حوارات

الفنان سالم التميمي لفسانيا :: علاقتي بالريشة والألوان علاقة حبّ و اكتشاف وبحث دائم

فاطمة سالمة أعبيد

يقالرُبّ صدفة خير من ألف ميعاد، ذات الصدفة هي التي جمعتنا  بالفنان التشكيلي سالم التميمي ذاك الذي دَوّنكل إبداعه الفنيّ بريشة ، فازدانت رحلته التشكيلية بقطع مميزة ذات ألوان فريدة ، وأنت تطالع هذه التحف الفنيةيُخال لك أنها تهمس لروح الحياة فيك ، بجاذبية مطلقة ، لا تملك إلا الاستسلام لها ، ولد في طرابلس عام  1956م وتخرج من جامعة قاريونس كلية الآداب قســــم الدراسات الإعلامية ، ليكمل دراسته في كلية اكستر للفنونوالتصميم بريطانيا في فن الحفر والطبـاعة  و من المركز الإقليمي لصيانة الممتلكات الثــــقافية في الدول العربيةاليونسكو بغداد تحصل على شهادة في صيانة ومعالجة وترميم اللوحة الفنية و صمم ونفذ عدة أعمال في أغلبالمناسبات وهو شغوف  بالتصوير الفوتوغــــرافي فقد حاز من خلاله على  الجائزة الثالثة والتشجيعية في مجال التصويرالضوئي  في إحدى المسابقات.

الفنان التشكيلي سالم التميمي

بابتسامة ودودة بدأ حواره معنا قائلا: اسمحوا لي أن أتقدم بجزيل الشكر إلى صحيفتكم الموقرة التي لها رونق مميز بها في الحقيقة كنت أتعامل مع اللوحة والألوان وأنا صغير فى المدرسة الابتدائية والإعدادية ومن ثم الجامعة حيث فتحت لى مجال أكثر .

الموضوعات واللوحات تعبّر عن موضوعات عامة ومباشرة اعتمدت على الصورة المرئية أى الواقعية .

وأخذت أتطور وأتنوع في مدارس فنية عدة ولكن واقعية بمختلف اتجاهاتها  إلى أن وصلت لمرحلة التجريد التي تعتمد على الخطوط المتداخلة والمتقاطعة والمثلثات و غيرها من الأشكال التي تعتبر عنصرا أساسيا فى اللوحة .

وأشار : وخلال إنتاجى لهذه الأعمال التجريدية وخاصة أعمالى الأخيرة أحسست بأنى أتلمس ما هو أقرب لي أكثر تلبية لرغبتي وهذا التحول من الفن الواقعي إلى فن التجريد يشكل المرحلة التي أنا فيها الآن وذلك نظرا لوجهة نظري بأن الصورة المرئية أو المقرئ  ليست شرط أساسيا لإنتاج عمل فنى .

وأضاف : وجدت نفسي في المدرسة التجريدية وهي  التي تعتمد على الأشكال دون الرجوع إلى التفاصيل الطبيعية ،بل تهتم بجمال السطوح  .

فالتجريد باب واسع للدخول لعالم البحث والتجريب من خلال التعبير عن رؤية الفنان الداخلية دون توقف أمام المظاهر الخارجية فهو أكتر عمقا.

كيف  تم اختيارك  بجامعة باليرمو الإيطالية لإقامة معرض الفن الليبي المعاصر في البحر المتوسط؟

 الحقيقة  منذ سنوات زارت ليبيا ناقدة وأستاذة جامعية وصاحبة مؤلفات الفن المعاصر بجامعة باليرمو يرافقها صاحب قاعة عرض وبعد جولة فى المراسم ودار الفنون والأكاديمية وقع الاختيار على أعمالي وأعمال الفنان على الزويك دعيت إلى باليرمو بإيطاليا وأقمت معرضا للوحاتي وتناولته الصحف وأصبحت أحد الفنانين الذين قدمتهم القاعة فى سوق الفن المعاصر الدولي بروما   .

