الطيوب | حاورها : مهنَّد سليمان
قد لا يخفى على أحد منا حجم الطفرة التي أحدثتها سنوات ما بعد عام 2011م من تغيرات دراماتيكية ألقت بظلالها على جميع ميادين الحياة ببلادنا، وفي مقدمتها أجهزة الإعلام التلفزيوني، وما عكسه واقع التطور الملحوظ على حساسياته المختلفة فأصبح رقما داخل المعادلة بعد عقود طويلة طالها التكلس، وهيمنة الأنماط الكلاسيكية الجامدة مما جعل الإعلام الليبي خارج نطاق التأثير عن محيطه العربي والإقليمي لزمن ما دعا المتلقي المحلي للانصراف عن متابعته، وربما نحن كنا بحاجة إلى هذا المخاض العسير الذي امتدت صيرورته لما يزيد عن أربعة عشرة عاما كي نتجاوز سذاجة البدايات وهنّاتها الطفولية، ولعلنا خلال السنوات الأخيرة بتنا نشاهد ظهورا متميزا لكوكبة من الوجوه الشابة حيث استطاعت إثبات حضورها بجِديِّة وتفانٍ، ومن بين هذه الوجوه الناضجة الإعلامية الشابة “نسرين العالم” فمن برنامج (العشية) مرورا ببرنامج (نسوة) وصولا لبرنامج (هنا ليبيا) الذي تذيعه قناة (الوسط الإخبارية) تدرّجت ضيفتنا نسرين العالم وعبر هذه النافذة تُحدثنا عن ظروف بروزها الأول على الشاشة الصغيرة وشغفها بالتقديم التلفزي، ومقدار التحديات التي يواجهها الإعلام الليبي والإعلاميات الليبيات.
حدثينا أولا عن بداياتك الأولى في الإعلام؟
البداية جاءت عن طريق اختياري للعمل ضمن الفريق الإعلامي العامل بقناة 218 لتكون نقطة الانطلاق من هناك في برنامج (العشيّة) وسط بيئة خصبة احتضنتي، وكانت سانحة بالنسبة لي صقلت من خلالها أدواتي المعرفية على نحو احترافي وضعني على ناصية الطريق.
متى نما شغف التقديم التلفزي لديك؟
بعد ممارسة هذه المهنة ووقوفي على أسرارها, وقعت في حب فكرة التقصي والحصول علي المعلومة، وايصالها بشكل صحيح ونزيه, بالاضافة إلى تكوين علاقة تبادلية مع المشاهد والمتلقي لتكون اللعبة على هذا النحو: أنا أقدم المحتوى وهو بدوره يُحلل ويُقيِّم.
كيف يمكن للإعلامي اليوم أن يثبت نفسه وسط زخم السوشال ميديا ؟
أعتقد أن ذلك يتم عبر مران يكتسب فيه الإعلامي خصوصيته الثقافية كي يحقق الوعي والاتزان المطلوبين لاسيما في ظل الفوضى القائمة، ويبقى دائما الحكم للمشاهد الذي أصبح على درجة كبيرة من الوعي، وعلى الإعلامي الناضج أن يضع ذلك موضع الاهتمام والاعتبار .
هل تلتزم المؤسسات الإعلامية في ليبيا اليوم بالشروط المهنية والموضوعية للعمل الصحفي والإعلامي ؟
المتتبع للمشهد الإعلامي والصحفي في بلادنا لا يكاد يلمس كثيرا التزام المؤسسات الإعلامية بقواعد العمل المهني وشروطه الموضوعية فالخطاب الإعلامي الليبي السائد اليوم غالبا ما يخضع للأهواء الشخصية والمنافع الضيقة.
برأيك ما هو وجه التطور الذي لامس الإعلام الليبي طوال العشرية الأخيرة ؟
أعتقد أن أحد مناحي التطور يتمثل الصورة، وكيفية التفاعل مع المتلقي دفعت بالكثير من القنوات الإعلامية إلى سجال التنافس على ذوق واهتمام المشاهد، ما يُحقق صالح الجميع، وقياسا بالشكل النمطي للإعلام الليبي القديم سنكتشف مقدار التطور والتغيير للإعلام الحالي، نعم يسير بوتيرة بطيئة لكنّ دون شك هو يتخذ مسار التطور.
كيف يمكن للإعلامي والصحفي الليبي حماية نفسه في ظل ميوعة القانون ؟
على الصعيد الراهن لا أرى أية طريقة تُمكِّن الإعلامي الليبي من حماية نفسه خاصة إزاء ترهل بعض القوانين المعنيّة الموجبة لضمان حقوقه وحمايته، فالإعلامي الليبي اليوم ما بين مطرقة غياب القانون وسندان الانفلات الأمني.
ما هي أبرز التحديات التي مازالت تواجه المرأة في مجال الإعلام؟
ينبغي أن يُعطى للمرأة فرصة ومساحة أكبر، فضلا عن أهمية وجودها للحديث عن كل ما يهم قضايا النساء وهمومهم اليومية، وقبل ذلك علينا أن نعي بأن المرأة الليبية كيان إنساني متكامل مَعنيٌّ بالشأن العام لبلادنا فهي قادرة على التصدي لأزمات الراهن اليومي كغلاء الأسعار وتهريب المحروقات، والانتخابات والصحة والجمال، وما يجري من أحداث حول العالم، وبذا لا مناض من إتاحة فرص عمل متكاملة أمام العنصر النسائي لتقديم محتوى إعلامي ناضج.
إلى أي مدى برأيك استطاعت الإعلامية الليببة فرض حضورها على الساحة ؟
وفق رأيي الإعلامية الليبية إذا ما أتحيت لها الفرصة فهي تملك من الوعي والإمكانات التي تجعلها قادرة على فرض نفسها، وإنما مقياس ذلك يرجع لأدواتها واجتهادها ومخزونها الثقافي فقط.
ماذا ينقص الإعلام الليبي ؟
ربما أبرز ما يعوز الإعلام يتمثل في حتمية وجود رؤوس أموال شابة ذكية ووطنية وطليعية تساهم في تمويل الكوادر الإعلامية الواعدة الطامحة أن يكون إعلامنا الليبي فاعلا ومؤثرا على الخارطة العربية والعالمية، وهذا قد لا يتأتى إلا من لدن أفراد يؤمنون أن لليبيا حق بإعلام نزيه ومحترم.
ماهي تطلعاتك نحو المستقبل ؟
دون شك تتعدد تطلعات المرء منا تبعا لظروف المرحلة وأولوياتها ولازلت في خضم البحث والمفاضلة عن الأكثر حماسة ومتعة.
كلمة أخيرة:-
أشكركم على هذا اللقاء الكريم، وأتمنى من جميع الجهات المعنيّة توزيع الفرص لمن يستحق، وفتح المجال أمام الأجيال المقبلة للتعبيرعن ذاتها وتقديم الدعم لهم عبر منظومة إعلامية جادة وحقيقية تليق بمستقبلهم.