المقالة

من قال بأن (الخيرة في التوخيرة)؟

إذا تعطلت الطائرة ولم تقلع في موعدها، وحاولت الاعتراض أو ممارسة حقك في الاحتجاج، فلن تنجح، لأنك سوف تحاصر بالنظرات المستغربة، وسوف تلتف حولك علامات التعجب، وسوف تجابه باستنكار مزين بعبارة (كل توخيرة فيها خيرة)، إذ أن الأمر لا يستحق كل هذا الغضب!!!

وسيكون التعجب أكثر إذا ما كان انزعاجك أو قلقك مضاعفا لتأخر المواعيد التي تبرمها مع الآخرين، فلو حرصت على التمسك بحقك في إبداء الامتعاض عمن تأخر الموعد فلن تسلم من التعجب.

فما يهم تأخر ساعة أو أكثر؟

فالغائب (حجته معه) والوقت (لن يطير) والخير كل الخير في هذه (التوخيرة)!!!.

لذلك ركنا إلى الانتظار الدائم ولو كان فيه تعطل لأعمالنا، فالعذر حاضر دائما، وما يهم بعض التأخير طالما أنه مجلل بالخير المستكين في أحرف (التوخيرة)!! وبسبب هذا (الخير الخفي) استعذبنا التسويف الذي يدفعنا للدوران حول أنفسنا بحثاً عن مخرج من دائرة الإجراءات الإدارية التي لا تعرف كيف تبدأ ولا كيف تنتهي.

ففي هذا التسويف ركون للواقع المكلل بانتصارات (التوخيرة الموقرة)!!

ولهذا صرنا مدمنين للمراسلات المستندات المربوطة بإنهاء أي إجراء إداري، وتمسكنا بالخير الموعود في (التوخيرة) كي لا تنتهي متعة التسويف الذي يتيح لنا التلاقي والتعارف وصلة بعضنا، فما يهم الإنجاز طالما أن (الخيرة في التوخيرة)؟ ولماذا الاستعجال مادام (في العجلة الندامة)؟؟ ولماذا الإسراع ومصير من (يسرع يبطىء) ؟؟ ولم العجلة ونحن نؤمن بأن (العمر قد ينتهي قبل انتهاء العمل أحيانا)!!!

ولأن كل (توخيرة) حتما سيكون فيها (خيرة) لم نحسن التخطيط المستقبلي، وصارت معظم قراراتنا فجائية تخضع لمبدأ (الفزعة) وصارت مشاريعنا ارتجالية (تنتهي) قبل أن (نبدأ).

وحرصنا على أن (نبدأ) دائما من حيث (سنبدأ) نحن لا من حيث انتهى الذي قبلنا.

وبذلك تمسكنا بمشروع (إعادة اكتشاف العجلة من جديد) فما يهم أن نبدأ البدايات الجديدة؟ فأين الإثارة والمتعة في طائرة تقلع في وقتها؟ وأين الإنجـاز فـي إجراء لا يأخذ (رحلة مستندية) متشعبة الإجراءات؟ وأين المتعة في حياة مرسومة بمسطرة وقت محددة تطلعك مسبقاً على كل خطوة تقوم بها.

ويفزعك فيها الوقت الذي يقيد كل خطوة تخطوها!!! وأي حياة سوف تعيشها إذا لم تؤمن بأن (كل توخيرة فيها خيرة)؟؟؟

13.08.2010

مقالات ذات علاقة

العمل الارتجالي لا يفيد

المشرف العام

فقرة ناقصة مهمة بمهرجانات التراث

المشرف العام

محطات حول المسألة الأمازيغية..!!!

عطية الأوجلي

اترك تعليق