هناك كثير من الفنانين التشكيليين يطلقون أسماء على لوحاتهم الفنية فهل أنت منهم ؟

الحقيقة أنا أرفض تسمية لوحاتي باعتبار اللوحة فضاءً مفتوحاً على تأويلات عدة  فكل متلقٍّ يقرأ اللوحة  بطريقته الخاصة وبما يشعر به اتجاهها ، والمشكلة في المتلقي يريد لوحة مقروءة وهنا يجد الفنان نفسه مضطراً إلى القيام بمجهود تنظيري لعمله .

لذلك الفنان غير مطالب بتسمية لوحته ووضعها في إطار معين أو تسميتها وتقديم الشروح حول ما ينتجه وكذلك عملية تسمية اللوحة في رأيي تقييد للعمل الفني وحصره وقتله وخاصة العمل التجريدي لأن العالم الداخلي للفنان فضاء أكثر حرية فالعمل التجريدي له أكثر من قارئ  و كل متلقٍ يقرأ من زاويته .

وأضاف : تسمية اللوحة بمثابة حاجز بين المتلقي وبينها لأن اللوحة لغة بصرية أي بمعنى الخطاب التشكيلي خطاب بصري وليس خطابا أدبيا مقروءا وعن أثر الإنسان لا يوجد بشكل واضح في لوحاتي  ولكنْ هناك أثر لهمومه وقضاياه بما يحمله من أشياء وأشكال تأتي بشكل عفوي تلقائي  و هناك مفردات حروف هناك ذاكرة أحلى هناك بهجة في الجدار كلها من تأثير الإنسان أنا لا أرسم الإنسان  بل أرسم فعل الإنسان وتأثيره .

وأشار : لوحاتي تخلق بدون افتعال تنطلق من خلال تجربة طويلة من العمل الفني لها قيمتها الجمالية تعتمد على المعالجة الإيحائية لمادة السطح الجدار القديم وما يمثل الجدار وما يعكسه الزمن من التقادم وما يستلهمه من رموز وإشارات وأشكال تلقائية وما يعنيه الجدار من شاهد تاريخي حيث يبقى الجدار صامداً وما يعكس الجدار من رغباته واحتجاجاته وهوسه وانفعالاته وهمومه  .

للشاعر لحظات تجلٍّ فهل للفنان التشكيلي ما يشبهها  ؟

أرسم كما يرسم كل فنان ولكن لكلّ فنان طريقته الخاصة به أرسم عندما أكون في حالة من التوهج الوجداني تأتي إلى اللوحة بكل حبّ ورغبة لا أرسم بالصورة التقليدية بوضع الألوان الباردة في جانب من البلاليته والألوان الحارة في الجانب الآخر  تتولد اللوحة عندي بدون افتعال وبدون اسكتشات مسبقة للوحة . أطلق الفرشاة على المساحة البيضاء وبحرية تنتهى اللوحة عندما أعرفها انتهت .

أرسم بدون سابق معرفة معتمد على الحسّ ومراقبة التوازن بين الأشكال والخطوط لأوحد الانسجام بين مختلف أجزائها  .

علاقتي باللوحة علاقة اكتشاف وخلق مناخ آخر وبحث دائم و علاقة وجدانية  في سياق مختلف تأتي لوحاتي هذه لكي  تستعيد عوالم ذاكرة جمعية جسدتها الإشارات والرموز والأشكال الهندسية بشكل عفوي .

في فضاء اللوحة قد يعجز المشاهد عن حل استفهام هي سبع لوحات بمقاس 145× 145 زيت على قماش زينت جدران قاعة رمل للفنون التي شاركت بها  في الفترة  الماضية بمدينة مصراتة  تحت عنوان حوائط البهجة  .

ويستطرد : على هامش هذا المعرض الفني  أجري معي حوار تم فيه  الحديث عن لوحاتي التي تحوي أشكالاً ورموزاً وتقاطعات  هذه التجريدية هي أشكال مرتبطة بالذاكرة الشعبية هي مفردات كثير الفنانين كلاً يستخدمها بطريقته الخاصة من خلالها حاولت استلهام التراث  بالخطوط والمثلث والمربع وكل الأشكال الهندسية الأخرى .

