قصة

بــلا رأس

ما جعلني ابدي استغرابي هذا الصباح لم يكن الظلام الذي عمّ المكان.. ولم يكن فقدي لحاستي السمع والشم.. ولكن الذي استغربته إنني حين زحفت حتى وصلت أمام ما اعتقدت أنه المرآة وضغطت زر الإضاءة، لم أرى نفسي لم يكن هناك سوى الخواء،أمر محير!!.. سرت إلى باب المنزل لأخرج في صباح ولد ميتاً..بارد وكئيب..عتمة اليوم التي ألقت سدولها علىّ أعمتني..حاولت تحسس عيني ولكن لم يقابلني سوى الفراغ،عنق مستدق ومن بعده اللاشيء..متى أضعت رأسي؟!!. وما يثير استغرابي الحقيقي أنني وجدت نفسي أسير في الطريق دون أن أتعثر أو اصطدم بأي عائق ..ولكن متى وأين فقدت رأسي؟؟!!، إنني أشعر بالجوع دون فم ..أشعر برغبة بالثرثرة وسماع النكات البذيئة والبريئة.. ولكن كيف ومتى وأين فقدت رأسي…؟؟!!!

    فجأة تعثرت بشيء وكدت أسقط ..ما هذا الذي تعثرت به رحت أتحسسه..يبدو أنه رأس..من الذي استغنى عن رأسه؟..لا يهم طالما أن له عينين وأذنين وفم وأنف وهو كل ما أريد..لم أضعْ الوقت، ثبتّه فوق عنقي المستدق..انفجر النور في عينيّ وعدت مبصراً..عادت إلىّ حواسي..أخرجت لساني لألعق شفتيّ وأصوات ضجيج العالم المجنون تصل إلى داخل رأسي الجديد، قد تبدو الأشكال غريبة بعض الشيء ولكن لا يهمْ .. ما يهمني الآن أنني أملك رأساً..تابعت جولتي الصباحية لأكتشف أناس بلا رؤوس يتجولون هنا وهناك..أطفال نساء وشبان ، سائقي السيارات كلهم بلا رؤوس..ما هذا الجنون لا بد إنني اهلوس وربما كانت العلة في الرأس التي أضع..أسرعت الخطى عائداً لمنزلي..قرعت الجرس بعنف..فتحت لي زوجتي وكانت بلا رأس..أصابني الذعر..اندفعت إلى غرفتي..أغلقت الباب،أشعلت الضوء..لا بد من اكتشاف الحقيقة.. وقفت أمام المرآة ولم يكن هناك ما يدعو للاستغراب ففي المرآة وقفت صورتي وفوق عنقي رأسي الجديد..قد تبدو أذنايّ طويلتين بعض الشيء ولكن هذا ليس بالمهم فهي تفي بالغرض..رميت بجسدي على السرير واستغرقت في النوم لوقت لا أحصيه..استفقت على يد تهزني..كانت هناك تقف،زوجتي بلا رأس ..غرقت تحت الأغطية ولكنها أصرت على إيقاظي.. حاولت الصراخ وقلت ما يشابه ” اغربي عن رأسي”..ولكن ما خرج من حلقي لم يكن سوى محض نهيق حاد عنيف..      ودعوت الله أن يحفظ رأسي وجميع الرؤوس..

21-1-2001

مقالات ذات علاقة

جـثـتــي

بلقاسم السحاتي

حضن شاغر

المشرف العام

المكحلة

أحمد يوسف عقيلة

اترك تعليق