الشاعر السنوسي حبيب
شخصيات

الأنسان الأديب الشاعر السنوسي حبيب

منذ ثلاثة سنوات مضت فقدت ليبيا أديبها وشاعرها السنوسي حبيب الهوني، الذي يعد علما من أعلامها المميزين الكبار، بإعتباره إنسان جعل من سنوات عمره، حافلات بالعطاء اللامحدود لوطنه ليبيا، ومن خلال هذه المساحة المحدودة، سنعرض بإيجاز بعض محطات شاعرنا الانسان، ونستذكر ماقدمه من تضحيات من أجل أن تكون ليبيا كما طمح لها دائما أن تكون.

الشاعر السنوسي حبيب
الشاعر السنوسي حبيب

ولد شاعرنا الليبي الرائع في مدينة هون عام 1956م، وتوفي في باريس يوم الاثنين الأول من شهر أبريل عام 2013م بعد معاناته من مرض عضال، وخلال سنوات عمره قدم شاعرنا الحبيب دروسا ًعملية، في معنى التضحية، من أجل المبادي والقيم التي أمن بها، وجسدها عبر نصوصه الشعرية الجميلة، نصوصاً كانت دروساً تتغنى  بحب هذا الوطن وعشق الإنتماء إليه، والتضحية من أجله . تلقى في مدينة هون تعليمه الأول وتدرج فيه، بمدارسها الأبتدائية والأعدادية والثانوية، ثم أنتقل للدراسة بجامعة بنغازي في كلية الأداب بقسم اللغة العربية.

وفي بداية سنوات دراسته الأولى بجامعة بنغازي عام 1975م، نشر السنوسي حبيب على حسابه الخاص وبمساعدة من بعض رفاقه، ديوان شعره الأول عن الحب والصحو والتجاوز، وواصل نشاطه الثقافي المميز في ذلك الوقت من خلال مشاركتة الفاعلة في إعداد  الملتقي الأدبي الذي كانت تبثه الإذاعة الليبية  في الفترة من عام  1974 م حتى عام 1976م، إلى جانب مساهمته الهامة في مجموعة من البرامج الإذاعية الأخرى.

أثناء دراسته الجامعية، إنطلق الشاعر الحبيب مدفوعا بحماس الشباب، للمشاركة في تفعيل الحركة الثقافية داخل أسوار الجامعة، وذلك عن طريق إشرافه على نشر العديد من النشرات الثقافية وتنظيمه للمحافل والمناشط التي تهتم بالأدب والثقافة، من محاضرات وندوات ومؤتمرات وغيرها، وبعدها تدريجيا وجد شاعرنا نفسه مع مجموعة من زملائه منخرطين بقوة في العمل النقابي،بإنضمامه للرابطة الطلابية بجامعة بنغازي.

فترة النضال الطلابي ومواجهة قرارات نظام القذافي، كانت مرحلة هامة جداً في مسيرة حياة الشاعر الحبيب، فقام مع مجموعة من رفاقه في النضال بتحريض طلبة الجامعة، وحثهم علانية، على ضرورة أن يطالبوا بإستمرار بتفعيل المؤسسات الديمقراطية في الجامعة وفي ليبيا كلها، وساهم في تفعيل العمل النقابي بشكل مثمر وهادف فكان من ضمن الناشطين الذين رفضوا بشدة العديد من القرارت التي طالب نظام سبتمبر بتطبيقها داخل المدارس والجامعات، وأهمها رفضه ورفاقه عسكرة المدارس والجامعات، وهذا ماجعل النظام السابق يزج به ورفاقه الى السجون.

قضى شاعرنا سنوات طويلة من عمره، داخل كثير من المعتقلات والسجون لمدة أتنى عشر عاما متواصلة، وطوال سنوات سجنه، لم يتوقف عن كتابة الشعر الجميل على بقايا علب السجائر والحيطان، وينشر البهجة ويمد رفاقه بالأمل وقرب الخلاص، فكان الحبيب بمثابة مشعل نور ينير الزنزانات لرفاقه، وقد دخل الحبيب في السابع من ابريل عام 1976م السجن الجمهوري المعروف بالسجن الأسود، وخرج منه إلى سجن الكويفية وهو يجر قدمه اليمنى خلفه متكئأ على عكاز بسبب التعذيب الشديد الذي ذاقه، بعد سجن الكويفية تم ترحيله إلى السجن العسكري، وبعدها إلى سجن الجديدة، ثم سجن الحصان الأسود، وأخيرا قضى سنوات في سجن أبوسليم حتى أطلق سراحه، وأفرج عنه مع كثير من المثقفين ورفاقه في النضال الوطني في يوم 3 من مارس 1988م المعرف بيوم أصبح الصبح.

بعد خروج الشاعر الحبيب من السجن رجع لمدينته هون، ولم ينخرط في العمل الحكومي، وأنما قرر أن يمتهن العمل الحر ليعيل أسرته الصغيرة، فافتتح مقهى، وبعدها أشرف على أدارة مطعم لعدة سنوات، ومن بعدها أفتتح محلا لخياطة الملابس، تركه ليفتح مكتبة ولوازم قرطاسية، تم أفتتح  محلا للمواد الغذائية.

لم يتخلى الحبيب عن هون عشقه الدائم، فكان من المؤسسين لجمعية ذاكرة المدينة، وبعدها لمهرجان الخريف الذي أستقطب كثيراً من الكتاب والشعراء والادباء من داخل ليبيا ومن خارجها، كما شارك الحبيب في أكثر من عشرين منشطاً ثقافياً بين ندوة ومعرض وأمسيات أدبية وشعرية وغيرها، وكتب العديد من المقالات والدراسات الثقافية المهمة في صحف ليبية وعربية، وصدرت له عدة مجموعات شعرية وهي عن الحب والصحو والتجاوز عام 1975م،  والمفازة عام 2002م، وشظايا العمر المباح عام2002م أيضا، وديوان قريبا من القلب عام 2004، ومن ذاكرة المكان عام 2008، وكتاب.

وقبل أن يداهمه السرطان اللعين، وينتقل لرحمة ربه بعد صراع طويل معه، أحتفى به رفاقه ومحبيه في حفل تكريم متواضع بمناسبة نشره لكتابه أتذكر عام 2013الذي سجل فيه بأسلوب أدبي رفيع بعض ماكان في ذاكرته من أحداث أثرت في حياته لعله بذلك، يمنى نفسه بأن لاننساه، وأن يترك لنا ولللاجيال القادمة سيرة شاعر ومناضل وأديب أحبه الليبيون لشاعريته ونضاله ونزاهته ووطنيته، وأحبوا فيه كل ماهو جميل .. رحمك الله ياحبيب، رحمة واسعة وجزاك عن ماقدمته لليبيا كل خير.

مقالات ذات علاقة

النجمُ الذي أفل

يونس شعبان الفنادي

في ذكرى رحيل سليمان كشلاف

بشير زعبية

وفاة الصحفي الليبي الكبير المناضل فاضل المسعودي

رضا بن موسى

اترك تعليق