جيهان إسماعيل
وأقدام المطر وحروف الإبداع في بعض نصوص المبدعين في الأدب الليبي لـ(عذاب الرگابى)..!؟
احترق اللون الذي يميل إلى غياب الشفق واللوحة التي تعبر عن تبعثر الأوراق وتنوع المقال والمقام في تصوير للكاتب وحرصه على أصعب المعارك في المعادلة الصعبة وهى ” كيمياء الكتابة
بدأ بالمقدمة والتي حين تقرؤها تجد اقتراب الكاتب من المبدعين واقتراب نصوصهم وحبه لهم على طريقته… بدأ بالشعر
بـ علي الفزاني في فضاءات اليمامة العذراء ” وحالة عشق بين الحلم والواقع، ابتسامة جريحة وقدر أعمى وعلى الفزاني شاعر يراوغ فيها القصيدة.
إياك أن تبوحي يا امرأة
أو فلتبوحي !!
لقد جئت إلى قضائك متأخراً
وأنت إذ تلامسين هذا النشيد
بأصابعك الرقيقة
تجد الكاتب عذاب الركابي استشهد بالكثير والكثير من كلمات لكتاب عرب واستدل بها من فضاءات علي الفزاني وهذا تحليل مقارن وحالة فلسفة يدركها فقط المثقف المتفلسف وهذا التشكيل الجميل وتناغم الإيقاع هو حالة خاصة من ظمأ الشاعر والكاتب معاً..
انتقل إلى شاعر آخر وعنوان آخر ” كوابيس الليلة الأخيرة ” نبض صدق واحتراق وتفسير حركة الأشياء وهندسة ألوانها، (جيلاني طريبشان) شاعر موهوب، محترق حتى العظم، متعطش للحب والحياة وقلبه نابض بالخير للإنسانية تفوق الكاتب والشاعر في القصيدة وهذا جمال الروح الأدبية والذائقة الشعرية.
لا ألحظ شيئا في الظلمة
لكن حين أعود إلى نفسي
وتعود بي الذكرى
أراك أمامي
امرأة من ورق الشجر الأخضر
سمراء، سمراء !!
وقد أضاف العديد والعديد من القصائد لكثير من الشعراء وكأن كل الكلمة تلتقى في عبور نهر الاختراق للوصول إلى شمس الإشراق.
” منازل الريح ” والوقوع في حب الكلمات للشاعر مفتاح العماري.. شاعر تميز بالبساطة والعمق معاً حتى تجد نفسك أسيراً للكلمات حتى تنهي ما بدأته..
يمكننا أن نرى، قال الفتى
أبعد مما يرى..
حين أشرع قلبه للمدى
وتنكب صباحا لم ينل
راودته تفاحة
فحمل خطيئته ورحل. واستشهد الكاتب بالكثير من الكلمات التي هي حصيلة لعمق القراءات والاطلاع والحرص على التمكن في إرساء معزوفة مفيدة مضيئة للقارئ كما كان حريصاً على اطلاعنا بتواريخ وأسماء الصحف التي تم فيها نشر هذه الأعمال وهذا جهد من الكاتب ليس بالهين < < < < < القصة وإيقاعات سريعة على مبدعي الوطن
والعزف على أوتارهم في الكتابة..!؟
بدأ بالقاص سالم العبار ” الذي عبر نهر القصة إلى أبعد الحدود فهو صاحب لوحات قصصية راقية لأنه يعيش حالة صادقة من قصته (خد يجار) وتنقل الكاتب كالفراشة في بستان الإبداع بدءاً من (الفارس) ثم (البذور) وهي انتماء قوي للمكان تصاحبها فنتازيا مشوقة يزيدها جمالاً وهذا التكثيف اللغوي يمثل اختراقاً للزمن ثم يذهب إلى (شهوة المثل) ومنها إلى قصة (الرصد) يصبح الخيال من واقع مرعب مفزع طوق نجاة للكاتب والقارئ معاً ويتواصل في قصص (الرهان) و (العلاقة) و (العورة) جميعاً نحارب الملل والرتابة التي كثيراً ما نعلق بها ومن (الصرخة) نداء لشعاع الشمس في مسمع الزمن تدوي صرخة في وجه السكون “
كيف نعيد ترتيب الأشياء في (اختلاس) وفي (الفيضان و (الإشارة) (وكم الساعة الآن) يجيد القاص سالم العبار العزف بكلمات دافئة وأصابع واثقة، غير مرتعشة ولا مترددة وتجسيد فكرة وتبني موقف أو حالة عشق وانتقل إلى قراءة أخرى وكاتب آخر وهو محمد علي الشويهدي ولا ندري ما سر اختيار كواكب كتابه ربما هي الصداقة كما قال في مقدمته صور القاص أن الحب في قصصه حالة صعبة رغم شاعريتها ونقائها ومالا يجب إهماله هو قصة (أحزان اليوم الواحد) وكيف جسد ظلمة التقاليد وعربات الموروث البيئي الصدئة التي تجرها المرأة والكثير من حالات الحب واختلاف المسمى وهل لنا أن نستسلم للقدر وانتقل إلى قصة (لمسات الهوى) والحب مشروع محاصر وطريق طويل مهدد بالظلمة وكوابيس النهار وأمطار التقاليد البربرية.
