27 كتابًا هي حصيلة القاص أحمد يوسف عقيلة، تنوعت بين القصة والمقالة والتأريخ الشعبي التراثي، برز عقيلة بشكل غير مسبوق في مجال القصة القصيرة باختياره ملعبًا عاش فيه وفهم كل أسراره وهو البيئة الجبلية التي عاش ويعيش فيها وما حوته من تراث وتاريخ وتنوع طبيعي للحياة البرية والإنسانية.. «بوابة الوسط» حاورته في عدة قضايا وطنية وتاريخية وإنسانية، كذلك قضايا فنية تخص فن القصة القصيرة والموروث الشعبي، في محاولة للوقوف على أسباب ما نعيشه حاليًا من مشكلات.. وإليكم نص الحوار:
في الأساس أزمتنا ثقافية
أزمتنا بالأساس أزمة ثقافة.. حتى الثائر الحقيقي الذي ترك أسرته وخرج بسيارته الخاصة للجبهة نراه، رغم حسن نواياه، يقوم بسلوكيات متخلّفة.. لأنه إفراز بيئة متخلّفة.. لم يسعفه حسن النوايا.. فالمجتمع المتخلف مُخرجاته متخلفة بالضرورة.. والأعجب أنك ترى أصحاب السلطة يصدرون قانون (تحصين جرائم الثوار)!! إذا كنا قد رفضنا قمع القذافي.. فينبغي أن نرفض أيضًا قمع (الثوار).. يجب أن نكون ضد الفكرة بغضّ النظر عن صاحبها.. وليس ضد الأشخاص في ذواتهم.
القياس على الأسوأ
ستجد بعض الناس يترحّمون على أيام الدكتاتور.. إذا جاء بعد الدكتاتور من هم أسوأ منه.. فهل يعني هذا أن الدكتاتور كان جيدًا؟! إنه القياس على الأسوأ..! هذا يذكّرني بزيارة قام بها (أمين اللجنة الشعبية العامة للصحة) لمستشفى الجلاء في بنغازي.. حين اشتكوا له من تدني الخدمات قال: (احمدوا ربكم.. مستشفى أجدابيا ما فيش أمويّة)..!!
قرارات عاطفية
الكثير من قرارات ساستنا عاطفية.. مثل المسارعة بنقل السلطة إلى طرابلس قبل أن تستقر فيها الأمور.. ومنحة الثوار التي جعلت (الثوار) أكثر من 300 ألف بين عشية وضحاها.. تمامًا مثل قرارات القذافي العاطفية في وحداته الاندماجية مع دول الجوار.. التي تبدأ بالأحضان والقبلات.. وتنتهي بالشتائم والقطيعة.. والحرب أحيانًا..!!
أحارب القبح بمزيد من الأزهار
أحاول أن أعيش حياتي بشكل طبيعي على الرغم من الأحداث الجارية.. أهتم بحديقتي المنزلية.. زرعت الكثير من الأزهار.. إنها محاولة لمقاومة كل هذه القبح الذي يريدون تغليف حياتنا به.. يلومني بعضهم لأنني أنشر مناظر طبيعية من الجبل الأخضر على صفحتي في فيسبوك.. يقولون: (الدنيا حرب وأنت تنشر صور الأزهار!؟).. هل يريدون مني أن أنشر صور الجثث والرؤوس المقطوعة لأشارك في مهرجان البشاعة والقبح؟! ينبغي أن نقاوم القبح.. فالقبح ليس قدَرًا.
الفرح مقابل المشنقة
الحياة ينبغي أن تستمر مهما كانت الظروف.. آباؤنا في المعتقلات الإيطالية كانوا يقيمون الأفراح.. يتزوجون.. على الرغم من مشاهد الشنق اليومية.. الفرح في مقابل المشنقة.. تلك كانت وسيلتهم للمقاومة داخل الأسلاك الشائكة.. لذلك لم تتشوّه أرواحهم.
