آمال العبيدي
تَابعتُ باهتمام مؤتمر اليونيسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة، الذي انعقد في المكسيك في أواخر سبتمبر الحالي، والذي شارك فيه 2600 مشارك، و135 وزيراً للثقافة، و83 منظمة غير حكومية، و32 منظمة دولية حكومية، و9 وكالات للأمم المتحدة. وفي ختامه اعتمدت 150 دولة بالإجماع يوم الجمعة الموافق 29 سبتمبر 2022، إعلاناً طموحاً بشأن الثقافة، حيثُ أكد نص الإعلان على أن الثقافة هي “منفعة عامة عالمية”، واتفقت الدول المشاركة على اتباع خارطة طريق مشتركة تعزز السياسات العامة في هذا المجال. وفي هذا السياق؛ ركز الإعلان على إدراج الثقافة في أهداف التنمية المستدامة المقبلة للأمم المتحدة، كهدف محدد قائم بذاته. كما حدد نص الإعلان مجموعة من الحقوق الثقافية، ينبغي مراعاتها في صناعة السياسات العامة الثقافية، وتشمل الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للفنانين، وحرية التعبير الفني، وحقوق مجتمعات الشعوب الأصلية، وحماية التراث الثقافي الطبيعي وتعزيزه. كما أكد الإعلان على تكثيف جهود مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، إضافة إلى تنظيم منتدى عالمي للسياسات الثقافية مرة كل اربعة أعوام، كما أكد الإعلان على أن القطاع الثقافي والإبداعي من أقوى القوى المحركة لتحقيق التنمية في العالم.
كانت المشاركة الليبية بوفد رفيع المستوى ترأسته السيدة وزيرة الثقافة السيدة مبروكة عثمان توغي، حيث ألقت كلمة حيت فيها جهود اليونيسكو، والبلد المضيف للمؤتمر-المكسيك-مشيرة إلى الأهمية التاريخية لليبيا وعلاقاتها بالحضارات القديمة، واشارت في كلمتها إلى حراك ثقافي داخلي وخارجي تشهده ليبيا! كما أشارت في ختام كلمتها إلى المقترحات التالية:-
-التأكيد على ما ورد في بيانات ومؤتمرات سابقة بإعلاء شأن القيم الإنسانية والثقافية التي ترتفع بمستوى الإنسانية، وتحافظ على التنوع الثقافي واللغوي والتقدم الانساني.
-يتم تبني مصطلح الحوار والمصالحة الوطنية لحل الصراعات بالطرق السلمية لإعادة الاستقرار والتعايش السلمي.
-تخصيص مرصد ثقافي مشترك عالمي، يؤكد على تلاحم الإنسانية وإبداعاتها، والحاجة للتعايش المشترك.
-تخصيص منصة لإبداع شباب العالم.
يمكنني القول بأن ما التزمت به السيدة وزيرة الثقافة في هذا المؤتمر، هو المدة الزمنية لإلقاء كلمتها كما حددتها مُسيرة الجلسة وهي 5 دقائق.
أما ما يتعلق بكلمة السيدة الوزيرة، فهي لا تعكس كلمة ممثل لبلد عانى صراعا مسلحا أدى إلى تدمير كامل لبعض مناطق ومدن كان لها دور في المشهد الثقافي الليبي. لم تتحدث السيدة الوزيرة عن أية سياسة عامة للثقافة، أو حتى مشروع لسياسة عامة، أو استراتيجية وطنية للثقافة. لم يكن هناك إشارة لأية قضايا تتعلق بالوضع الذي تعانيه بلاد من تحديات نتيجة الصراع المسلح وأثاره المدمرة التي طالت كل مناحي الحياة بما فيها الثقافة.
لم يُذكر في كلمة السيدة الوزيرة أية إشارة للتحديات والصعوبات التي تواجهها الثقافة في ليبيا. لم يكن هناك أية دعوة لليونيسكو للوقوف مع ليبيا في إعادة المسروقات التاريخية، أو ترميم ما دمرته الحرب. لم تذكر رؤية ليبيا فيما يتعلق بوضع الثقافة ضمن أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وهو موضوع المؤتمر.
اقترح على السيدة الوزيرة، أن تعمل على فتح حوارات مختلفة في شكل ندوات، ولقاءات عامة تتناول ما تم الاتفاق عليه في نص الإعلان الذي وافقت عليه ليبيا من خلال تمثيلك لها. أعتقد انه حان الوقت للتفكير جدياً في وضع سياسة عامة للثقافة، بمشاركة جميع المثقفين ومن لهم علاقة بالشأن الثقافي. العمل الارتجالي في هذا المجال لا يفيد إن أردنا فعلاً وضع سياسة ثقافية تأخذ في اعتبارها كل ما صادقت عليه ليبيا من مواثيق واتفاقيات دولية استهدفت الشأن الثقافي.