القاص خليفة أحواس وحالة شعرية في (الظل الثالث).
رسم لنا الكاتب حروف اختياره لهذا القاص ومتابعة الحالة الشعرية الهادئة وأحيانا الحزن الغامض على كتاباته النثرية وفي مجموعته القصصية (الظل الثالث) قرأت ملامح وجهه وعناقاً يشبه الكلمات والقبل والطفولة ومدن أصابعه ستظل مضيئة مادام عشقه في محراب الكلمات لا ينتهي..
(الطائر الذي نسي ريشه)
القاص د / زياد علي في الجذع المتوحش، ولغته البسيطة والعميقة في الوقت نفسه والتلقائية في التناول والمعالجة وهذا الجمال يعانق الواقع.
سأل الشيخ حماد
لماذا تذبح طائرك يا عبد السلام ؟
” الدمعة تتلألأ في عين الطفل وهو يقول لشيخه إنني كلما دخلت إلى مكان وقفلت على نفسي وجدت الله يراني ” وجال الكاتب في أروقة القصة ذهب إلى قصة (بين الظلم ـ والعدل) و (عسيلة في بلاد الروم) تقديس للموروث بأسلوب مقنع يعكس الواقع والدخول في التفاصيل من أجل التأمل في ذاكرة المخزون التراثي.
اختتم الجزء الخاص بالقصة بـ(شهوة السكين) للقاص سالم الأوجلى ولأنني وبمحض الصدفة غير المتعمدة قمت بقراءة المجموعة وسأكتفي بها ولن أخوض أكثر فيها.
في الرواية إبراهيم الكوني في (التبر).
و د / صالح السنوسي في ” حلق الريح “
كانت مفاجأة من السطور الأولى أن الكاتب عذاب الركابي صاحب مهنة واحدة مدرس الّلغة العربية وهذه مقدمة لتناوله رواية فيها جمال الغموض الشفاف والأسرار العميقة التي لا يليق إلا بتلك المدينة الليبية وهي ” غات ” الواقعة على الحدود الليبية مع الجزائر هذه الرواية حالة صدق مع صفاء الصحراء بعيداً عن التلوث ” الصبر أيضا إله العطش ” والصبر تميمة خالدة في الصحراء ” ومن هنا أعترف بأن ما من مثقف ألتقيته أو حاورته إلا وذكر هذا الاسم من قريب أو بعيد حتى أنني تمنيت أن ألتقيه وأشعر من خلال هذه السطور أنني التقيته وهذه الرواية كما كتب الكاتب هي صراع بين نقيضين لكل منهما أسلحته الخفية والظاهرة بين المادة (الذهب) الزائلة وبين القيم الخالدة الباقية.
(حلق الريح) رواية تقوم على الخيال المبدع..!! ونسيج واقع قاتل عالية الصوت، لجأ فيها الراوي إلى الصراخ مناديا ماض مؤلم، مضحك مبك.
تنوع الكتاب ولم يتبق نوع أو درب أدبي ولم يتناوله الكاتب بشكل أو بآخر ساعده في ذلك إيقاعه السريع والعزف المنفرد مع الكثير من الأدباء والروائيين وأسئلة وإجابات وحتى الحوار لم يتركه وهذا معنى لدفعة قوية لصرخات في زمن الصمت للأديب محمد علي الشويهدي وختم المجموعة بحروف فسفورية وذكريات مع أعمدة الرواية والقصة كخليفة الفاخري ومحمد السنوسي الغزالي كحسن السوسي وعلى الفزاني وفرج العربي وهؤلاء ثلاثة أجيال شعرية في مراحل مختلفة لثلاث مجلات ليبية هامة نشرت بها وكلمات عن المناخ الثقافي العربي وغياب النقد الحقيقي وأزمة النشر وكيفية البحث عن الناشر وهذه قضايا نعاني منها بالفعل كشباب ومن كثرة تحملها أصبحت متاهة في ليال حالكة وما علينا سوى الكتابة عنها ربما نشارك في عبئها معك عزيزي القارئ..!؟