الذكرى الـ30 لرحيل الكاتب والمفكر الليبي الصادق النيهوم
كتب سالم الكبتي: زمان. أيام جريدة الحقيقة. كان الصادق النيهوم ينشر بعض المقالات القصيرة جدا إضافة الى مقالاته الاسبوعية الشهيرة ودراساته الفكرية والاجتماعية والادبية. أغلب القراء ظلوا في غفل عن تلك المقالات القصيرة وهي مهمة في تاريخ عطاء النيهوم ونتاجه تلك الايام. في العمود اليومي بالصفحة الاخيرة (قف دقيقة).
في أحد أيام يوليو 1968 نشر هذا المقال (التطور الحقيقي) فأقرأوه بالهناء!
التطور الحقيقي
الصادق النيهوم
المغزل، تلك الآلة المتناهية البساطة التي لم تكف عن الدوران في خيامنا البدائية منذ بداية وصولنا إلى ليبيا إلى يوم وصول أصواف هيلد الممتازة المصنوعة بمغازل إنجلترا، آلة لا يجوز أن ننساها كلية على عادة أغنياء الحرب.
إنها قطعة من تاريخنا، قطعة من أحسن سنواتنا عندما كنا نعمل بأيدينا وننتظر المطر ونغني في مواسم جز الصوف ونكتب الأشعار في إطراء مغازل الفتيات. وإذا كان المرء لا يتوقع منكم الآن إن تتخلوا عن أصواف هيلد وتغزلوا ملابسكم بأنفسكم فأن المرء أيضا لا يتوقع منكم أن تديروا ظهوركم لماضيكم على عادة أغنياء الحرب وتتركوه يموت في غمرة النسيان باعتبار إنه ماضي الرجال الفقراء وحدهم.
المغزل ماضينا جميعا، وموضع فخرنا وصديقنا الذي ظل يلف بلا انقطاع على ركب أمهاتنا لكي يمدنا بالدفء والكساء حتى وقعنا في أصواف هيلد.
وإذا كنا الآن عاجزين عن العودة إلى ماضينا، وإذا كنا الآن ندعو ذلك العجز رغبة في التطور، فأن التطور الحقيقي يعني بالتأكيد إن نتذكر ماضينا بدرجة الوضوح المطلوبة.
فتذكروا المغزل.
وتذكروا أغاني أمهاتنا عند عمود الخيمة فيما كان المغزل يلف ويمدنا بالكساء، وإذا رأيتم أحدا من مصلحة البريد فقولوا له إن العالم سوف يحترمنا خطوتين اكثر إذا رآنا نضع مغازلنا البدائية على طابع بريد اعترافا بالجميل.
أجل تذكروا.
