أَعْدَدْتَنِي فَعَدَوْتُ فَوْقَ الأَنْجُمِ
وَصَقَلْتَنِي فَسَبَرْتُ كُنْهَ الْمُبْهَمِ
وَزَرَعْتَ فِي نَفْسِي غِرَاسَ فَضَائِلٍ
فَنَمَتْ بِقَلْبِي دَوْحَةً سُقِيَتْ دَمِي
وَأَنَرْتَ دَرْبِي بِالعُلُومِ فَشَعْشَعَتْ
فِي جُنْحِ لَيْلٍ مُدْلَهِمٍّ مُظْلِمِ
وَسَقَيْتَنِي مِنْ كُلِّ نَبْعٍ حِكْمَةً
مِنْ فَيْضِ نُورٍ مِنْ كِتَابٍ مُحْكَمِ
قَدْ شَاءَهُ الْهَادِي سِرَاجَ هِدَايـَـةٍ
يَسْرِي كَنُورٍ فِي يَقِينِ الْمُسْلِمِ
( اِقْرَأْ ) بَيَانُ اللهِ فِي قُرْآنِهِ
فَقَرَأْتُ حُبًّا بِاسْمِ رَبِّي الأَكْرَمِ
أَمْسَى الْكِتَابُ جَلِيسَ رُوحِي فِي الضُّحَى
وَأَنِيسَ نَفْسِي فِي الظَّلَامِ المُعْتِمِ
ضَاءَتْ بِأَعْمَاقِي جُذَى أَقْبَاسِهِ
وَتَلَأْلَأَتْ مِثْلَ ابْتِسَامِ الأَنْجُمِ
وَكَتَبْتُ بِالحَرْفِ المُقَدَّسِ أَسْطرًا
هَتَفَتْ بِتَعْظِيمِ الجَلِيلِ المُنْعِمِ
فَغَدُوتُ وَالعِلْمُ المُبَاركُ رِفْقَةً
مَحْمُودَةً مُتَلَازَمَيْنِ كَتَوْأَمِ
كَمْ كُنْتَ تَغْرِسُ فِي النُّفُوسِ مَكَارِمًا
بِتَوَاضُعِ المُتَمَكِّنِ المُتَكَرِّمِ
عَلَّمْتَنِي أَنَّ الحَيَاةَ مَكَارِمٌ
وَمَكَارِمُ الأَخْلاقِ أَنْفَسُ مَنْجَمِ
إِنَّ الْقَنَاعَةَ لِلْكَرِيمِ غَنِيمَةٌ
وَالْعِلْمُ لِلْإِنْسَانِ أَكْبَرُ مَغْنَمِ
فَمَبَاهِجُ الدُّنْيَا نَعِيمٌ زَائِلٌ
وَغِنَى الجُيُوبِ يَظَلُّ بَعْضَ تَوَهُّمِ
أَمَّا التَّوَاضُعُ فَهْوَ مَكْرَمَةُ الأُلَى
صَنَعُوا الحَيَاةَ بِعِزَّةٍ وَتَكَرُّمِ
أَمَّا الخُلُودُ فَلا سَبِيلَ لِنَيْلِهِ
مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ يُرْتَجَى وَمُعَلِّمِ
نُكْرَانُ ذَاتِ المَرْءِ يَرْفَعُ قَدْرَهُ
بَيْنَ الأَنَامِ يَعِيشُ غَيْرَ مُذَمَّمِ
وَصَلاحُ نَفْسِ المَرْءِ فِي تَعْلِيمِهِ
وَفَسَادُهَا بِالرَّكْضِ خَلْفَ الدِّرْهمِ
فَشَكَرْتُ فَضْلَكَ كُلَّمَا كَتَبَتْ يَدِي
حَرْفًا نَدِيًّا مِنْ حُرُوفِ المُعْجَمِ
وَتَرَنَّمَتْ شَفَتِي بِحَرْفٍ سَاحِرٍ
مُتَرَدِّدًا نَغَمًا جَمِيلًا فِي فَمِي
أَزْهُو عَلَى كُلِّ الخَلائِقِ شَاعِرًا
مُتَفِاخِرًا بِتَأَدُّبِي وَتَعَلُّمِي
فَأَقُصُّ لِلنَّجْمِ الضَّحُوكِ مَفَاخِرِي
فِي بَهْجَةِ الْمُتَفَوِّقِ المُتَعَلِّمِ
إِنْ جَاذَبَتْنِي فِي الرِّيَاضِ فَرَاشَةٌ
هَامَتْ بِعِطْرِي وَاسْتَبَاحَتْ مِعْصَمِي
أَوْ رَاوَدَتْنِي فِي الْخَيَالِ قَصِيدَةٌ
أَلَقُ الْحَيَاةِ بِسِحْرِهَا المُتَنَعِّمِ
أَوْ سَاجَلَتْنِي فِي الغَرَامِ جَمِيلَةٌ
وَلَهْىَ بِشْعْرِي وَاقْتِدَارِ تَكَلُّمِي
أَخْبَرْتُهُنْ في نَشْوَةٍ وَتَوَاضُعٍ:
أَنَا مِنْ صَنِيعِ يَدِ القَدِيرِ مُعَلِّمِي