ونوّه : ما هي إلا أبجدية عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ وتحفل بها أغلب فنون العمارة الشعبية عندنا  وهي مفردات لها مدلولها كما أن فن التجريد هو العالم الشخصي الداخلي للفنان  عبارة عن ردود أفعال ذاتية .

والتعبير به يمنحني حرية أكبر وبابا واسعا أدخل منه إلى الماضي وفنونه هو أكثر عمق وأكثر وجدانية وكشف عن الذات  يمنحني حب البحث  التجريد الأقرب لي روحيا .

عن ماذا تتحدث لوحاتك داخل قاعات العرض وكيف تتواجد ؟

أوضح : الحقيقة لا توجد قاعات عرض كافية كما أن هناك مشكلة فى إدارة القاعة وعدم وجود صاحب القاعة المتخصص الذى يفهم العمل الفني ويعرف كيف يقدمه للجمهور وكيف يسوق العمل الفني بطريقه محترمة كما يحدث في مختلف بلدان الغرب .

الفنان لا يستطيع أن يقوم بكل شيء  بنفسه من رسم اللوحة إلى التطير إلى تنظيم المعرض إلى بيع اللوحة فى وقت واحد و لوحاتي تتحدث عن أضواء طرابلس وأضواء المتوسط عبر تقنيات عديدة وبحث مُداوٍ أما مواضيع لوحاتي فهي جدار فنية تقع فى المتوسط جرافيتي المدينة وما يعكسه الزمن من التقادم والرطوبة وما يبقى من علامات وحروف متناثرة غير صالحة للقراءة .

النقد دعم للفن هل تعتقد أن هناك حركة نقدية فى الفن التشكيلي أو كتابات نقدية فيه  ؟

لا يوجد نقاد حقيقة في مجال الفنون التشكيلية وهذا الأمر من  الإشكاليات التي تواجه الفن التشكيلي و هي غياب النقد الفني لأن غياب النقد الفني له أثر عكسي على  تطور الفن فغياب النقد والناقد تسبب في انعزال العمل الفني والفنان عن الجمهور فالناقد هو القادر على التقريب بين العمل الفني والجمهور للأسف ليس هناك نقاد لأن معظم الكتابات في الصحف وغيرها عبارة عن مقالات أدبية إنشائية ليست لها علاقة بالنقد .

 ما علاقتك بالمتاحف الفنية ؟

المتاحف الفنية غير موجودة في بلادنا لأنه ليس من السهل وجود متحف للأعمال الفنية المتحف يحتاج إلى وقت إلى تراكم إلى وجود مجموعات فنية عبر المجمعين للأعمال الفنية أو من خلال الدولة أو الوزارة تكون مقتنية أعمال عبر سنين طويلة يأتي هذا أولا ثم يأتي المتحف.

ما هو المحور الذي اخترته ليكون ضمن المشروع السويسري للفن المعاصر؟

لم أختر محورا معينا ولكن الاختيار جاء من ضمن المشروع السويسري للفن المعاصر من خلال زيارة قام بها الفنان السويسري جورج مولت والناقد أوريل شميت إلى ليبيا وقاموا بزيارتي بالمرسم والاطلاع على الأعمال واختاروا أعمالي ضمن المشروع لما لها من علاقة بمشروعهم والذي يمثل الفن الصخري وبلاد العلامات

أين أقمت معرضك الفني الأول وما اسمه  ؟

الحقيقة أقمت عدة معارض شخصية عندما كنت طالبا في جامعة بنغازي ولكن المعرض الأول هو معرض في قاعة فدى فيلا بطرابلس تحت اسم الذاكرة .

كيف تصف علاقتك بالريشة والألوان ؟

علاقة حميمية  بين الفنان وأدواته خاصة هي رفيقة دربه الفني إلى جانب تواصل وتجارب أعيشها  مع الريشه والألوان هي علاقة وجدانية علاقة حب علاقة اكتشاف وبحث دائم علاقة وجود.

حدثنا عن مشاركاتك الداخلية والخارجية ؟

سأعود للوراء فلي عدة مشاركات خارجية أولها كانت في 1981 م

مهرجان الشباب العربي  دمشق سوريا   وفي نفس العام كانت لي مشاركة في مهرجان ضمن الأسبوع العربي الليبي  باريس و في عام 1982 م

معرض فعاليات الأسبوع الثقافي الليبي  عدن اليمن وكذلك معرض الأسبوع الثقافي الليبي  مانيلا .

