جامعة سبها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدى علماء اللغة إلى تأليف المعجمات؛ التي أشرقت أنوارها فأزالت عن ألفاظ العربية في تاريخها الطويل دياجي الظلمات، وصلى الله وسلم على من أوتي جوامع الكلم ونطق بأفصح الألفاظ والعبارات، وعلى آله وصحبه الذين حازوا في الفضل مرتبة النهايات.
وبعد:
بمناسبة الاحتفال بلغة القرآن في يومها العالمي؛ فإنه يسعدنا إعلامكم بأن جامعة سبها قد نالت شرف المشاركة في مشروع علمي كبير سيعود بالنفع العظيم على الأمة العربية خاصة، وأمة الإسلام عامة، هو تأليف معجم يؤرخ لألفاظ اللغة العربية خلال مدة زمنية تصل إلى 1700عام، يسمى (المعجم التاريخي للغة العربية) وقد كان هذا المعجم أمراً صعب المنال؛ طالما حَلَمَت الأمة بتحقيقه منذ قرن من الزمان، ولكن حال بينها وبين تحقيقه عقبات ومصاعب شتى، علمية، ومالية وتقنية، وزمانية ومكانية.
وكانت البداية في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، عام (1936م)عندما شُكِّلت لجنة لإعداد المشروع برئاسة المستشرق الألماني (فيشرأَوْجُسْت)، ولكن اللجنة توقفت بسبب الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1971م تأسس اتحاد المجامع اللغوية برئاسة الدكتور طه حسين، وتولى مشروع المعجم التاريخي للغة العربية، لكن المشروع تعثر لأسباب عديدة، وفي عام 2006م استأنف اتحاد المجامع اللغوية العربية العمل بدعم مادي من الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، ثم أنشئ مجمع اللغة العربية بالشارقة عام 2016م، وأسندت إليه مهمة متابعة المشروع تحت مظلة اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية.
وفي عام 2019م أُطْلِق المشروع، وبدأ التحرير المعجمي في المجامع اللغوية بمشاركة أكثر من 300عالم وباحث لغوي، وأُنشِئت المدونة الحاسوبية للمعجم، واستمر العمل في المعجم على مراحل حتى أُنجِز كاملا بتاريخ 30/9/2024م. في (127)مجلداً
مشاركة جامعة سبها
انطلاقا من المسؤولية الملقاة على عاتق أعضاء هيئة التدريس لخدمة الجامعة والمجتمع، وإدراكا لأهمية الأعمال العلمية الكبرى في تبوء الجامعة للمنزلة التي تسعى لتحقيقها في التصنيفات العالمية، شارك في تأليف المعجم ثلاثةٌ من أعضاء هيئة التدريس في جامعة سبها ضمن الفريق الليبي المشارك في تأليف المعجم، بالتنسيق مع مجمع اللغة العربية الليبي، وقد شارك أساتذة الجامعة في تحرير(15) مجلدا من المعجم، وتوزعت جهودهم بين حروف: ( الثاء، والحاء، والسين، والعين، والقاف، والكاف، والميم، والنون، والهاء).
وقد كانت طبيعة التحرير في هذا المعجم شاقة عصية، لا يطيقها إلا من أُوتِيَ جَلَدَا وصبرا على التأليف، ولكن ذلك لم يَفُتَّ في عَضُدِ الأساتذة الأجلاء؛ فعملوا بجد وواصلوا ليلهم بنهارهم حتى وفقهم الله إلى تحرير جذور كثيرة من المعجم بلغت (25) جذرًا لغويا.
والأساتذة المشاركون هم:
1- الدكتور محمد أحمد مجتبى: أستاذٌ في قسم اللغة العربية لغير الناطقين بها بمركز اللغات. شارك بتحرير (15) جذرا لغوياً من جذور المعجم، ضمت كثيراً من المداخل الثلاثية والرباعية .
2- الدكتورة نوارة محمد عقيلة: أستاذةٌ في قسم اللغة العربية – كلية الآداب، شاركت بتحرير (6) جذور، ضمت كثيراً من المداخل الثلاثية والرباعية.
3- الدكتور أحمد مجتبى السيد: أستاذٌ في قسم اللغة العربية- كلية الآداب، شارك بتحرير(() جذور، ضمت مداخل ثلاثية ورباعية كثيرة.
وهذا المعجم هو ديوان ألفاظ الأمة، وموئل الأنساق اللغوية التي يستعملها أبناؤها وخزان تعابيرها، ونثرها وشعرها، ولا شك أنه إضافةٌ نوعيَّةٌ مهمة في التأليف المعجمي، سيجد فيه المتخصصون والدارسون مبتغاهم، وسينهلون من مَعِينِه العذب ويُنزِّهون الطَّرْفَ والفِكر في رِياضِهِ الغَنَّاء؛ يتذوقون المعاني ممزوجة بين ما عُتِّق منها في دِنانِ الأولين، وما استُحدِث منها عند الآخرين.
وفي الختام فإنه يسعدنا أن نتوجه بخالص الشكر، إلى كل من عمل في تأليف هذا المعجم، أو كان سببا في ذلك، أو َوجَّهَ نصيحة، أو أدلى برأي، أو حل معضلة، أو يسَّر عسيراً، وجزى الله الجميع خيراً وإحساناً، وأنال معجمنا القبول الحسن، إنه على كل شيء قدير.
ونبارك للأمة العربية الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها هذا الإنجاز الكبير، وهنيئاً لها بصدور الطبعة الأولى من المعجم التاريخي لألفاظ لغة القرآن الكريم، الذي سيكون مفخرةً لها بين الأمم.