من هنا نين نلقوا عزم .. من هنا يا اقدم لا تخطَّموا ..
عزم: صبرٌ وعزيمةِ
من هنا : منذ الآن ..
من هنا : من هذا المكان ..
يا اقدم : يقصدُ حبيبَهُ القديم، والجمع للتعظيم.
لا تخطّموا : لا تمرُّوا ..
الغنَّاي حَظَرَ على حبيبِهِ القديمَ المرورَ به .. أو المرورَ قريبًا من مكانِ وجودِهِ، حفاظًا على سلامتهما، وحرصًا على عدم اشتعالِ نارِ اللوعةِ، ذلك حين أدركَ – بمروره بِهِ – أنه لا يزالُ واقعًا تحتَّ نيرانِ الاشتياقِ.. مهدَّدًا باضطرامِها فيهما ..
الغنَّاي بعفويَّةٍ وذكاءٍ وحرقةٍ بالغةٍ، أراقَ ماءَ المجازِ السِّحْريِّ على وجه أغنيتِهِ فبلَّلَها بالوجدِ الفخيمِ.. وجانسَ بينَ الزمانِ والمكانِ اندغامًا بين اللهفة والشهقة.. بين الرؤية الصاعقة، والعبورِ القتولِ.. بينَ المفاجأةِ والسقوطِ..
وكيف لا يتجانسُ الزمانُ والمكانُ لحظَةَ العِنَاقِ الحميمِ.. لحظةَ مرورِ العاشقِ بمعشوقِهِ .. لحظةَ الاضطرامِ المَهَولِ.. !!؟
إنه اضطرامٌ لن يتوقَّف بكلِّ إطفائيَّاتِ الكونِ، وبجميع طرائقِ إخمادِ الحرائقِ .. لسببٍ بسيطٍ جدًّا، لأنَّهُ كعاشقٍ مدمنِ الاحتراقِ لن يجدَ عزمًا أبدًا .. لذا سَيَظَلُّ وَاقِفًا فِي ذلكَ المكانِ المُلَغَّمِ، وفي ذلكَ الزَّمَانِ المُعَطَّلِ: مُحَذِّرًا في عَبَثٍ سِيزِيفِيٍّ بَائِسٍ:
من هنا نين نلقوا عزم .. من هنا يا اقدم لا تخطَّموا ..