وبعام  1985-  معرض كلية اكستر للفنون والتصميم  بريطانيا.

وعام 1980 معرض فندق جرمة  بفندق جرمة مالطا ولي مشاركة ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الليبي صنعاء بعام 1987.

ومعرض السنتين العالمي  في مدينة لاهور بباكستان كان في عام 1988 وفي نفس العام شاركت في بينالي بغداد العالمي العراق ومن المشاركات التي ساهمت فيها بلوحاتي بالجزائر في معرض  لفناني وحدة الفنون التشكيلية بقصر الثقافة .

وذلك في عام 1986  ومشاركتي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الليبي  العراق التي كانت بعام 1994  وغيرها من المشاركات العديدة التي شاركت فيها والحمد لله حققت نجاحا كبيرا و أما عن إسهاماتي المحلية التي كانت في عام  1978م  معرض شخصي بالمكتبة المركزية – جامعة قاريونس و أيضا  المعرض العام للفنون التشكيلية بالمركز الثقافي عمر المختار بطرابلس وفي عام 1982 م

شاركت في المعرض العام للفنانين وشاركت في معرض جـــمعية الدعوة الإسلامية   بمجمع ذات العماد كما كانت لي مشارك بمعرض مرافق لمؤتمر الأحزاب العربية المعارضة بقاعة الشعب ومعــــــرض ثنائي بالمركـــز الثقـــــافي الإيطـالي ومعرض تجمع الفنانين التشكيليين مجمع الفتح الثقافي و معـــرض بمــــلتقى أوزو

و معرض الفنون التشكيلية العالمي بالساحة الخضراء سابقا  إلى جانب التظاهرة الثقافية التي أقيمت  بفندق باب البحر معرض النهــــر الصـــناعي  بنغازي وبعدها شاركت في المعارض التالية وهي :

معرض الخط العربي والزخرفة – بمجمع الفتح الثقافي و معرض ثورة الحجارة بالمتحف الجماهيري و المعرض السنوي لوحدة الفنون التشكيلية  و  معرض ملتقى الإبداع والحرية – الدار الليبية للفنون  ومعرض لفناني وحدة الفنون التشكيلية السنوي

معرض جماعي بقاعة السويح ـ طرابــــــلس و معـــرض نوافذ في قاعـــــة دار الفنون و معرض المستنسخات بقاعة دار الفنون و معرض مرافق لمعرض الكتاب العالمي بطرابلس و المعرض العام للفنون التشكيلية بمصراتة و معرض شخصي  ذي فــــــيلا  بطرابلس وغيرها من المشاركات الفنية التي شاركت فيها في الإطار المحلي  وما التوفيق إلا من عند الله ونحمد الله عليه .

كلمة لمن يقولها سالم التميمي من عشاق الفن التشكيلي  ؟

أرسلها لكل عشاق الفن التشكيلي وإلى محبي فنون الرسم وأقول إن هذا الفن يحتاج منك المواكبة والتعرف عليه لأنه يعد من روائع الفنون التشكيلية التي موجودة في بلادنا الحبيبة ونتمنى أن يكون هذا الفن له تعريف في المراحل التعليمية خاصة في السنوات الأولى للطفل.

لكي يعي منذ طفولته ما معنى فن الرسم وربي يوفق الجميع وندعو لبلادنا بالأمن والأمان وربي يهدي العباد يارب وشكر لصحيفتكم  الموقرة على هذا السعي لأجل الفنان الليبي لكم تحياتي.

______________________

نشر بموقع صحيفة فسانيا.

مقالات ذات علاقة

الشاعرة وسفيرة النوايا الحسنة للمرأة في ليبيا

المشرف العام

الأمازيغ في ليبيا.. حوار مع الدكتور علي فهمي خشيم

المشرف العام

الشاعر الصحفي الشاب أحمد عبد الله سعد للعرب العالمية

المشرف العام

اترك تعليق