتهم اليومية  .

وهنا يجب علينا  ضرورة التمييز بين اهل المدن والحضر، وبين الانتساب اليهم من اهل شبة الحضر او البدو ومعلوم، أن التحلي بالقيم النبيلة المتحضرة ، التي جاءت نتيجة الاختلاط بين الناس من مختلف اعرقاهم أو أصلوهم وانسابهم   ، تجعل أهل الحضر والمدن  يمتنعون عن الممارسة الغير مقبولة لدي عامة الناس ، التي يعتبر النفاق من جملتها، والذي يوصف به شبة الحضر او البدو .

أما الانتساب إلى اهل المدينة ، فلا يترتب عليه إلا حرص شبة  المتحضر او البدو  والمنتسب إلى اهل المدينة، الذي لا يؤمن بها أصلا ،الغرض من هذا الانتساب هو الاستفادة من الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعدم قدرته على التطور والتمدن  بالحاضرة المتواجدة بالمدينة ، وعدم الاعتراف بيهم ، هدفة الوحيد للانتساب هو من أجل الاستفادة من الأوضاع الجديدة.

ما يؤلمنا ويصيبنا بالوجع إنّما هو تمظهرت هذه العادات البدويّة الكثيرة في سلوكهم اليومي الذي قد يشعر الفرد الواعي منّا إزاءها بالاشمئزاز والإحراج في آن.

ودون توسّع، لضيق المجال، فإنّي أكتفي بإشارات سريعة لممارسات تؤكّد ترسّخ البداوة، في عقولهم الباطنيّة بما يجعل سلوكهم أقرب إلى البداوة منه إلى الحضارة، بل إنّه ينتموا أحيانا إلى عقليّة عصر ما قبل الجاهليّة، حتّى ونحن نعيش اليوم في العشريّة الثانية من القرن الواحد والعشرين.  فإلقاء أعقاب السجائر على الأرض دون مبالاة بجماليّة المكان، و عدم احترام الإشارات الضوئية ، بما يجعل مدننا أشبه بالمصبّات الكبيرة، وعدم أحترام الأولويّات في الطوابير ومفترقات الطرقات وأماكن العامة ، وما يصاحبها من التحدث  بأصوات مرتفعة ، يصل حدّ الشتائم والتشابك بالأيدي والعنف أحيانا وأكل في الشارع ، إنّما هي تعتبر سلوكيات تعكس البداوة المكبوتة، وتشير إلى الصراع الذي تعيشه تلك الفئة  في أدغمتهم   ما بين الحضارة والبداوة و ما بين تقدّمهم وعمق تخلّفهم واحتلال الأرصفة من قبل التجّار بشكل فجّ بما يضيّق على حركة  المارة، هو الآخر مؤشّر على  تأصّل بداوتهم . كما أنّ مظاهر الفوضوي في الأسواق الشعبية وفي كل مكان حتّى في الأسواق الرسميّة احيانا، إنّما هي من مخلّفات البداوة التي لا تزال تعشّش في أدمغتهم  بل إنّ من دلائل عمق  بداوتهم كذلك، إقامة أسواق بيع الأضاحي/الخرفان  وأبل وابقار في أغلب نواحي المدينة وأحيائها ، بمناسبة حلول عيد الأضحى ، وما يصاحب ذلك من إنتشار نقاط بيع الأعلاف والفحم ونحو ذلك و انبعاث روائح كريهة تزكم الأنوف تشوّه صورة المدينة و تمنحك الإحساس بالتواجد في البادية  أو في قرية كبيرة ممتدّة الأطراف، تغيب فيها قيم المدنيّة والتحضّر والمواطنة. ولا يقف الأمر عند هذا الحدّ، الى قيادة السيارات على الأرصفة وعلى الحدائق العامة وفي الاتجاه المعاكس بل يتعدّاه إلى المجال الثقافي والموروث الثقافي حيث إنّي أعتقد أنّ  ضخّ أموالا طائلة لإقامة مهرجانات مناسبة زواج ،  فالغرب المتحضّر، شديد الوعي بمصلحة أجياله الصاعدة، يقيم بدلا عن ذلك معارض للسيارات والطائرات والحواسيب والتقنيّات الإعلاميّة و الاتصالية و مختلف التكنولوجيات الحديثة ذات العلاقة، حصرا،  بالحاضر والمستقبل لفائدة أجيال اليوم والغد، وليس لتمجيد الماضي الغابر والتقوقع فيه دون محاولة تجاوزه نحو ما هو أفضل، كما يفعل البدو او شبة الحضر الذين يهدرون ثرواتهم على حساب الأجيال القادمة بعد نضوب البترول .

بعد هذا وغيره، يحقّ لنا القول أنّ البدو او شبة الحضر وإن سكنوا المدن، إنّما هم بدو في عقليّتهم وسلوكهم وتصرفاتهم ومعاملتهم اليومية، وإن توهّموا التحضّر وادّعوا الحضارة التي يفصلها عنهم سنين طويلة لا تحصى ولا تعدّ. أليس كذلك؟

 

طرابلس الغرب / ليبيا

يوم الأربعاء الموافق 18/4/2018م

 

مقالات ذات علاقة

جذور النظام المغلق

عمر الكدي

أين ليبيا التي عرفت؟ (16)

المشرف العام

شعلة تتقد

رامز رمضان النويصري

اترك تعليق