قَدْ يَغْدُو القرِيبُ مَحَلَّ شَكْوَى من قِبَلِ أَقَارِبِهِ حِينَ يَتَعَرَّضُونَ لما يَدْعُوهُمْ لإِظْهَارِ شَكْوَاهُمْ وَبَثِّ حُزْنِهِمْ، وَإِبْدَاءِ مَا حَزَبَهُمْ مِنْ أُمُورٍ مُزْعِجَةٍ، فَإِنْ كَانَ مَا أَصَابَهُمْ مِنْ عَذَابٍ وَوَصَبٍ سَبَبُهُ الأَقَارِبُ، فَإِنَّ الأَمْرَ يُوقِعُ صَاحِبَهُ فِي حَيْصَ بَيْصَ؛ وَفِي هَذَا يَقُولُ الشَّاعِرُ الْجَاهِلِيُّ طَرْفَةُ بْنُ الْعَبْدِ في بَيْتِهِ الشَّهِيرِ عَنْ ظُلْمِ ذَوِي القُرْبَى:
وَظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً * عَلَى الْمَرْءِ مِنْ وَقْعِ الحُسَامِ الْمُهنَّدِ
وَقَدْ أَوْرَدَ طَرَفَةُ الْبَيْتَ السَّابِقَ فِي مُعَلَّقِتِهِ الشَّهِيرَةِ الَّتِي بَدَأَهَا بِقَوْلِهِ:
لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ بِبُرْقَةَ ثَهْمَدِ* تَلُوحُ كَبَاقِي الْوَشْمِ فِي ظَاهِرِ الْيَدِ
وَيَقُولُ الشَّاعِرُ الدُّكتور شعبان عوض العبيدي:
ظُلْمُ الأَحَبَّةِ لا يُسَاغ ُمَرَارُهُ *الصَّمْتُ وَالإِعْلانُ عَنْهُ عَذَابُ
أَجْدَادُنَا زَرَعُوا النَّخِيلَ لِأَجْلِنَا * لَكِنَّنَا نَحْيَا كَمَا الأَغْرَابُ
وَعَنْ هَذَا الظُّلْمِ الفَادِحِ، يَقُولُ الشَّاعِرُ الشَّعْبِيُّ سالم عبد اللهُ العبدليُّ:
والظُّلمْ وَين يْجيكِ مِ البَرَّانِي * موش كيف مِ الـ بن عمّْ، لا يا وِدِّي
وَذَلِكَ مِنْ قَصِيدَتِهِ الَّتي يَقُولُ في مَطْلَعِهَا:
وين ما تريد الرِّجِلْ بِي اتعدِّي* جميع الطرق لصحاب لي اتودِّي
وين ما انجي لْمَكَانِي * واديار هلي لازم ينقلب ميزاني
وانحسّْ الأطلال تديرلي بلعاني * ويطفح شرابي لين يفلق سَدِّي
وَالظِّلم وين يْجيك مِ البَرَّانِي * موش كيف مِ الــ بنعم لا يا وِدِّي
واللِّي ما القيها في الحَبِيبْ الدَّانِيْ * ملامَهْ علي لخرينْ غَيْر اتعدِّي
كما يُوَافِقُ قَوْلَ طَرَفَةَ بنْ العَبْدِ مَضْمُونُ غَنَّاوَةِ العَلَمِ المَأْثُورَةِ:
عيبك لمن نشكيه *** اخطيت يا مشاكي مواجعي..!؟
*****
ومن شعري العامِّيِّ المتواضعِ قلتُ يومًا معاتبًا صديقًا قريبًا على خطإٍ بدرَ منه في حقِّي:
العيب البنادم يخذله تفكيره * ويتوه في مجاهل غابيه وخطيرة
العيب مِ الحبيب الدَّاني * إن جاني أنجاني من كثير معاني
قطع حبل سِرِّي بينَّا هَنَّاني * وسِرِّي انصرَّه ما نقول لغيره
فاجني إنِّي جاني، خطا مجَّاني * جنيت جني منَّا قهر وتغسويرة
وعلي غير نفسه ما يلوم الجاني * إن جاء للخطا جاني احبوب شعيره
إلاَّ عيب صاحيبي طغا وآذاني * وأذاني أعلنته قلت: كَثِّرْ خيره
وأمَّا العيب إن جاك مِ البرَّاني * سريع لو تحمَّلته يْجِفّْ غديره