الخطوط الحمراء الحالية كثيرة ومتشابكة
المفارقة أن هامش الإبداع في العهد السابق كان أوسع من هامش الإبداع حاليًا.. كنّا نعرف الخط الأحمر العريض.. كان واضحًا لا لبس فيه.. كنّا نتحايل على تخطّيه أو مساسه ولو من بعيد.. أمّا الآن فالخطوط الحمراء كثيرة ومتشابكة.. كأنك تسير في متاهة.. أو فوق أرض ملغّمة.. ستجد من يؤول نَصك وفق هواه.. ويلوي أعناق الكلمات ليحمّلها ما لا تحتمل.. الشيطان لا يكمن في التفاصيل فقط.. بل في التأويل أيضًا.. شيطان التأويل ألعن من شيطان التفاصيل..!!
التراث رافد مهم للإبداع
الاهتمام بالتراث لا يؤثر سلبًا على الإبداع.. على العكس من ذلك.. التراث رافد.. بل منهل للإبداع.. المهم هو كيفية توظيفه.. فالتراث يحتاج إلى إعادة قراءة متأنية.. وإلى غربلة.. وأن نبتعد عن نظرة التبجيل والتقديس.. فالتراث جهد بشري لا قداسة له.. القداسة سياج بين المقدَّس وانتقاده.
آباؤنا المؤسسون وحدّوا ليبيا
الأمور ستسير على ما يرام في نهاية المطاف.. ليبيا في تاريخها مرّت بظروف أسوأ مما تمر به الآن.. ما يحدث الآن هو غربلة للمجتمع.. على الرغم من قساوتها.. إلا أن المجتمع يحتاج إلى هذه الغربلة أحيانًا.. لا أحد يستطيع أن يكذب على الناس بعد اليوم.. لقد فضحت هذه الأزمة كل المتسترين خلف أي طلاء.. أنا لا يمكنني أن أتصور ليبيا إلاّ واحدة.. لقد كان آباؤنا المؤسسون أبعد نظرًا منا.. تجاوزوا خلافاتهم.. قالوا عن كل ما حدث سابقًا (ساس وطاح علي ظله).. وحّدوا ليبيا بأقاليمها الثلاثة.. وأسسوا دولة حقيقية.. إذا كنا لسنا أفضل منهم.. أفلا نستطيع أن نكون مثلهم على الأقل؟
القصة القصيرة تفوز بنوبل
فوز أليس مونرو بنوبل العام 2013، وهي قاصة، يمنح القصة القصيرة أهمية كبيرة لا تقل عن أي شكل من أشكال الإبداع الأخرى.. يلحّ عليّ بعض الأصدقاء لكتابة الرواية.. تخيفني المساحة الكبيرة.. أخشى أن أقع تحت طائلة إغراء الكتابة.. المساحة الكبيرة بقدر ما هي فضاء.. فهي قد تكون متاهة أيضًا.. حتى في بيتي لا أحب قطع الأثاث الكبيرة..!!
لم أخض في التجريب القصصي
لم أغامر بخوض بعض التجارب الحديثة في القصة القصيرة.. فأنا شخص مرتّب ومنظّم في حياتي أكثر مما ينبغي.. ولدي فوبيا الأماكن المظلمة والمرتفعة.. لعل ذلك انعكس على كتابتي.
حول توظيف الآثار الإغريقية والرومانية
بالرغم من كثرة الآثار الإغريقية والرومانية إلاّ أنني لم أوظّف التاريخ الإغريقي ولا الروماني.. لا أدري.. لكنني لم أستطع أن أؤسس علاقة بذلك التاريخ.. أحس بأنه مفصول عنّا.
درس السلفيوم .. درس النفط
الشيء الذي لفت انتباهي في التاريخ الإغريقي هو اعتمادهم على السلفيوم كمصدر أساسيّ في الثروة حتى انقرض ورحلوا.. تمامًا كما نفعل اليوم مع النفط.. مصدر وحيد نستنزفه.. فهل سنرحل نحن أيضًا بعد استنزاف النفط..؟!.
جديدي
لدي الآن مجموعة قصصية جديدة بعنوان (ثور الاستيلاد).. كُتبت قصصها بين العامين 2013 و2014م.. أرصد في بعضها التغيرات الحاصلة في مجتمعنا في السنوات الأخيرة.. وستُطبع قريبًا.
_____________________
نشر بموقع بوابة الوسط